دين الإسلام وجماعة المسلمين (4) إنّ الله هو الحَكَم وإليه الحُكْم [1/3] إن كلمة التوحيد -لا ...

دين الإسلام وجماعة المسلمين (4)

إنّ الله هو الحَكَم وإليه الحُكْم
[1/3]

إن كلمة التوحيد -لا إله إلا الله- التي تنفي الإلهية عما سوى الله، وتثبتها لله وحده، تبطل جميع أنواع الشرك الأكبر -في الربوبية والألوهية والأسماء والصفات- فإن الإله هو الذي يستحق أن يُعبد ويُطاع لـ «ما اتصف به من الصفات التي تستلزم أن يكون هو المحبوب غاية الحب، المخضوع له غاية الخضوع» [تيسير العزيز الحميد]، فمن لم يُفرد الله بالإلهية بجميع أنواع العبادة والطاعة، ناقض شهادة التوحيد، وكذّب عمليا ما ادعاه من توحيد الربوبية والأسماء والصفات.

ومن أنواع العبادة التي أفرد الله -جل وعلا- لها الذكر في كتابه وفي سنّة نبيّه -صلى الله عليه وسلم- العبادة بالتحاكم إليه وحده والحكم بما شرعه وحده، وهي مقتضى إيمان المرء بأن الله هو {أحْكمُ الْحاكِمِين} [هود: 45] و{خيْرُ الْفاصِلِين} [الأنعام: 57]، وأنه لا أعدل منه كلمةً ولا أحسن منه حكما وأنه ليس له شريك في التشريع، فمن أشرك في حكمه أحدا، ناقض شهادة التوحيد، وكذّب عمليا ما ادعاه من توحيد الربوبية والأسماء والصفات، والأدلة على توحيد الحكم والتشريع كثيرة جدا.

قال الشنقيطي: «الإشراك بالله في حكمه كالإشراك به في عبادته، قال في حكمه: {ولا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أحدًا} [الكهف: 26]، وفي قراءة ابن عامر من السبعة {ولا تُشْرِكْ فِي حُكْمِهِ أحدًا} بصيغة النهي؛ وقال في الإشراك به في عبادته: {فمن كان يرْجُو لِقاء ربِّهِ فلْيعْملْ عملًا صالِحًا ولا يُشْرِكْ بِعِبادةِ ربِّهِ أحدًا} [الكهف: 110]، فالأمران سواء كما ترى إيضاحه إن شاء الله» [أضواء البيان].

وقال أيضا: «وما تضمنته هذه الآية الكريمة من كون الحكم لله وحده لا شريك له فيه على كلتا القراءتين جاء مبينا في آيات أخر»، ثم ذكر منها قوله تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلّا لِلّهِ أمر ألّا تعْبُدُوا إِلّا إِيّاهُ ذلِك الدِّينُ الْقيِّمُ ولكِنّ أكْثر النّاسِ لا يعْلمُون} [يوسف: 40]، وقوله: {أفحُكْم الْجاهِلِيّةِ يبْغُون ومنْ أحْسنُ مِن اللّهِ حُكْمًا لِّقوْمٍ يُوقِنُون} [المائدة: 50]، وقوله: {أفغيْر اللّهِ أبْتغِي حكمًا وهُو الّذِي أنزل إِليْكُمُ الْكِتاب مُفصّلًا} [الأنعام: 114].

ثم قال: «ويُفهم من هذه الآيات... أن متبعي أحكام المشرعين غير ما شرعه الله أنهم مشركون بالله، وهذا المفهوم جاء مبينا في آيات أخر، كقوله فيمن اتبع تشريع الشيطان في إباحة الميتة بدعوى أنها ذبيحة الله: {ولا تأْكُلُوا مِمّا لمْ يُذْكرِ اسْمُ اللّهِ عليْهِ وإِنّهُ لفِسْقٌ وإِنّ الشّياطِين ليُوحُون إِلى أوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وإِنْ أطعْتُمُوهُمْ إِنّكُمْ لمُشْرِكُون} [الأنعام: 121]، فصرح بأنهم مشركون بطاعتهم، وهذا الإشراك في الطاعة، واتباع التشريع المخالف لما شرعه الله تعالى هو المراد بعبادة الشيطان في قوله تعالى: {ألمْ أعْهدْ إِليْكُمْ يا بنِي آدم أن لّا تعْبُدُوا الشّيْطان إِنّهُ لكُمْ عدُوٌّ مُّبِينٌ * وأنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُّسْتقِيمٌ} [يس: 60-61]».

