أعظم الكرامة للشيخ المجاهد (عبد الله بن محمد الرشود) تقبله الله [2/2] قال ابن تيمية، رحمه ...
Since 2025-02-01
أعظم الكرامة
للشيخ المجاهد (عبد الله بن محمد الرشود) تقبله الله
[2/2]
قال ابن تيمية، رحمه الله: «أعظم ما تكون غربته إذا ارتد الداخلون فيه عنه...»، إلى أن قال: «فإنه ما ارتد عن الإسلام طائفة إلا أتى الله بقوم يحبهم يجاهدون عنه، وهم الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة، يبين ذلك أنه ذكر هذا في سياق النهي عن مولاة الكفار فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}، إلى قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}، فالمخاطبون بالنهي عن موالاة اليهود والنصارى هم المخاطبون بآية الردة» [الفتاوى].
نعم إنها الغربة الغريبة، ومن ملامحها ما ورد في الحديث عن أمامة: (وإن من إدبار هذا الدين أن تجفوَ القبيلة كلها بأسرها حتى لا يوجد فيها إلا الرجل الفقيه أو الرجلان فهما مقهوران ذليلان لا يجدان على ذلك أعواناً وأنصاراً)، وحينها تنزل رحمة الله الواسعة على أولئك الغرباء فيعوِّضهم الله في هذه الغربة فضلاً ربانياً وهو مضاعفة الأجور لهم أضعاف أجور بعض الأولين.
ففي الطبراني الكبير عن ابن مسعود -رضي الله عنهم- أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنّ من ورائكم زمان صبر للمتمسك فيه أجرُ خمسين شهيداً منكم).
وهؤلاء القلة هم الطائفة المنصورة، حيث أنَّه ورد عند مسلم عن غير واحد من الصحابة قوله صلى الله عليه وسلم: (لن يبرح هذا الدين قائماً تقاتل عليه عصابة من المؤمنين حتى تقوم الساعة)، فجعل أَظهرَ صِفةٍ لهم المقاتلة في سبيله، تلك الصفة التي أولتهم محبة الله لهم: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ}.
فهنيئاً لك أخي هذه النصوص التي تؤنس غربتك، حينما يستأنس البطَّالون بنصوص الطواغيت المظلمة التي تعدهم الفقر وتأمرهم بالفحشاء.
ولكن أخي المجاهد: ما موقفك من دروس الزمان وعجائب التغيرات والتقلبات؟ نعم ينبغي لك أن تستلهم من هذه الظروف دروساً نافعة نسأل الله الهدى والسداد، فمن الفوائد ما يلي:
1) الاغتباط بنعمة الثبات:
قال ابن تيمية، رحمه الله: «ولا يقتضي هذا أنه إذا صار غريباً أن المتمسك به يكون في شر بل هو أسعد الناس كما قال في تمام الحديث: (فطوبى للغرباء)، و(طوبى) من الطيب، قال تعالى: {طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ}، فإنه يكون من جنس السابقين الأولين الذين اتبعوه لمّا كان غريباً وهم أسعد الناس وأما في الآخرة فهم أعلى الناس درجة بعد الأنبياء، عليهم السلام)» [الفتاوى].
2) عدم الحزن والضيق من حال الغربة: قال ابن تيمية، رحمه الله:
«وكما أن الله نهى نبيه أن يصيبه حزن أو ضيق ممن لم يدخل في الإسلام في أول الأمر فكذلك في آخره، فالمؤمن منهي أن يحزن عليهم وأن يكون في ضيق من مكرهم، وكثير من الناس إذا رأى المنكر أو تَغيُّر كثيرٍ من أحوال الإسلام جزع وكلَّ وناح كما ينوح أهل المصائب، وهو منهي عن هذا، بل هو مأمور بالصبر والتوكل والثبات على دين الإسلام» [الفتاوى].
3) الصبر والمصابرة والمرابطة:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، {فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}.
4) الانطراح بباب الغني الرحيم والانكسار بين يديه بالدعاء والاستغفار:
فإن أعظم ما يخذل العبدَ ذنوبُه، ففي الحديث القدسي: (يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم...)، إلى أن قال: (إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم)، [رواه مسلم].
ومن الأدعية المأثورة: (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)، وكان هذا من أكثر دعاء المعصوم -صلى الله عليه وسلم- ومن الأدعية المأثورة أيضاً: (اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي)، (يا حي يا قيوم، لا إله إلا أنت، برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين، ولا إلى أحدٍ من خلقك)، (اللهم إني أسألك اليقين والعافية).
