عصبة أبي بصير أسوة جنود الخلافة في بلاد المشركين [1/2] بهجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى ...

عصبة أبي بصير
أسوة جنود الخلافة في بلاد المشركين
[1/2]

بهجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى يثرب وإقامته الدولة الإسلامية فيها، صارت المدينة دار إسلام يجب على كل المسلمين الهجرة إليها، وعلى رأسهم المسلمون في مكة، الذين هاجروا في سبيل الله أفرادا وجماعات، ومع اشتعال الحرب بين المسلمين وكفار قريش وقع الجزء الأكبر من عبء هذه الحرب على هؤلاء المهاجرين الذين تبرؤوا من كفار قومهم، وناصبوهم الحرب، ومع كل مهاجر جديد من مكة كانت شوكة المسلمين تقوى، وشوكة المشركين تضعف، لذلك جعل أئمة الكفر في مكة هذا الأمر في رأس بنود اتفاق صلح الحديبية الذي عقده الرسول -صلى الله عليه وسلم- معهم، بأن يتعهد المسلمون بردّ من جاءهم من مسلمي مكة إليهم، وقدّر الله أن يكون أول من يقع عليه هذا الأمر، أبو جندل بن سهيل بن عمرو -رضي الله عنهما- فردّه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى المشركين، وأَعيُن المسلمين تفيض من الدمع، وقلوبهم تغلي من الغيظ والغضب، ولكنهم ما كان لهم إذا قضى الرسول أمرا إلا أن يسلّموا تسليما.

ورغم ذلك لم يتوقف المسلمون في مكة عن سعيهم للخروج من حكم المشركين، والانتقال إلى دار الإسلام، وإعلان العداوة لأعداء الله، فكانت قصة الصحابي الجليل أبي بصير -رضي الله عنه- التي روتها كتب السنن والسير، ففي رواية الإمام البخاري -رحمه الله- عن المسور بن مخرمة ومروان، رضي الله عنهما: «رجع النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة، فجاءه أبو بصير رجل من قريش وهو مسلم، فأرسلوا في طلبه رجلين، فقالوا: العهد الذي جعلت لنا، فدفعه إلى الرجلين، فخرجا به حتى بلغا ذا الحليفة، فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدا، فاستله الآخر، فقال: أجل، والله إنه لجيد، لقد جربت به، ثم جربت، فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه، فأمكنه منه، فضربه حتى برد، وفر الآخر حتى أتى المدينة، فدخل المسجد يعدو، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين رآه: (لقد رأى هذا ذعرا)، فلما انتهى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: قُتل -واللهِ- صاحبي وإني لمقتول، فجاء أبو بصير فقال: يا نبي الله، قد -والله- أوفى الله ذمتك، قد رددتني إليهم، ثم أنجاني الله منهم، قال النبي، صلى الله عليه وسلم: (ويل أمه مِسعَر حرب، لو كان له أحد)، فلما سمع ذلك عرف أنه سيردّه إليهم، فخرج حتى أتى سِيف البَحر، قال: وينفلت منهم أبو جندل بن سهيل، فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير، حتى اجتمعت منهم عصابة، فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشأم إلا اعترضوا لها، فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- تناشده بالله والرحم، لما أرسل، فمن أتاه فهو آمن».

فإغلاق طريق الوصول إلى جماعة المسلمين في المدينة، لم يمنع أبا بصير وأبا جندل وإخوانهم من السعي إلى استنقاذ أنفسهم من حكم الكفار واضطهادهم، بل ولم يمنعهم من أن ينصروا جماعة المسلمين، ويقاتلوا المشركين، بإعلان الحرب عليهم، وقطع الطريق على قوافلهم، وقتل رجالهم، واغتنام أموالهم، بالرغم من حالة العهد بين قريش وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- ما دفع المشركين إلى أن يتنازلوا عن شرطهم الذي انقلب عليهم ويلاً وثبوراً، فجاءوا يسألون النبي -صلى الله عليه وسلم- بما يجمعهم بهم من رحم وقرابة أن يرسل في طلب أبي بصير وعصبته فيهاجروا إلى المدينة ليشملهم بذلك عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقريش بترك الحرب والقتال بضع سنين، فيأمنوا بذلك على أموالهم وأنفسهم التي صارت مهدّدة من المجاهدين، وهذا ما كان.

وإن أفعال مجاهدي الدولة الإسلامية اليوم التي تشابه كثيرا أفعال الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم- لا تقتصر على من هم في صفوف جيش الخلافة في ولايات الدولة الإسلامية المختلفة، وإنما امتدت أيضا لتشمل المقيمين منهم في دار الكفر ممن أعجزهم الوصول إلى دار الإسلام، الذين أطاعوا أمر إمامهم بقتال المشركين ما استطاعوا، وبما استطاعوا، وأن يحققوا أي نكاية في صفوف المشركين مهما صغرت، لأن فيها تخفيفا عن المسلمين الذين تحالف ضدهم الصليبيون وأجلبوا عليهم بجيوشهم وطائراتهم، فقام نفر من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ليقوموا بغزواتهم الفردية ضد الصليبيين، في مواقع متعددة، وبطرق جديدة مبتكرة، فهذا يهاجمهم بسلاح رشاش أردى به أكثر من 100 من أتباع قوم لوط في أمريكا قتلى وجرحى، وآخر لم يجد إلا سكين مطبخ ذبح بها ضابطا في الشرطة الفرنسية، وثالث استخدم سيارة شحن ليسحق بها جمعا من الصليبيين المحتفلين بـ «عيد فرنسا الوطني»، وآخرون في جزيرة العرب أعلنوا براءتهم من الطاغوت بقتل أقرب الناس إليهم من جنود الردّة في واحدة من أسمى صور الولاء والبراء، وغيرهم كثير، والحمد لله.


* المصدر: صحيفة النبأ - العدد 40
الثلاثاء 21 شوال 1437 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

زَقُّومُ مَجَالِسِ النِّسَاءِ [3/3] أما النميمة وما أدراك ما النميمة، فتلك أمرها أشد وأعظم من ...

زَقُّومُ مَجَالِسِ النِّسَاءِ
[3/3]

أما النميمة وما أدراك ما النميمة، فتلك أمرها أشد وأعظم من الغيبة، وهي -كما عرّفها أهل العلم- نقل كلام الناس بعضهم إلى بعض على جهة الإفساد بينهم، وقد ذم الله -عز وجل- النمَّامين في محكم التنزيل فقال تعالى: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} [القلم: 10-11]، وقال النبي، صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة قَتَّات) [متفق عليه]، والقَتَّات النَمَّام الذي ينقل الكلام بين الناس بغية الإفساد وإحداث فتنة، وما أبغض هذا الخُلُق وأسوأه، وكيف يطيب عيشه وينام ليله من كان هذا طبعه؟ وعن يحيى بن أبي كثير -رحمه الله- قال: «النمّام يفسد في ساعة ما لا يفسد الساحر في شهر» [الآداب للبيهقي].