ثم قال: «ولذا سمى الله تعالى الذين يطاعون فيما زينوا من المعاصي شركاء، في قوله تعالى: {وكذلِك زيّن لِكثِيرٍ مِّن الْمُشْرِكِين قتْل أوْلادِهِمْ شُركاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ ولِيلْبِسُوا عليْهِمْ دِينهُمْ ولوْ شاء اللّهُ ما فعلُوهُ فذرْهُمْ وما يفْترُون} [الأنعام: 137]، وقد بين النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا لعدي بن حاتم -رضي الله عنه- لما سأله عن قوله تعالى: {اتّخذُوا أحْبارهُمْ ورُهْبانهُمْ أرْبابًا مِنْ دُونِ اللّهِ} [التوبة: 31]، فبيّن له أنهم أحلّوا لهم ما حرّم الله، وحرّموا عليهم ما أحلّ الله فاتّبعوهم في ذلك، وأن ذلك هو اتخاذهم إياهم أربابا، ومن أصرح الأدلة في هذا، أن الله -جل وعلا- في سورة النساء بيّن أن من يريدون أن يتحاكموا إلى غير ما شرعه الله يتعجب من زعمهم أنهم مؤمنون، وما ذلك إلا لأن دعواهم الإيمان مع إرادة التحاكم إلى الطاغوت بالغة من الكذب ما يحصل منه العجب، وذلك في قوله تعالى: {ألمْ تر إِلى الّذِين يزْعُمُون أنّهُمْ آمنُوا بِما أُنزِل إِليْك وما أُنزِل مِن قبْلِك يُرِيدُون أن يتحاكمُوا إِلى الطّاغُوتِ وقدْ أُمِرُوا أن يكْفُرُوا بِهِ ويُرِيدُ الشّيْطانُ أن يُضِلّهُمْ ضلالًا بعِيدًا} [النساء: 60]، وبهذه النصوص السماوية التي ذكرنا يظهر غاية الظهور، أن الذين يتبعون القوانين الوضعية التي شرعها الشيطان على ألسنة أوليائه مخالفة لما شرعه الله -جل وعلا- على ألسنة رسله -صلى الله عليهم وسلم- أنه لا يشك في كفرهم وشركهم إلا من طمس الله بصيرته، وأعماه عن نور الوحي مثلهم» [أضواء البيان].


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 43
لقراءة المقال المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

فتنوع المدعون في الشهود، فقيل: لا تثبت هذه الدعوى إلا ببينة {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ ...

فتنوع المدعون في الشهود، فقيل: لا تثبت هذه الدعوى إلا ببينة {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} فتأخر الخلق كلهم، وثبت أتباع الرسول في أفعاله وأقواله وهديه وأخلاقه، فطولبوا بعدالة البينة، وقيل: لا تقبل العدالة إلا بتزكية {يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ}؛ فتأخر أكثر المدعين للمحبة، وقام المجاهدون.

فقيل لهم: إن نفوس المحبين وأموالهم ليست لهم، فسلموا ما وقع عليه العقد، فإن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة، وعقد التبايع يوجب التسليم من الجانبين، فلما رأى التجار عظمة المشتري وقدر الثمن، وجلالة قدر من جرى عقد التبايع على يديه، ومقدار الكتاب الذي أُثبت فيه هذا العقد، عرفوا أن للسلعة قدرا وشأنا ليس لغيرها من السلع، فرأوا من الخسران البـين والغبن الفاحش أن يبيعوها بثمن بخس دراهم معدودة تذهب لذتها وشهوتها وتبقى تبعتها وحسرتها، فإن فاعل ذلك معدود في جملة السفهاء.

فعقدوا مع المشتري بيعة الرضوان رضى واختيارا من غير ثبوت خيار، وقالوا: والله لا نقيلك ولا نستقيلك، فلما تم العقد وسلموا المبيع، قيل لهم: قد صارت أنفسكم وأموالكم لنا، والآن فقد رددناها عليكم أوفر ما كانت وأضعاف أموالكم {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} لم نبتع منكم نفوسكم وأموالكم طلبا للربح عليكم، بل ليظهر أثر الجود والكرم في قبول المعيب والإعطاء عليه أجلّ الأثمان، ثم جمعنا لكم بين الثمن والمثمن.

تأمل قصة جابر بن عبد الله وقد اشترى منه -صلى الله عليه وسلم- بعيره، ثم وفاه الثمن وزاده، ورد عليه البعير، وكان أبوه قد قتل مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في وقعة أحد، فذكره بهذا الفعل حال أبيه مع الله، وأخبره أن الله أحياه، وكلمه كفاحا وقال: «يا عبدي تمنَّ على».