5) الإكثار من حمد الله على نعمه:
فعلى قدر حمدك لله يكون استقرار نعمه وزيادتها فهو وحده المستحق للحمد في الأولى والآخرة فله الحمد ظاهراً وباطناً.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
* المصدر: صحيفة النبأ - العدد 40
الثلاثاء 21 شوال 1437 هـ
لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
للشيخ المجاهد (عبد الله بن محمد الرشود) تقبله الله
[2/2]
قال ابن تيمية، رحمه الله: «أعظم ما تكون غربته إذا ارتد الداخلون فيه عنه...»، إلى أن قال: «فإنه ما ارتد عن الإسلام طائفة إلا أتى الله بقوم يحبهم يجاهدون عنه، وهم الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة، يبين ذلك أنه ذكر هذا في سياق النهي عن مولاة الكفار فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}، إلى قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}، فالمخاطبون بالنهي عن موالاة اليهود والنصارى هم المخاطبون بآية الردة» [الفتاوى].
نعم إنها الغربة الغريبة، ومن ملامحها ما ورد في الحديث عن أمامة: (وإن من إدبار هذا الدين أن تجفوَ القبيلة كلها بأسرها حتى لا يوجد فيها إلا الرجل الفقيه أو الرجلان فهما مقهوران ذليلان لا يجدان على ذلك أعواناً وأنصاراً)، وحينها تنزل رحمة الله الواسعة على أولئك الغرباء فيعوِّضهم الله في هذه الغربة فضلاً ربانياً وهو مضاعفة الأجور لهم أضعاف أجور بعض الأولين.
ففي الطبراني الكبير عن ابن مسعود -رضي الله عنهم- أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنّ من ورائكم زمان صبر للمتمسك فيه أجرُ خمسين شهيداً منكم).
وهؤلاء القلة هم الطائفة المنصورة، حيث أنَّه ورد عند مسلم عن غير واحد من الصحابة قوله صلى الله عليه وسلم: (لن يبرح هذا الدين قائماً تقاتل عليه عصابة من المؤمنين حتى تقوم الساعة)، فجعل أَظهرَ صِفةٍ لهم المقاتلة في سبيله، تلك الصفة التي أولتهم محبة الله لهم: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ}.
فهنيئاً لك أخي هذه النصوص التي تؤنس غربتك، حينما يستأنس البطَّالون بنصوص الطواغيت المظلمة التي تعدهم الفقر وتأمرهم بالفحشاء.
ولكن أخي المجاهد: ما موقفك من دروس الزمان وعجائب التغيرات والتقلبات؟ نعم ينبغي لك أن تستلهم من هذه الظروف دروساً نافعة نسأل الله الهدى والسداد، فمن الفوائد ما يلي:
1) الاغتباط بنعمة الثبات:
قال ابن تيمية، رحمه الله: «ولا يقتضي هذا أنه إذا صار غريباً أن المتمسك به يكون في شر بل هو أسعد الناس كما قال في تمام الحديث: (فطوبى للغرباء)، و(طوبى) من الطيب، قال تعالى: {طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ}، فإنه يكون من جنس السابقين الأولين الذين اتبعوه لمّا كان غريباً وهم أسعد الناس وأما في الآخرة فهم أعلى الناس درجة بعد الأنبياء، عليهم السلام)» [الفتاوى].
2) عدم الحزن والضيق من حال الغربة: قال ابن تيمية، رحمه الله:
«وكما أن الله نهى نبيه أن يصيبه حزن أو ضيق ممن لم يدخل في الإسلام في أول الأمر فكذلك في آخره، فالمؤمن منهي أن يحزن عليهم وأن يكون في ضيق من مكرهم، وكثير من الناس إذا رأى المنكر أو تَغيُّر كثيرٍ من أحوال الإسلام جزع وكلَّ وناح كما ينوح أهل المصائب، وهو منهي عن هذا، بل هو مأمور بالصبر والتوكل والثبات على دين الإسلام» [الفتاوى].
3) الصبر والمصابرة والمرابطة:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، {فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}.
4) الانطراح بباب الغني الرحيم والانكسار بين يديه بالدعاء والاستغفار:
فإن أعظم ما يخذل العبدَ ذنوبُه، ففي الحديث القدسي: (يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم...)، إلى أن قال: (إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم)، [رواه مسلم].
ومن الأدعية المأثورة: (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)، وكان هذا من أكثر دعاء المعصوم -صلى الله عليه وسلم- ومن الأدعية المأثورة أيضاً: (اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي)، (يا حي يا قيوم، لا إله إلا أنت، برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين، ولا إلى أحدٍ من خلقك)، (اللهم إني أسألك اليقين والعافية).
5) الإكثار من حمد الله على نعمه:
فعلى قدر حمدك لله يكون استقرار نعمه وزيادتها فهو وحده المستحق للحمد في الأولى والآخرة فله الحمد ظاهراً وباطناً.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
* المصدر: صحيفة النبأ - العدد 40
الثلاثاء 21 شوال 1437 هـ
لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at