وبعض النسوة لهن أكثر من وجه، فتجد إحداهن تأتي هذه بوجه والأخرى بوجه، وقد روى الشيخان من حديث أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (وتجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه، ويأتي هؤلاء بوجه)، وما تكاد النمّامة تسمع من مسلمة كلمة في حق أخت لها، حتى تطير بها إليها زاعمة أن ذلك من المحبة والإخلاص، كذبت والله، فهذا من إفساد ذات البين، فما تنقل المُحِبَّة لأختها ما يكدّرها وينزغ بينها وبين مسلمة، وما تمشي من تخشى الله واليوم الآخر بوقيعة بين المسلمين، فلتحذر المسلمة من أن تكون من الفاسقات، إن هي سلكت سبيل المشّائين بنميم إذ يقول الله، عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ} [الحجرات: 6].

والنميمة من موجبات عذاب القبر، فعن ابن عباس قال: «مرّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على قبرين، فقال: (أما إنهما ليُعذَّبان وما يُعذَّبان في كبير، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله)» [متفق عليه].

ولتعلم من يبلغها من أختها شرّ في حقها أن من نقلت لها ستنقل عنها حتما، هكذا هي معادلة النمامين! وعليها أن تردّها وتنهرها وتقبّح صنيعها وتذكّرها بالله وشديد عقابه علَّها تنزجر وتتعظ.
وأخيرا: حذار حذار يا أَمَة الله من أن تأتي يا مسلمة يوم القيامة مفلسة من الحسنات التي كنت تجمعينها بصلاتك وزكاتك وقراءتك القرآن وتحريضك وهجرتك... إلخ، روى مسلم عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أتدرون من المفلس؟) قالوا: «المفلس فينا يا رسول الله، من لا درهم له، ولا متاع»، قال: (المفلس من أمتي يوم القيامة من يأتي بصلاة، وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم عرض هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وضرب هذا، فيقعد فيقتص هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته، قبل أن يقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم، فطرح عليه، ثم طرح في النار).

وحريّ بالمسلمة مريدة الآخرة أن تجعل من بيتها منارة من منارات الهدى، ومن مجالسها شعلة من مشاعل الإيمان، فلا تقومنّ من مجلس كمن تقوم من على جثة حمار، لحديث النبي، صلى الله عليه وسلم: (ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه، إلا قاموا عن مثل جيفة حمار وكان لهم حسرة) [رواه أبو داود].

كما عليها أن تختار لنفسها صحبة صالحة تعينها على أمر الآخرة، فيجتهدن لتعلم أمر دينهن والسؤال عما ينفعهن.


* المصدر: صحيفة النبأ - العدد 40
الثلاثاء 21 شوال 1437 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

زَقُّومُ مَجَالِسِ النِّسَاءِ [2/3] وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إن ...

زَقُّومُ مَجَالِسِ النِّسَاءِ
[2/3]

وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأسا، يهوي بها سبعين خريفا في النار)، ولفظ (الرجل) هنا لا يعني أن المعنيين بالخطاب الرجال فحسب، بل المرأة كذلك يشملها هذا الحديث وهذا الوعيد، وإن كانت كلمة تفعل بصاحبها هذا الفعل، فكيف بكلمات وكلمات، بل كيف بمجالس تدوم لساعات وساعات، لا حديث فيها إلا عن فلان أو فلانة.

والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه) [رواه مسلم]، نعم عرضه الذي لا ترقب فيه المغتابة إلّاً ولا ذمة، فنجد الواحدة من النساء رقيقات الدين تلوك في عرض أختها المسلمة دونما خوف أو رادع لها.

ويحك يا مسلمة، أما بلغك حديث نبيك -صلى الله عليه وسلم- إذ يقول: (لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم) [رواه أبو داود]، نعم هذا حال الواقعين في أعراض المسلمين في الآخرة والعياذ بالله، أم حسب المغتابون أنهم لا يُسألون؟!

وعن ابن عمر -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال) [رواه أبو داود].

أتدرين ما ردغة الخبال يا مسلمة؟ قال ابن الأثير: «جاء تفسيرها في الحديث أنها عصارة أهل النار، والردغة، بسكون الدال وفتحها: طين ووحل كثير».

روي أن الإمام ابن سيرين -رحمه الله تعالى- ذكر رجلا فقال: «ذاك الرجل الأسود»، فخاف وجزع ثم استدرك: «أستغفر الله، إني أراني قد اغتبته»!
فلتحذر المسلمة من هول يومٍ عظيم، فالله -تبارك وتعالى- قد يغفر لك ما كان في حقه عليك من تقصير أو تفريط، أما حقوق عبيده الذين تعديتِ عليهم فلن يغفرها حتى يعفوا هم عنك، ولتعلمي أن مجالسك الدنيوية ستكون يوم القيامة شاهدة عليك، وجهاز الهاتف الذي تقضي به بعضُ المسلمات الأوقات الطوال، تذكر أختا لها مسلمة بسوء أو شر، هو أيضا سيأتي يوم الحساب شاهدا عليك، ولا تظني يا مسلمة أن دعاء كفارة المجلس الذي تلهج به المغتابة بعد الانتهاء من أكل لحم أختها، أو قول: «غفر الله لنا ولها»، سينجيك بين يدي الحسيب، لأن كفارة المجلس والدعاء المجرد لا ينفعان صاحبهما إن لم تؤدَّ الحقوق إلى أصحابها ويتوب المرء توبة صادقة.


* المصدر: صحيفة النبأ - العدد 40
الثلاثاء 21 شوال 1437 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

زَقُّومُ مَجَالِسِ النِّسَاءِ [1/3] عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: «ما شيء أحق بطول ...

زَقُّومُ مَجَالِسِ النِّسَاءِ
[1/3]

عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: «ما شيء أحق بطول سجن من لسان» [رواه الطبراني في الكبير]، والمتأمل في حال مجالس المسلمين اليوم يرى فيها انفلاتا عجيبا للألسنة وتجرؤا غريبا على الأعراض بالقيل والقال، إلا من عصمه الله وهم قليل، ويكأنهم ما سمعوا قول ربهم، عز وجل: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 12]، ولو تدبّروه وتفكّروه، ووعوه وفقهوه، لوجلت من هوله القلوب.