فسبحان من عظم جوده وكرمه أن يحيط به علم الخلائق، فقد أعطى السلعة وأعطى الثمن ووفق لتكميل العقد، وقبل المبيع على عيبه، وأعاض عليه أجل الأثمان، واشترى عبده من نفسه بماله، وجمع له بين الثمن والمثمن وأثنى عليه، ومدحه بهذا العقد، وهو سبحانه الذي وفقه له، وشاءه منه) انتهى كلامه رحمه الله.

أنفُسٌ هو خلقها وأموالٌ هو رزقها

* المصدر: صحيفة النبأ - العدد 44
الثلاثاء 19 ذو القعدة 1437 ه‍ـ

* تيليغرام:
@wmc111at
...more

أنفُسٌ هو خلقها وأموالٌ هو رزقها للشيخ عبد العزيز بن رشيد الطويلعي (تقبّله الله) قال الله عز ...

أنفُسٌ هو خلقها وأموالٌ هو رزقها
للشيخ عبد العزيز بن رشيد الطويلعي (تقبّله الله)

قال الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 111].

وهذا أعظم عقد بين الله -عز وجل- وعباده، فاشترى الأنفس والأموال بالقتل في سبيله والقتال وأثاب عليه الجنة، وأكد ذلك بأنه وعد منه حق أوجبه على نفسه، وعد به في التوراة والإنجيل والقرآن، وأكد ذلك بما لا يشك فيه أحد: ومن أوفى بعهده من الله، فأي عاقل يجد في نفسه الجلد والصبر عن هذا الوعد العظيم من الله العظيم؟ وهذا العهد ممن لا يخلف العهد والميعاد.

وانظر إلى سعة كرم الكريم -جل وعلا- فقد اشترى ما وهبه وهو بيده لم يخرج من ملكه، وأثاب عليه ما هو أعظم منه، والكل من عنده سبحانه.

أخرج ابن أبي شيبة عن الحسن البصري قال: (أَنْفُسٌ هو خلقها، وأموالٌ هو رزقها).

وقد أوقع الله في الآية هذا العقد الذي هو أصل عبودية العبد لربه والعلاقة بينه وبين خالقه على القتال في سبيله، وفسره بقوله: {يَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ}، لأن القتال في سبيل الله ذروة السنام، وطلب الموت والشهادة غاية الصدق في الوفاء بالعقد من عبده، وإن كان هذا العقد الذي ثمنه الجنة يشمل جميع فرائض الدين وشعائره.

وأكد الله العقد بأنه في التوراة والإنجيل والقرآن، وظاهره أن العقد لأصحاب هذه الكتب، وهذا يضعّف ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- من أن الجهاد لم يفرض على النصارى لا للطلب ولا للدفع، بل ظاهر الآية أنه مفروض عليهم مذكور في إنجيلهم، كما أنه مفروض على أهل الكتاب من اليهود قبلهم، وأول ما فرض الجهاد على قوم موسى اليهود في التوراة، وقبل ذلك كان الله يأخذ المعرضين بالعقوبات الكونية من عنده كما جاء في بعض الآثار.

وختم الله -جل وعلا- الآية بالأمر بالاستبشار بهذا العقد الذي هو ربح محض لا مقابل له من العبد، بل الثمن والسلعة من عنده، وفي هذا أمر كل مسلم بالاستبشار بهذا العقد عموما، وبفرض القتال المنصوص عليه في العقد خصوصا، والذي يستبشر بعقد كهذا العقد ويؤمن به حق الإيمان، لا يجد في نفسه حرجا من القتال، ولا ينظر نظر المغشي عليه من الموت إذا سمع الآيات والنصوص المحكمة في الجهاد، ولا يقول ائذن لي ولا تفتني، ولا يقول غرّ هؤلاء دينهم، ولا يظن أن لن يرجع المؤمنون والمجاهدون إلى أهليهم أبدا ويظن ظن السوء.

بل يستبشر بقلبه، ويسر بهذا العقد والفضل من ربه، ومحال أن يستبشر بعقد ثم لا يبذل الثمن فيه ولا يسعى في إتمام الصفقة، بل حقيقة الاستبشار بالعقد أن يحرص على إتمامه، ويتضرع إلى المولى -جل وعلا- أن يعينه عليه وألا يصرفه عنه ويحرمه منه بعد إذ هداه إليه.