وليس افتراء منا إن قلنا أن أكثر المجالس التي تشكو من وباء الغيبة هي مجالس النساء خاصة، ولا نقول كما قيل أنها أصبحت فاكهة المجالس، بل إنها زقوم المجالس، والله المستعان.

والغيبة بكسر الغين عرّفها النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (أتدرون ما الغيبة؟) قالوا: «الله ورسوله أعلم»، قال: (ذكرك أخاك بما يكره)، قيل: «أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟» قال: (إن كان فيه ما تقول، فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بَهَتَّه) [رواه مسلم]، و(بَهَتَّه) من البهتان والزور وقول الباطل، عن قتادة قال: «كنا نحدّث أن الغيبة أن تذكر أخاك بما يشينه، وتعيبه بما فيه، وإن كذبت عليه فذلك البهتان» [انظر: تفسير الطبري].

وعن قتادة أيضا في تفسير قوله تعالى: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} يقول: «كما أنت كاره لو وجدت جيفة مدودة أن تأكل منها، فكذلك فاكره غيبته وهو حي» [انظر: تفسير الطبري].

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قلت للنبي، صلى الله عليه وسلم: «يا رسول الله إن صفية امرأة» وقالت بيدها هكذا، كأنها تعني: قصيرة، فقال صلى الله عليه وسلم: (لقد مزجت بكلمة لو مزجت بها ماء البحر لمزج) [رواه أبو داود والترمذي].

قال المباركفوري: «المعنى: أن هذه الغيبة لو كانت مما يمزج بالبحر، لغيّرته عن حاله مع كثرته وغزارته، فكيف بأعمال نزرة خلطت بها؟» [تحفة الأحوذي].

سبحان الله! هذه عائشة زوج النبي وأم المؤمنين، الصِدّيقة التقية الورعة الحافظة العالمة تشير بيدها فقط لتصف أختها (أي ضرتها) للنبي -صلى الله عليه وسلم- في غيابها ولم تفعل ذلك إلا لغيرتها، ولكن النبي ينهاها ويحذّرها من كلمتها التي قالتها، ولم يقل هي غَيرى ولا بأس بذلك، فقد غارت عائشة وضربت يد خادم كان يحمل صحفة فيها طعام من إحدى زوجاته فسقطت وانفلقت، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لصحابته: (غارت أمكم) [رواه البخاري وغيره]، فاستوعب غيرتها والتمس لها العذر، ولم يجعل غيرتها عذرا لها فيما قالته في صفية، رضي الله عنها.

وعن معاذ بن جبل، قال: «كنت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في سفر، فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير، فقلت: يا نبي الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة، ويباعدني من النار، قال: (لقد سألتَ عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه، تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم شهر رمضان، وتحج البيت، ثم قال: ألا أدلك على أبواب الخير: الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة، وصلاة الرجل في جوف الليل، ثم قرأ: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ} [السجدة: 16]، ثم قال: ألا أخبرك برأس الأمر وعموده، وذروة سنامه؟) فقلت: بلى يا رسول الله، قال: (رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد)، ثم قال: (ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟)، قلت: بلى يا رسول الله. فأخذ بلسانه، فقال: (كفّ عليك هذا)، فقلت: يا رسول الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: (ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يَكُبُّ الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم يوم القيامة إلا حصائدُ ألسنتهم) [رواه الترمذي].

وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأسا، يهوي بها سبعين خريفا في النار)، ولفظ (الرجل) هنا لا يعني أن المعنيين بالخطاب الرجال فحسب، بل المرأة كذلك يشملها هذا الحديث وهذا الوعيد، وإن كانت كلمة تفعل بصاحبها هذا الفعل، فكيف بكلمات وكلمات، بل كيف بمجالس تدوم لساعات وساعات، لا حديث فيها إلا عن فلان أو فلانة.


* المصدر: صحيفة النبأ - العدد 40
الثلاثاء 21 شوال 1437 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

دين الإسلام وجماعة المسلمين (3) [2/2] وهذه النعمة التي يتنعم بها الآن تستوجب عليه الشكر ...

دين الإسلام
وجماعة المسلمين (3)

[2/2]
وهذه النعمة التي يتنعم بها الآن تستوجب عليه الشكر ظاهرا وباطنا، سرا وعلانية، بين الخاصة والعامة، فلا يترك أهل بيته دون تذكيرهم بها، ولا يترك أصحابه دون التحدث بها، ولا يترك العوام دون إفشائها بينهم، فيثني على الله الذي قضى هذه النعمة وقدرها له ومن عليه بها، ويحمده سبحانه عليها، فلا حول ولا قوة إلا بالحي القيوم، ثم يدعو للسابقين من الأمراء والجنود -خاصة الشهداء منهم- كالشيخ أبي مصعب الزرقاوي والشيخ أبي حمزة المهاجر والشيخ أبي عمر البغدادي والشيخ أبي بكر العراقي والشيخ أبي عبد الرحمن البيلاوي والشيخ أبي المعتز القرشي والشيخ أبي علي الأنباري والشيخ عمر الشيشاني -تقبلهم الله- نحسبهم والله حسيبهم ولا نزكي على الله أحدا، ومن لم يشكر الناس، لم يشكر الله.
بل لو سهر الرجل الليالي كما فعل الإمامان الفضيل وسفيان -في تعداد نعم الله عليه بالخلافة وآثارها- لكان قليلا، {وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها إن الإنسان لظلومٌ كفارٌ} [إبراهيم: 34].

ومن نعم الله على الموحد المجاهد أن أحياه إلى هذا الزمن حتى جدد الله بجهاده الخلافة وجعله من حراسها المرابطين بثغورها، قال أبو العباس بن تيمية، رحمه الله: «واعلموا -أصلحكم الله- أن من أعظم النعم على من أراد الله به خيرا، أن أحياه إلى هذا الوقت الذي يجدد الله فيه الدين ويحيي فيه شعار المسلمين وأحوال المؤمنين والمجاهدين، حتى يكون شبيها بالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، فمن قام في هذا الوقت بذلك كان من التابعين لهم بإحسان، الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، وأعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار، خالدين فيها أبدا، ذلك الفوز العظيم، فينبغي للمؤمنين أن يشكروا الله تعالى على هذه المحنة التي حقيقتها منحة كريمة من الله، وهذه الفتنة التي في باطنها نعمة جسيمة، حتى -والله- لو كان السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار -كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم- حاضرين في هذا الزمان لكان من أفضل أعمالهم جهاد هؤلاء القوم المجرمين، ولا يفوت مثل هذه الغزاة إلا من خسرت تجارته وسفه نفسه وحرم حظا عظيما من الدنيا والآخرة» [الفتاوى].

فهي نعمة ونعمة ونعمة ونعمة، نعمة الإسلام ونعمة الجماعة ونعمة الجهاد ونعمة الشهادة إن شاء الله تعالى.

ومن كفران هذه النعمة: الاعتزال، والعصيان، والتناجي، والإشاعة، وإساءة الظن، وازدراء الأمير، ونكث العهد، والسعي في الفتنة والفساد، والإباق إلى دار الكفر، والتعصب للاجتهاد والرأي والهوى، والبغي، والخروج، وتكفير جماعة المسلمين وأئمتهم وعامتهم، وقد أحسن أئمة الدولة الإسلامية في تحذيرهم من هذه المهالك، كما في «واعتصموا» للشيخ الزرقاوي، و»الوصية الثلاثينية» للشيخ أبي حمزة المهاجر، و»إنما شفاء العي السؤال» للشيخ ميسرة الغريب -تقبلهم الله- ومن أورد هذه المخاطر وأصر على ضلاله، فلا يلومن إلا نفسه إن حرم الله عليه نعمة الإسلام جزاء كفرانه لنعمة الجماعة، وقال جل وعلا: {ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب} [البقرة: 211]، وقال: {لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديدٌ} [إبراهيم: 7].

ومن أسوأ كفران النعمة، نسبة النعمة إلى النفس وجهدها، {فإذا مس الإنسان ضرٌ دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته علىٰ علمٍ بل هي فتنةٌ ولٰكن أكثرهم لا يعلمون} [الزمر: 49]، وإمام هذا الكفران العظيم ومسن هذه السنة السيئة هو الهالك قارون الذي خسف الله به وبداره الأرض.
وأما السنة الحسنة، فهي معرفة العبد أن جميع ما يتنعم به من نعم الدنيا والدين فمن الله وحده لا شريك له، لا بحول العبد ولا بقوته، وقد روي أن داود -عليه السلام- قال: «يا رب، كيف أطيق شكرك وأنت الذي تنعم علي، ثم ترزقني على النعمة، ثم تزيدني نعمة نعمة، فالنعم منك يا رب، والشكر منك، فكيف أطيق شكرك يا رب؟» فأوحى الله إليه: «الآن عرفتني يا داود حق معرفتي»، وروي أيضا أنه قال: «إلهي، كيف لي أن أشكرك، وأنا لا أصل إلى شكرك إلا بنعمتك؟» فأوحى الله إليه: «يا داود، ألست تعلم أن الذي بك من النعم مني؟» قال: «بلى، أي رب»، قال: «فإني أرضى بذلك منك شكرا» [الزهد للإمام أحمد بن حنبل].

ومما يثبت هذه المعرفة والحقيقة في قلب العبد، تدبره لآيتين من كتاب الله، جل وعلا: {يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين} [الحجرات: 17]، و{ونزعنا ما في صدورهم من غلٍ تجري من تحتهم الأنهار وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهٰذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون} [الأعراف: 43].
اللهم كما مننت علينا بالإسلام والجماعة في الدنيا، فمن علينا برؤيتك ورضاك في الآخرة.


* المصدر: صحيفة النبأ - العدد 40
الثلاثاء 21 شوال 1437 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

دين الإسلام وجماعة المسلمين (3) [1/2] آيتان في كتاب الله -جل وعلا- لا يُعرض عن تدبّرهما ...

دين الإسلام
وجماعة المسلمين (3)

[1/2]
آيتان في كتاب الله -جل وعلا- لا يُعرض عن تدبّرهما وتأويلهما مَن مَنَّ الله عليه بنعمة من عنده إلا كان إعراضه حسرة عليه في الدنيا والآخرة، قال الله، جل وعلا: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: 7]، وقال جلّ وعلا: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى: 11].

قال الربيع رحمه الله في تأويل قوله {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}: «أخبرهم موسى -عليه السلام- عن ربه -عز وجل- أنهم إن شكروا النعمة زادهم من فضله وأوسع لهم في الرزق وأظهرهم على العالمين»، وقال سفيان الثوري، رحمه الله: «{لَئِنْ شَكَرْتُمْ} هذه النعمة أنها مني {لَأَزِيدَنَّكُمْ} من طاعتي»، وقال قتادة، رحمه الله: «حق على الله أن يعطي من سأله ويزيد من شكره والله منعم يحب الشاكرين فاشكروا لله نعمه»، وقال جعفر الصادق، رحمه الله: «إذا أنعم الله عليك بنعمة فأحببت بقاءها ودوامها فأكثر من الحمد والشكر عليها»، ورُوي مرفوعا: (من أُلهم الشكر لم يُحرم الزيادة).

وأوّل السلف رضي الله عنهم ورحمهم النعمة في قوله {بِنِعْمَةِ رَبِّكَ} بأنها القرآن العظيم ونبوّة الرسول صلى الله عليه وسلم والعمل الصالح وإصابة الخير، فهي شاملة لنعمة الدنيا والآخرة، إلَّا أن أعظم نعم الله على الإنسان هدايتُه إلى الإسلام، فبغير هذه النعمة (السلامة -أي الإخلاص- والاستسلام لله) يكون صدره ضيقا، ومعيشه ضنكا، وسعيه في ضلال، ثم لا يكلّمه الله يوم القيامة ولا ينظر إليه ولا يزكّيه وله عذاب أليم، فيخسر الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين، وأما نعمة الجماعة، نعمة الاستخلاف في الأرض، نعمة التمكين للدين، فبغيرها يستضعف المرء ويبتلي ويفتن وتأكله الذئاب ثم يموت ميتة جاهلية، والعياذ بالله.

وأما قوله {فَحَدِّثْ}، فقال عمر بن عبد العزيز، رحمه الله: «إنّ ذِكر النعمة شُكر»، وقال الجريري ويحيى بن سعيد، رحمهما الله: «كان يُقال: إن تعداد النعم من الشكر»، وقال قتادة، رحمه الله: «مِن شُكر النعمة إفشاؤها»، وقال الفضيل بن عياض، رحمه الله: «كان يُقال: مِن شُكر النعمة أن يُحدّث بها»، وقال الحسن بن علي، رضي الله عنهما: «إذا أصبت خيرا فحدّث إخوانك»، وقال أبو نضرة، رحمه الله: «كان المسلمون يرون أن مِن شُكر النعمة أن يُحدّث بها»، وقال ابن أبي الحواري، رحمه الله: «جلس فضيل بن عياض وسفيان بن عيينة ليلة إلى الصباح يتذاكران النعم، فجعل سفيان يقول: أنعم الله علينا في كذا، أنعم الله علينا في كذا، فعل بنا كذا، فعل بنا كذا»!
ورُوي مرفوعا: (من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله، والتحدّث بنعمة الله شكر، وتركها كفر، والجماعة رحمة، والفرقة عذاب)، و(من أُبلي بلاءً -أي: من أُنعم نعمةً- فذكره فقد شكره، وإن كتمه فقد كفره، ومن تحلّى بما لم يُعط فإنه كلابس ثوبي زور)، و(من أُعطي عطاء فوجد فليجز به، فإن لم يجد فليُثن به، فمن أثنى به فقد شكره، ومن كتمه فقد كفره).