وهذه الكلمات بين يدي كلام نفيس لابن القيم -رحمه الله- في هذه الآية آثرت أن أنقله بطوله، قال رحمه الله:

(وأخبر سبحانه أنه {اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ} وأعاضهم عليها الجنة، وأن هذا العقد والوعد قد أودعه أفضل كتبه المنزّلة من السماء، وهى التوراة والإنجيل والقرآن، ثم أكد ذلك بإعلامهم أنه لا أحد أوفى بعهده منه، تبارك وتعالى، ثم أكد ذلك بأن أمَرَهم بأن يستبشروا ببيعهم الذي عاقدوه عليه، ثم أعلمهم أن ذلك هو الفوز العظيم.

فليتأمل العاقد مع ربه عقد هذا التبايع ما أعظم خطره وأجله، فإن الله -عز وجل- هو المشتري، والثمن جنات النعيم والفوز برضاه والتمتع برؤيته هناك، والذي جرى على يده هذا العقد أشرف رسله وأكرمهم عليه من الملائكة والبشر، وإن سلعةً هذا شأنها لقد هُيئت لأمر عظيم وخطب جسيم...

قد هيئوك لأمر لو فطنت له
فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل

مهر المحبة والجنة؛ بذل النفس والمال لمالكهما الذي اشتراهما من المؤمنين، فما للجبان المعرض المفلس وَسَوْم هذه السلعة؟!!

بالله ما هزلت فيستامها المفلسون، ولا كسدت فيبتاعها بالنسيئة المعسرون، لقد أقيمت للعرض في سوق من يزيد، فلم يرض ربها لها بثمن دون بذل النفوس، فتأخر البطالون وقام المحبون ينتظرون أيّهم يصلح أن تكون نفسه الثمن، فدارت السلعة بينهم، ووقعت في يد {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}.

لمّا كثر المدعون للمحبة؛ طولبوا بإقامة البينة على صحة الدعوى، فلو يعطى الناس بدعواهم لادعى الخلي حرفة الشجي.
...more

صحيفة النبأ العدد 44 الإفتتاحية: لاتزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله من يتابع إعلام ...

صحيفة النبأ العدد 44
الإفتتاحية:
لاتزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله

من يتابع إعلام الدولة الإسلامية ويرى حجم تركيزها على أن هذه الحملة الصليبية التي يواجهها جنودها الآن بكل شجاعة وإقدام هي آخر الحملات، بإذن الله، يتبادر إلى ذهنه أن جنودها يحسبون هذه الحملة عليهم نهاية المطاف، ومرحلة أخيرة من مراحل طريق الجهاد الطويل.

ومن يعرف حقائق الإسلام، يدرك أن الطائفة المنصورة لا يمكن أن تلقي السلاح يوما، أو تقعد عن جهاد المشركين، فالشرك في الأرض مستمر إلى يوم القيامة، وما بقي من أهل الإيمان فرد إلا ووجب عليه جهادهم وقتالهم حتى يخضعوا لحكم الله تعالى، كما أن المشركين مستمرون في حرب أهل الإيمان ما بقي منهم أحد على وجه الأرض، حتى يردوا المؤمنين عن دينهم إن استطاعوا.

ولما كانت أمريكا قائدةَ هذة الحملة الصليبية على أمة الإسلام، فإن انتهاء هذه الحملة سيكون قريبا بإذن الله، بانكفاء أمريكا على نفسها لتداوي ما أصابها من جراحات وتعوض ما لحقها من خسائر، لتحافظ على رأس مالها المتآكل بعد تيقّنها أن الحصول على الأرباح بات شاقا مكلفا، فما نراه اليوم هو أن أمريكا تدفع حلفاءها دفعا لمشاركتها في تحمل تكاليف الغارات الجوية ودعم جيوش المرتدين على الأرض وتمويلها، وبانسحاب أمريكا من المنطقة، ستعاني الدول الصليبية الأخرى من معضلتي العجز عن تغطية جبهات القتال الواسعة، وغياب العنصر الجامع لأشتات الدول المتحالفة.

ولكن من يوسع مجال الرؤية أكثر يجد أن العالم مليء بالمشركين من غير الصليبيين، فهناك اليهود، والملحدون اللادينيون، والمشركون من الهندوس والبوذيين والوثنيين، وهناك الطواغيت الحاكمون لبلدان المسلمين المسلوبة، والمرتدون من المنتسبين للإسلام كالرافضة والقبوريين والديموقراطيين، وهناك مرتدو الصحوات الذين يتولون أي فريق من المشركين في سبيل أن لا تُحكّم الشريعة ولا يكون الدين كلّه لله، وهناك غيرهم ممن لا نعلمهم الآن، ولكن الله يعلم وقت ظهورهم ومنابذتهم لأهل التوحيد بالعداوة والقتال.