الله أكبر، كم على الموحد المجاهد أن يشكر ربّه على ما أنعم به عليه بالإسلام والجماعة! فلولا الله، لكان عابدا لطواغيت القصور والقبور، ولولا الله، لكان متّبعا لعلماء الطواغيت ودعاة الجهمية، ولولا الله، لكان مخنّثا ديّوثا قاعداً مع الخوالف، ولولا الله، لكان مقيماً في دار الكفر بين ظهراني الشُّرط والقُضاة والعرفاء والجواسيس والعساكر وغيرهم من المرتدين أو بين ظهراني اليهود والنصارى والمجوس والملاحدة وغيرهم من الكافرين، ولولا الله، لكان من البغاة أو الخوارج أو غيرهم من أهل الفرق والبدع والضلال.

فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.

وكم كان الاستضعاف والفتنة والابتلاء شديداً على الموحد المجاهد قبل نعمة الجماعة! فلا مدارس ليدرّس أبناءه فيها، ولا علماء ليطلب العلم عندهم، ولا محاكم ليتحاكم إليها -فهو موحّد، يكفر بمحاكم الطواغيت- ولا مساكن ليسكن فيها آمنا مطمئنا، ولا ديار يلتجئ إليها من الطواغيت ولا معسكرات ليعدّ العدة فيها إلا في الكهوف أو الغابات أو الصحاري بعيدا عن فريضة الجماعة بمفهومها السلفي، أي: الخلافة.

وكان إذا أظهر ملّة إبراهيم بين ظهراني الكافرين والمرتدين ودعا إليها أو سعى في الإعداد والجهاد لإرهاب الأعداء، نام وهو لا يدري أيصبح في البيت مع أهل بيته أم في زنزانة مظلمة تحت الأرض؟.

هكذا كانت حياته، ثم أنعم الله عليه بالجماعة، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [الأنفال: 26].


* المصدر: صحيفة النبأ - العدد 40
الثلاثاء 21 شوال 1437 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

أبو يوسف الكرّار منفذ أول عملية استشهادية في ألمانيا استُنفر فنفر... واستُنصر فنصر [1/2] لا ...

أبو يوسف الكرّار
منفذ أول عملية استشهادية في ألمانيا
استُنفر فنفر... واستُنصر فنصر

[1/2]

لا يمكن لمن عرف التوحيد أن يطيق العيش بين المشركين مسالما لهم، ولا لمن عرف الجهاد، وجاهد في سبيل الله مخلصا أن يطيب له القعود بعيدا عن ساحات الجهاد، ولا لمن عاشر الموحدين المجاهدين في سبيل الله أن يستبدل بهم أنيسا من البشر، فتراهم يرجون أن يموتوا على ما عليه أهل الجهاد، فقد عرفوا عظم ثوابه، وذاقوا حلاوته التي لم يجدوا مثلها في متاع الدنيا الزائل. ومن هؤلاء الاستشهادي البطل أبو يوسف (محمد دليل) تقبله الله، نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا من عباده.

تعلّق قلبه بالجهاد مبكّرا، وأعانه الله على النفير، فالتحق بمجاهدي دولة العراق الإسلامية، وبقي بينهم شهورا، ثم رجع إلى مسقط رأسه في مدينة حلب قبل أن يُفضَح أمرُ غيابه وتبحث عنه مخابرات النصيريين، فعاد ليسكن في منزله في حي (حلب الجديدة) ويعمل في دكان لوالده، دون أن يلفت الأنظار، وساعده في ذلك -بعد لطف الله به- ما اعتاد عليه من الاحتياط والحذر واتخاذ ما يستطيع من الإجراءات الأمنية.

ومع بدايات الجهاد في الشام ضد النصيرية، شكّل مع بعض رفاقه خلية أمنية جهادية، تخصصت بإلقاء القنابل والزجاجات الحارقة على مقرات النظام النصيري، واستهداف آليات جنوده وعناصر أمنه، ثم تنقّل بين عدد من الفصائل المقاتلة، لكنه لم يستطع البقاء في صفوفها لما كان يراه من فساد في عقيدتها وانحراف في أخلاق عناصرها، إذ كيف له أن يرضى بمخالطة هؤلاء وقد خاض تجربة الجهاد مع مجاهدي الدولة الإسلامية، فما كان منه إلا أن يشكّل مع مجموعة من إخوانه كتيبة أرادوا منها أن تكون على منهج أهل السنة والجماعة، وقاتل في صفوفها فترة من الزمن.

مع دخول مجاهدي الدولة الإسلامية إلى الشام، وانطلاق عملهم في مناطقها المختلفة تحت مسمى (جبهة النصرة)، وجد محمد وإخوانه ما كانوا يبغون فانضموا كلهم إلى الدولة الإسلامية، وقاتلوا في جبهات مدينة حلب المختلفة مع مجاهديها، إلى أن قدّر الله له الإصابة بشظايا قذيفة هاون أبعدته عن ساحات المعارك، واضطرته إلى الخروج من البلاد للعلاج.

أعلنت الدولة الإسلامية عن وجودها رسميا في الشام بمسمّاها الجديد (الدولة الإسلامية في العراق والشام)، وحدثت بعد ذلك التطوّرات المتعددة وصولا إلى مرحلة العز والتمكين بالفتوحات الكبيرة، وإعادة الخلافة، وبيعات المجاهدين من مشارق الأرض ومغاربها.

في هذا الوقت كان أبو يوسف يراقب الأحداث من بعيد وهو مقيم في دار الكفر أوروبا، وقد تذكّر الجهاد وعزّه، وعرف أخبار الدولة الإسلامية فازداد حبّاً لها، واشتاق إلى القتال في صفوفها من جديد، ولكن فشلت محاولاته العديدة في العودة إلى الشام للالتحاق بصفوف جيش الخلافة، فقد أُوصدت أمامه بوابات الحدود، فبقي في مكانه يترقّب، متحسّراً على ما فاته من فضل الهجرة، وثواب الجهاد، ولذة العيش تحت حكم الشريعة في دار الإسلام، ولم يجد ما ينصر الدولة الإسلامية من خلاله إلا ساحة الإنترنت، فطفق ينشئ الحسابات، التي يناصر من خلالها التوحيد وأهله، ويذب عن أعراضهم، ويعرّف المسلمين بحقيقة دولة الإسلام، حتى أذن الله أن ينصرها بالأفعال لا بالأقوال.