وأمم الشرك هذه لا تقلّ عداوة للذين آمنوا عن النصارى الصليبيين، بل هم أشد الناس عداوة للمؤمنين، كما قال تعالى: {لتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [المائدة: 42]، ومعظم هذه الأمم منغمسة في الحرب على الإسلام وأهله، وما قصص استضعافهم للمسلمين، وحربهم على شعائر الإسلام الظاهرة، عنا ببعيد.

وتذكّرنا حوادث التاريخ بأمثلة عن جرائم تلك الطوائف بحق أهل الإسلام، ولا أدلّ من قصة المغول الوثنيين الذين غزو المسلمين في عقر دارهم، وأزالوا دولتهم وخلافتهم، ودمّروا حواضرهم، وسفكوا دماءهم، وأصابوا المسلمين بفاجعة كل ما كان بعدها من الفواجع يهون عندها، كما إن قصة صراع المسلمين وخاصة في القرن الماضي مع الطواغيت المرتدين المنتسبين للإسلام لا تقل مأساتها بحال عن قصة الصراع مع الصليبيين القادمين من وراء البحار.

وما إن تنكسر هذه الحملة الصليبية -بإذن الله- حتى تتلوها حملات وحملات من أمم الشرك المختلفة، على المسلمين أن يجاهدوها أيضا، ويصبروا عليها، كما صبروا على حملات الصليبيين المتعاقبة، وحتى لو توقفت حملات المشركين عن مهاجمة دار الإسلام، فإن من واجب المسلمين أن يطلبوا المشركين في أرضهم، وأن يدخلوا عليهم الباب، فيكسروا شوكتهم، وينكّسوا رايتهم، وأن يستمروا في مطاردتهم، حتى تدين الأرض كلها بالدين لله وحده، وحتى يخضع المشركون كلهم لحكم الله، عز وجل.

إن استمرار المسلمين في قتال المشركين أبدا سنّة من سنن الله التي اختص بها هذا الدين العظيم وأهله، وقد ربط الله تعالى قيام هذا الدين بذلك القتال، كما في قوله، صلى الله عليه وسلم: (لن يبرح هذا الدين قائما، يقاتل عليه عصابة من المسلمين، حتى تقوم الساعة) [رواه مسلم]، وقوله، صلى الله عليه وسلم: (لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله، قاهرين لعدوهم، لا يضرهم من خالفهم، حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك) [رواه مسلم].

فليحرص كل مسلم أن يكون في صف هذه العصابة من الموحّدين التي لا تنقطع إلى قيام الساعة، فإنهم لا يضرّهم من خالفهم ولا من خذلهم وهم مستمرون في جهادهم بقدر من الله يسوقهم إليه سوقا، وليحرص كل مجاهد أن يجدّد نيته دائما على الاستمرار في قتال المشركين حتى يأتيه اليقين، فيبعثه الله في زمرة الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء، وحسن أولئك رفيقا.


* المصدر: صحيفة النبأ - العدد 44
الثلاثاء 19 ذو القعدة 1437 ه‍ـ
...more

فتاوى ابن تيمية: مواضع المنكرات "ليس للإنسان أن يحضر الأماكن التى يشهد فيها المنكرات ولا يمكنه ...

فتاوى ابن تيمية: مواضع المنكرات

"ليس للإنسان أن يحضر الأماكن التى يشهد فيها المنكرات ولا يمكنه الإنكار إلا لموجب شرعي مثل:

أن يكون هناك أمر يحتاج إليه لمصلحة دينه أو دنياه لا بد فيه من حضوره أو مكرها، فأما حضوره لمجرد الفرجة وإحضار امرأته تشاهد ذلك، فهذا مما يقدح في عدالته ومروءته إذا أصر عليه".

ابن تيمية - مجموع الفتاوى (239/28)
...more

إخواننا المسلمين في القوقاز يا أحفاد شامل وعمروف وأبي عمر الشيشاني انضموا إلى الدولة ...

إخواننا المسلمين في القوقاز

يا أحفاد شامل وعمروف وأبي عمر الشيشاني
انضموا إلى الدولة الإسلامية
ابنوا مع إخوانكم ولاية القوقاز
لا تكونوا لعبة بيد روسيا في حروبها
لا تكونوا يدًا للمجرمين في الكرملين

إما إقامة دولة إسلامية أو حربٌ على روسيا الصليبية!
...more

بل يكرهون الإسلام وشعائره! في من مزّق الخمار إرضاءً للملاحدة الكفّار [3/3] وهذا ما نشاهده ...

بل يكرهون الإسلام وشعائره!
في من مزّق الخمار إرضاءً للملاحدة الكفّار

[3/3]

وهذا ما نشاهده اليوم في الحرب القائمة بين الدولة الإسلامية والتحالف الصليبي الدولي وأوليائه من المرتدين، إذ يترقب المنافقون نتائج المعارك وما إن تبدو لهم بارقة تقدم للمشركين حتى يخرجوا إليهم، ويظهروا ما في قلوبهم من كره للإسلام وأحكامه وشعائره، لينالوا بذلك رضاهم، ويعلنوا بذلك انتماءهم إليهم وبراءتهم من التوحيد وأهله.

فيكون أوّل ما يفعله المنافقون المجاهرة بالمعاصي التي كانوا ممنوعين من المجاهرة بها من قبل، بل ويظهرون الفرح والسرور بدخولهم تحت طاعة المشركين، فيما تسارع المنافقات إلى خلع الحجاب ثوب الحشمة، بل إنّ منهنّ من لا تكتفي بخلعه، بل تلقي به أرضا لتُهينه أو تحرقه أو تمزّقه، لعلّها تنال بذلك رضا الكفار، بسخط الجبار.
ويخرج أولئك المرتدون على الشاشات والقنوات ليسبّوا الموحّدين من جنود الدولة الإسلامية، ويزعموا أنهم يكرهونهم ولا يكرهون الإسلام، وقد فضحهم الله بما أظهروه من استهزاء بشعائر الإسلام، وإهانة لها، فبان للناس جميعا أنهم إنما يكرهون الإسلام ككل لا جنود الدولة الإسلامية فحسب، وأنهم لم يكرهوا الدولة الإسلامية إلا لأنها تقيم أحكام الإسلام وتعظم شعائره.

فقد قال اللهُ تعالى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]، قال الزجّاج في {شَعَائِرَ اللَّهِ}: «يعني بها جميع متعبداته التي أشعرها الله، أي جعلها أعلاما لنا، وهي كل ما كان من موقف أو مسعى أو ذبح، وإنما قيل: شعائر لكل عَلَم مما تُعُبِّد به؛ لأن قولهم: شعرت به: علِمته، فلهذا سُمِّيت الأعلام التي هي متعبدات الله تعالى شعائر» [تاج العروس].

وإن تعظيم شعائر الله من تعظيم الله -عز وجل- الذي أمر بها، والحجاب الشرعي شعيرة من شعائر الله تعالى الذي لم تأت به الدولة الإسلامية من فراغ، وإنما من كتاب الله -عز وجل- وسنة نبيه، صلى الله عليه وسلم، وكذلك اللحية والثوب القصير وما إلى ذلك من الشعائر وعلامات الهدي الظاهر، التي عظمتها دولة الإسلام وأمرت بها رعاياها من المسلمين.

ومعلوم أن من نواقض الإسلام، من استهزأ بشيء من دين الرسول، صلى الله عليه وسلم، أو ثواب الله، أو عقابه، كَفَر، والدليل قوله تعالى: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ * وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} [التوبة: 64-66].

قال ابن حزم: «فنصّ تعالى على أن الاستهزاء بالله تعالى أو بآياته أو برسول من رسله كفر مخرج عن الإيمان، ولم يقل تعالى في ذلك أني علمت أن في قلوبكم كفرا بل جعلهم كفارا بنفس الاستهزاء» [الفصل].

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله: «فدل على أنهم لم يكونوا عند أنفسهم قد أتوا كفرا، بل ظنوا أن ذلك ليس بكفر، فبين أن الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر، يكفر به صاحبه بعد إيمانه» [مجموع الفتاوى].

وعليه فكل رجل أو امرأة استهزأ أو استهزأت بشيء مما جاء به القرآن أو السنة في حال ظهور الإسلام ودولته فهم كفار مرتدون، فكيف بمن استهزأ بما جاء في الوحيين موالاة وموادة للكفار والملحدين؟!

قال سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، رحمهم الله: «فكيف بأهل البلدان الذين كانوا على الإسلام، فخلعوا ربقته من أعناقهم، وأظهروا لأهل الشرك الموافقة على دينهم، ودخلوا في طاعتهم، وآووهم ونصروهم، وخذلوا أهل التوحيد، واتبعوا غير سبيلهم، وخطّؤوهم، وظهر فيهم سبّهم، وشتمهم، وعيبهم، والاستهزاء بهم، وتسفيه رأيهم في ثباتهم على التوحيد، والصبر عليه، وعلى الجهاد فيه، وعاونوهم على أهل التوحيد طوعا لا كرها، واختيارا لا اضطرارا، فهؤلاء أولى بالكفر والنار من الذين تركوا الهجرة شحا بالوطن، وخوفا من الكفار، وخرجوا في جيشهم مكرهين خائفين» [الدلائل في حكم موالاة أهل الإشراك].
إن الدولة الإسلامية لا يضرها -بإذن الله- لو ارتد من الناس من ارتد، ولكن نسأل الله تعالى أن يمنّ بالفتح على عباده الموحدين فيرجعوا إلى كل أرض انحازوا منها وزيادة، كما منّ عليهم من قبل بذلك، عندئذ يعض المنافقون والمرتدون أصابعهم من الندم على ما أجرموا، فلا يكون مصيرهم إلا بين قتيل وطريد، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 43
لقراءة المقال المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