فوجد ضالته بتنفيذ وصية الدولة الإسلامية لعموم المسلمين باستهداف الصليبيين في عقر دارهم بما استطاعوا، فانطلق يبحث عن وسيلة ينكي بها في أعداء الله في ألمانيا الصليبية، فكان أول خياراته أن يكرّر ما اعتاد فعله في خليته الجهادية الأولى من إلقاء القنابل الحارقة على السيارات والمباني، فلم يحصل على ما يحتاجه من المواد النفطية اللازمة لصنع القنابل الحارقة، وكان من الخطر عليه أن يطلب كميات كبيرة منها دون أن يثير شبهة، لكونه لا يمتلك سيارة، ولأسباب أخرى، فعدل عن موضوع حرق سيارات الصليبيين وبيوتهم بهذه الطريقة البدائية، وانتقل للتخطيط لعمل أكبر وأكثر فاعلية، هو عملية تفجير وسط حشد من الصليبيين، بقنبلة مصنوعة من مواد بسيطة، يستطيع هو إعدادها بنفسه.

فمضى في تنفيذ خطته الجديدة بهمة عالية، وصبر كبير، وجلد في العمل عظيم، واستغرق الأمر منه ثلاثة شهور حتى أكمل تجهيز القنبلة، وصار جاهزا للتنفيذ.

وقد أكرمه الله خلال تلك الفترة بالستر، فلم يُكتَشَف أمره، ولم يشعر به الصليبيون، وأعميت عيونهم عنه، فلم يعلموا به إلا وهو يمسّيهم بفاجعة، ويشعل ليلهم بنار غضبه عليهم.


* المصدر: صحيفة النبأ - العدد 40
الثلاثاء 21 شوال 1437 ه‍ـ

لقراءة القصة كاملة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

أعظم الكرامة للشيخ المجاهد (عبد الله بن محمد الرشود) تقبله الله [2/2] قال ابن تيمية، رحمه ...

أعظم الكرامة
للشيخ المجاهد (عبد الله بن محمد الرشود) تقبله الله
[2/2]

قال ابن تيمية، رحمه الله: «أعظم ما تكون غربته إذا ارتد الداخلون فيه عنه...»، إلى أن قال: «فإنه ما ارتد عن الإسلام طائفة إلا أتى الله بقوم يحبهم يجاهدون عنه، وهم الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة، يبين ذلك أنه ذكر هذا في سياق النهي عن مولاة الكفار فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}، إلى قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}، فالمخاطبون بالنهي عن موالاة اليهود والنصارى هم المخاطبون بآية الردة» [الفتاوى].

نعم إنها الغربة الغريبة، ومن ملامحها ما ورد في الحديث عن أمامة: (وإن من إدبار هذا الدين أن تجفوَ القبيلة كلها بأسرها حتى لا يوجد فيها إلا الرجل الفقيه أو الرجلان فهما مقهوران ذليلان لا يجدان على ذلك أعواناً وأنصاراً)، وحينها تنزل رحمة الله الواسعة على أولئك الغرباء فيعوِّضهم الله في هذه الغربة فضلاً ربانياً وهو مضاعفة الأجور لهم أضعاف أجور بعض الأولين.

ففي الطبراني الكبير عن ابن مسعود -رضي الله عنهم- أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنّ من ورائكم زمان صبر للمتمسك فيه أجرُ خمسين شهيداً منكم).

وهؤلاء القلة هم الطائفة المنصورة، حيث أنَّه ورد عند مسلم عن غير واحد من الصحابة قوله صلى الله عليه وسلم: (لن يبرح هذا الدين قائماً تقاتل عليه عصابة من المؤمنين حتى تقوم الساعة)، فجعل أَظهرَ صِفةٍ لهم المقاتلة في سبيله، تلك الصفة التي أولتهم محبة الله لهم: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ}.

فهنيئاً لك أخي هذه النصوص التي تؤنس غربتك، حينما يستأنس البطَّالون بنصوص الطواغيت المظلمة التي تعدهم الفقر وتأمرهم بالفحشاء.
ولكن أخي المجاهد: ما موقفك من دروس الزمان وعجائب التغيرات والتقلبات؟ نعم ينبغي لك أن تستلهم من هذه الظروف دروساً نافعة نسأل الله الهدى والسداد، فمن الفوائد ما يلي:

1) الاغتباط بنعمة الثبات:

قال ابن تيمية، رحمه الله: «ولا يقتضي هذا أنه إذا صار غريباً أن المتمسك به يكون في شر بل هو أسعد الناس كما قال في تمام الحديث: (فطوبى للغرباء)، و(طوبى) من الطيب، قال تعالى: {طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ}، فإنه يكون من جنس السابقين الأولين الذين اتبعوه لمّا كان غريباً وهم أسعد الناس وأما في الآخرة فهم أعلى الناس درجة بعد الأنبياء، عليهم السلام)» [الفتاوى].

2) عدم الحزن والضيق من حال الغربة: قال ابن تيمية، رحمه الله:

«وكما أن الله نهى نبيه أن يصيبه حزن أو ضيق ممن لم يدخل في الإسلام في أول الأمر فكذلك في آخره، فالمؤمن منهي أن يحزن عليهم وأن يكون في ضيق من مكرهم، وكثير من الناس إذا رأى المنكر أو تَغيُّر كثيرٍ من أحوال الإسلام جزع وكلَّ وناح كما ينوح أهل المصائب، وهو منهي عن هذا، بل هو مأمور بالصبر والتوكل والثبات على دين الإسلام» [الفتاوى].

3) الصبر والمصابرة والمرابطة:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، {فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}.

4) الانطراح بباب الغني الرحيم والانكسار بين يديه بالدعاء والاستغفار:

فإن أعظم ما يخذل العبدَ ذنوبُه، ففي الحديث القدسي: (يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم...)، إلى أن قال: (إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم)، [رواه مسلم].

ومن الأدعية المأثورة: (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)، وكان هذا من أكثر دعاء المعصوم -صلى الله عليه وسلم- ومن الأدعية المأثورة أيضاً: (اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي)، (يا حي يا قيوم، لا إله إلا أنت، برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين، ولا إلى أحدٍ من خلقك)، (اللهم إني أسألك اليقين والعافية).