بل يكرهون الإسلام وشعائره! في من مزّق الخمار إرضاءً للملاحدة الكفّار [2/3] كما بيّن سبحانه أن ...

بل يكرهون الإسلام وشعائره!
في من مزّق الخمار إرضاءً للملاحدة الكفّار

[2/3]
كما بيّن سبحانه أن المنافقين يُخرجون ما في قلوبهم عند اشتداد الفتن، وعندما تشتد الخطوب على المسلمين، فتظهر حقيقة معادنهم، ويتمايزون عن المؤمنين، كما في قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِن جَاءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ * وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ} [العنكبوت: 10-11]، وبيّن أنهم في المعارك الفاصلة بين الإسلام والكفر يترقبون ليروا لمن تكون الغلبة فينضموا إلى صفّه، فإن فتح الله على المؤمنين بقوا على نفاقهم، واستمروا في إظهار الإسلام للمسلمين، وإن كانت الغلبة للمشركين أظهروا حقيقة كفرهم، وكشفوا عن موالاتهم للمشركين وسعيهم لإرضائهم، كما في قوله تعالى: {الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ ضوَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء: 141].

وقال صاحب «توضيح المقاصد شرح الكافية الشافية»: «وكفى بالعبد عمى وخذلانا أن يرى عساكر الإيمان، وجنود السنة والقرآن، وقد لبسوا للحرب لأمته، واعدوا له عدته، وأخذوا مصافهم، ووقفوا مواقفهم، وقد حمي الوطيس، ودارت رحى الحرب، واشتد القتال، وتنادت الأقران النزال النزال، وهو في الملجأ والمغارات والمدخل مع الخوالف كمين، وإذا ساعد القدر وعزم على الخروج قعد على التل مع الناظرين، ينظر لمن الدائرة ليكون إليهم من المتحيزين، ثم يأتيهم وهو يقسم بالله جهد أيمانه أني كنت معكم، وكنت أتمنى أن تكونوا أنتم الغالبين، فحقيق بمن لنفسه عنده قدر وقيمة أن لا يبيعها بأبخس الأثمان، وأن لا يعرضها غدا بين يدي الله ورسوله لمواقف الخزي والهوان، وأن يثبت قدميه في صفوف أهل العلم والإيمان».

وهذا ما نشاهده اليوم في الحرب القائمة بين الدولة الإسلامية والتحالف الصليبي الدولي وأوليائه من المرتدين، إذ يترقب المنافقون نتائج المعارك وما إن تبدو لهم بارقة تقدم للمشركين حتى يخرجوا إليهم، ويظهروا ما في قلوبهم من كره للإسلام وأحكامه وشعائره، لينالوا بذلك رضاهم، ويعلنوا بذلك انتماءهم إليهم وبراءتهم من التوحيد وأهله.

فيكون أوّل ما يفعله المنافقون المجاهرة بالمعاصي التي كانوا ممنوعين من المجاهرة بها من قبل، بل ويظهرون الفرح والسرور بدخولهم تحت طاعة المشركين، فيما تسارع المنافقات إلى خلع الحجاب ثوب الحشمة، بل إنّ منهنّ من لا تكتفي بخلعه، بل تلقي به أرضا لتُهينه أو تحرقه أو تمزّقه، لعلّها تنال بذلك رضا الكفار، بسخط الجبار.
ويخرج أولئك المرتدون على الشاشات والقنوات ليسبّوا الموحّدين من جنود الدولة الإسلامية، ويزعموا أنهم يكرهونهم ولا يكرهون الإسلام، وقد فضحهم الله بما أظهروه من استهزاء بشعائر الإسلام، وإهانة لها، فبان للناس جميعا أنهم إنما يكرهون الإسلام ككل لا جنود الدولة الإسلامية فحسب، وأنهم لم يكرهوا الدولة الإسلامية إلا لأنها تقيم أحكام الإسلام وتعظم شعائره.