5) الإكثار من حمد الله على نعمه:

فعلى قدر حمدك لله يكون استقرار نعمه وزيادتها فهو وحده المستحق للحمد في الأولى والآخرة فله الحمد ظاهراً وباطناً.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


* المصدر: صحيفة النبأ - العدد 40
الثلاثاء 21 شوال 1437 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

أعظم الكرامة للشيخ المجاهد (عبد الله بن محمد الرشود) تقبله الله أخي المجاهد: يفرح المؤمن ...

أعظم الكرامة
للشيخ المجاهد (عبد الله بن محمد الرشود) تقبله الله

أخي المجاهد: يفرح المؤمن كثيراً بما قد يجريه الله على يديه من كرامات تحدث له وتحفزه وتذكره بعظيم فضل الله عليه، مع أنه ما كلُّ كرامة هي كرامة في الحقيقة، إذ قد تكون فتنة للعبد واستدراجاً له وغير ذلك، ولكن تبقى كرامة الكرامات التي لا يتطرق إليها احتمال غير الكرامة التي امتن بها ربُّنا -عزّ وجل- على خير خلقه وأحبِّهم إليه نبينا محمد، صلى الله عليه وسلم.
إنها كرامة لزوم الاستقامة، وعدم تأثره بتضليل وتلبيس المضلين، حيث يقول الله تعالى: {وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا}.

وفي السورة التي تليها يقول -عز وجل- محذراً نبيه من هؤلاء المضلين سعاة الفتنة: {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ}.

ورغم أن المؤمن في كل الأزمان يدرك عظيم هذه الفضيلة إلا أن مؤمن زمان الغربة أشد استيعاباً وإدراكاً لعظيم هذه الكرامة الربانية، لا سيما حينما يرى كثرة المتساقطين حوله دون بلوغ المراد، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فيزداد المؤمن بهذه المواقف إيماناً واعتباراً، ولجوءاً إلى الله وافتقاراً، وازدراءً لنفسه واحتقاراً.

تماماً كما كان الصحابة -رضي الله عنهم- يفعلون.

فترى مثلاً الإمام الراشد الفقيه المسدد المبشَّر بالجنة والنجاة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كثير النوحِ على نفسه والخوفِ عليها من موارد النفاق فيقول لحذيفة، رضي الله عنه: «نشدتك الله، هل عدَّني رسول الله من المنافقين؟»
وقال ابن أبي مليكة: «أدركت ثلاثين من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- كلهم يخشى النفاق على نفسه».

فلذلك كانوا -رضي الله عنهم- أحسن الناس عملاً وأكثرهم خوفاً وأشدهم محاسبة لأنفسهم لما استقر في أنفسهم من تعظيم الله ومعرفة استحقاقه من العبادة والخضوع أضعاف أضعاف ما يفعله العباد.

ولهذا الحس الربَّاني في قلوبهم -رضي الله عنهم- جعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- منهجهم هو المعيار الذي لا يعتبر غيره ففي الحديث: (وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة) قالوا: «من هي يا رسول الله؟» قال: (من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي)، أو فيما معناه، ولذلك من كان مستناً فليستن بهم -رضي الله عنهم- لاسيما إذا اشتدت غربة الدين وقلّ المساعد والمعين.

غربة الدين... نعم، (بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء).

قال ابن تيمية، رحمه الله: «أعظم ما تكون غربته إذا ارتد الداخلون فيه عنه...»، إلى أن قال: «فإنه ما ارتد عن الإسلام طائفة إلا أتى الله بقوم يحبهم يجاهدون عنه، وهم الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة، يبين ذلك أنه ذكر هذا في سياق النهي عن مولاة الكفار فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}، إلى قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}، فالمخاطبون بالنهي عن موالاة اليهود والنصارى هم المخاطبون بآية الردة» [الفتاوى].

نعم إنها الغربة الغريبة، ومن ملامحها ما ورد في الحديث عن أمامة: (وإن من إدبار هذا الدين أن تجفوَ القبيلة كلها بأسرها حتى لا يوجد فيها إلا الرجل الفقيه أو الرجلان فهما مقهوران ذليلان لا يجدان على ذلك أعواناً وأنصاراً)، وحينها تنزل رحمة الله الواسعة على أولئك الغرباء فيعوِّضهم الله في هذه الغربة فضلاً ربانياً وهو مضاعفة الأجور لهم أضعاف أجور بعض الأولين.


* المصدر: صحيفة النبأ - العدد 40
الثلاثاء 21 شوال 1437 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

صحيفة النبأ - العدد 40 إن تنصروا الله ينصركم ما من موقف من مواقف التوكل على الله يمر به ...

صحيفة النبأ - العدد 40
إن تنصروا الله ينصركم

ما من موقف من مواقف التوكل على الله يمر به المؤمنون إلا ويعقبه تأييد ونصر من الله يثير إعجاب المتوكلين قبل غيرهم، وما من موقف من مواقف العُجب والاتكال على الأسباب المادية إلا وتعقبه هزيمة وانكسار للمؤمنين على أيدي أعدائهم، فالقضية في الحالتين تعتمد على نصر وتأييد من الله لا على كثرة أو قلة، وإن كانت القلة والضعف من موجبات زيادة التوكل على الله والالتجاء إليه، مما يستجلب به النصر.

وإن للمسلمين في كل زمان ومكان مثالين ذكرهما القرآن الكريم، وهما حال المسلمين في غزوتي بدر وحنين، فعن الأولى قال تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [آل عمران: 123]، وعن الثانية قال سبحانه: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ} [التوبة: 25]، ففي بدر نَصَر الله عباده المستضعفين رغم قلتهم وضعفهم، وفي حنين كادوا أن يُهزموا وولى كثير منهم الأدبار، رغم كثرتهم وقوتهم، ورغم وجود رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بينهم، وذلك ليعلمهم الله -عز وجل- أن لا يتوكلوا على ما أعطاهم من أسباب القوة التي لم تغن من قبل عن أعدائهم شيئا، فهُزموا على أيدي القلة المؤمنة في بدر وسواها.

وإننا وجدنا في زمننا هذا كثيرا من المشاهد المشابهة لحال المسلمين في بدر وحنين، فكم من غزوة خاضها الموحدون وهم قلة ضعفاء ففتح الله عليهم، وكم من غزوة دخلوها بكثرة عدد وعدة، فعادوا منها مكسورين مثقلين بالجراح والهموم.

ولنا في غزوة فتح مدينة الموصل مثال حي، إذ فتحها الله على أيدي عدد قليل من الموحدين لا يكفي لفتح حي من أحيائها بالحسابات العسكرية البحتة، فكان مقابل كل فرد من المجاهدين مائة أو يزيدون من جنود الطاغوت، مدججين بالسلاح والدروع، ولكن هزمهم الله ففروا تاركين وراءهم الأرض والمقرات والسلاح والمال، بل وتبعهم جنود الدولة الإسلامية يطاردونهم في المناطق الأخرى حتى فتح الله على أيديهم مساحات عظيمة واسعة لم يحكموا مثلها من قبل.

ولنا في صمود المجاهدين في الفلوجة مثال آخر، إذ ثبّتهم الله -عز وجل- في المدينة المحاصرة تسعة أشهر أو يزيد، والمشركون يحيطون بهم من كل جانب، يمنعون عنهم الطعام والسلاح والدواء، وهم راسخون في مواضعهم رسوخ الجبال، يغيرون على ثكنات أعدائهم فينكّلون فيهم ويغنمون منهم، والمشركون خائفون من الدخول عليهم، عاجزون عن مهاجمتهم إلا بإطلاق القذائف من بعيد، ولم يدخلوا المدينة إلا بعد أن حشدوا لها عشرات الألوف من مقاتليهم، فلم ترهب المجاهدين تلك الجموع، واستمروا في الدفاع عن بيضتهم فلا يتركون بستانا ولا شارعا إلا بعد أن تسيل دماء الروافض فيه أنهارا، واستمروا على ذلك لأسابيع والمشركون يتمنون الأماني أن يخرجوا فيتوقف استنزافهم، فلم يحققوا لهم تلك الأمنية حتى أنهوا ما بأيديهم من عتاد وذخيرة، أنفقوها فَلْقاً لهام الأعداء وتمزيقاً لصدورهم.

واليوم يكرر هذا الأمر أسود التوحيد في سرت ومنبج، فرغم إحاطة جموع المرتدين بهم، وشدة القصف الذي ينالهم، لم يعطوا الدنية في دينهم، ولم يسمع أحد منهم رغبة في انسحاب أو تراجع، بل هم عازمون على أن لا تُحكم الأرض التي بأيديهم بغير شرع الله، أو يهلكوا دون ذلك، أما أعداؤهم فقد أضناهم الحصار، وكثرت في صفوفهم الجراحات والهلاك، فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون، وكلٌّ يتّهم شريكه وحليفه أنه أورده بدفعه لحصار الموحّدين موارد الهلاك.

لقد أظهر الله بما فتحه على أيدي جنود الخلافة وبما ثبّتهم في مواطن كثيرة آيات جليّات من نصره لعباده مهما كان عدوهم من القوة والمنعة، ومهما كانوا من الضعف والقلة، فكرّروا بذلك قصص أجدادهم من الصحابة والتابعين الذين أذلّ الله على أيديهم طواغيت العرب والعجم، وفتح عليهم بلاداً لم يطؤوها من قبل في سنوات قليلة، وأدخل بنصرهم وفتوحاتهم الناس في دين الله أفواجا، وأسقط تحت أقدامهم عرشي كسرى وقيصر، وكل ذلك عندما تتشابه القلوب، وتتشابه الغايات، فلم يقتصر نصر الله على قرن من المسلمين دون قرن، ولا على جيل من الموحدين دون جيل، بل هو لكل الذين آمنوا في كل زمان ومكان، بشرط أن ينصروا الله بقلوبهم وأقوالهم وأفعالهم، كما وعد سبحانه {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7]، وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 40
الثلاثاء 21 شوال 1437 ه‍ـ
...more

خسائر الحملة النيجيرية على غابات (ألغارنو) خلال عشرة أيام من 16 إلى 26 رجب ▪ جبهات ...

خسائر الحملة النيجيرية على غابات (ألغارنو)
خلال عشرة أيام من 16 إلى 26 رجب

▪ جبهات القتال

بلدة (بنيشيك)
بلدة (بوني)
بلدة (دامبوا)
بلدة (غونيري)

▪ القوات المشاركة:

الجيش النيجيري
الميليشيات

▪ 7 عمليات

3 عبوات ناسفة
3 صولات واشتباكات
1 عملية استشهادية

▪ النتائج

مقتل وإصابة 130 عنصرا بينهم "قائد كتيبة"
تدمير وإعطاب 12 آلية متنوعة
فرار القوات النيجيرية من المنطقة

◾ أبرز الهجمات:

16 رجب
مقتل وإصابة 13 عنصرا من الجيش والميليشيات وإعطاب آليتين بتفجير عبوة ناسفة على تجمع لهم في بلدة (بورسو)

23 رجب
مقتل وإصابة أكثر من 30 عنصرا باشتباكات عنيفة قرب بلدة (غولديري) أثناء محاولتهم التقدم نحو مواقع المجاهدين.

26 رجب
مقتل وإصابة أكثر من 90 من الجيش والميليشيات بينهم "قائد كتيبة" وتدمير وإعطاب 10 آليات بعملية استشهادية بسيارة مفخخة قرب بلدة (أبيما)


- المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 480
السنة السادسة عشرة - الخميس 30 رجب 1446 هـ
إنفوغرافيك العدد
...more

لا تغفلوا عن شَعبَان عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر ...

لا تغفلوا عن شَعبَان

عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم، فما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صياماً منه في شعبان" [متفق عليه]

• تعظيما لرمضان

قال ابن القيم: "في صومه أكثر من غيره ثلاث معان: منها أنه فعل ذلك تعظيمًا لرمضان، وهذا الصوم يشبه سنة فرض الصلاة قبلها تعظيما لحقها ومنها: أنه شهر ترفع فيه الأعمال فأحب النبي أن يُرفع عمله وهو صائم" [تهذيب السنن]

• تهيئة لرمضان

قال ابن رجب: "قيل في صوم شعبان: أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده ووجد بصيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولذته فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط" [لطائف المعارف]

• شهر القراء

قال ابن رجب: "لما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شرع فيه ما يشرع في رمضان من الصيام وقراءة القرآن ليحصل التأهب لتلقي رمضان، وترتاض النفوس بذلك على طاعة الرحمن... قال سلمة بن كهيل: كان يُقال: شهر شعبان شهر القُرّاء" [لطائف المعارف]

• جبر الفريضة

قال ابن رجب: "أفضل التطوع ما كان قريبا من رمضان قبله وبعده، وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها، وهي تكملة لنقص الفرائض وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده" [لطائف المعارف]



- المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 480
السنة السادسة عشرة - الخميس 30 رجب 1446 هـ
إنفوغرافيك العدد
...more
Loading prayer times ...
00:00:00 Time to
25 Sha'aban 1446
Fajr 00:00 Dhuhr 00:00 Asr 00:00 Maghrib 00:00 Isha 00:00