فقد قال اللهُ تعالى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]، قال الزجّاج في {شَعَائِرَ اللَّهِ}: «يعني بها جميع متعبداته التي أشعرها الله، أي جعلها أعلاما لنا، وهي كل ما كان من موقف أو مسعى أو ذبح، وإنما قيل: شعائر لكل عَلَم مما تُعُبِّد به؛ لأن قولهم: شعرت به: علِمته، فلهذا سُمِّيت الأعلام التي هي متعبدات الله تعالى شعائر» [تاج العروس].

وإن تعظيم شعائر الله من تعظيم الله -عز وجل- الذي أمر بها، والحجاب الشرعي شعيرة من شعائر الله تعالى الذي لم تأت به الدولة الإسلامية من فراغ، وإنما من كتاب الله -عز وجل- وسنة نبيه، صلى الله عليه وسلم، وكذلك اللحية والثوب القصير وما إلى ذلك من الشعائر وعلامات الهدي الظاهر، التي عظمتها دولة الإسلام وأمرت بها رعاياها من المسلمين.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 43
لقراءة المقال المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

بل يكرهون الإسلام وشعائره! في من مزق الخمار إرضاءً للملاحدة الكفار [1/3] النفاق صورة من صور ...

بل يكرهون الإسلام وشعائره!
في من مزق الخمار إرضاءً للملاحدة الكفار

[1/3]

النفاق صورة من صور الكفر بالله ترتبط عادة بعز المسلمين والتمكين لهم في الأرض، ذلك أن الكفار إذا ظهروا واستعلوا على أهل الإيمان أظهروا كفرهم، وأخرجوا كل ما في قلوبهم من عداء للإسلام وأهله، حتى إذا ما كانت الدولة للمسلمين انقسموا أقساما، فمنهم من يستمر في عناده واستكباره، محاربا بكل ما أوتي من قوة ساعيا إلى تدمير دولة الإسلام، وإبادة المسلمين، كما كان الحال مع مشركي قريش قبل فتح مكة، ومنهم من يستمر على كفره ولكنه لا يقوى على حرب المسلمين فيطلب العهد والأمان -إن أمكنه ذلك- ليأمن بذلك على نفسه وماله وعرضه، ويبقى يترقب زوال دولة الإسلام، وينتظر المدد القادم له من الخارج ليغدر بالمسلمين ويطعنهم من الخلف، أو يرضيه العيش في دار الإسلام رغم بقائه على الكفر لما يجده من أمن وأمان وعدل، كما كان حال اليهود قبل أن ينهي النبي -صلى الله عليه وسلم- وجودهم من المدينة، ومنهم أيضا من يبقى على كفره وكرهه للإسلام، وشرائعه، وشعائره، ولكنه لا يجرؤ على قتال المسلمين أو إعلان العداوة لهم، فيظهر الإسلام، رغم استثقاله لواجباته، من صلاة وزكاة وجهاد وصدقة، فلا يؤديها إلا كارها، ولا يقوم إليها إلا وهو كسلان يرائي الناس، ويمن بها على المسلمين، وهذا من أخطر فئات الكفار عادة، لأنه يعيش بين المسلمين، ويطلع على عوراتهم، وهو في حالة تحفز دائم للغدر بأهله والانقلاب إلى صف أهل الكفر والإشراك.

وقد بين الله تعالى كثيرا من صفات المنافقين في كتابه الكريم، حتى سميت إحدى سور القرآن بسورة «المنافقون» لأنها نزلت فيهم، وسميت أخرى بـ «الفاضحة» لأنها كشفت بواطنهم وبينت أوصافهم لأهل الإيمان، كما بين كثير من الأحاديث الشريفة أفعال المنافقين لتحذير أهل الإيمان من الوقوع في شعب النفاق، فضلا عن الوقوع في النفاق الخالص.

فهؤلاء المنافقون لا يقومون بشعائر الإسلام ولا يلتزمون بأحكامه إلا خوفا ورياءً، ويظنون أنهم بذلك يخدعون المسلمين كما وصفهم الله تعالى: {وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون} [البقرة: 14]، وقوله: {إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون} [المنافقون: 1]، ولكن رغم ذلك فإن الله يفضح ما يخفونه في صدورهم، فقال سبحانه: {أم حسب الذين في قلوبهم مرضٌ أن لن يخرج الله أضغانهم * ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم} [محمد: 29-30]، وبين لأوليائه أنهم يمكنهم الاستدلال على نفاق المنافقين بعلامات كثيرة، أبرزها فلتات ألسنتهم، وكرههم للقيام بشعائر الإسلام الظاهرة، كما في قوله تعالى: {إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلًا} [النساء: 142]، وقوله: {ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون} [التوبة: 54]، وقوله: {ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرمًا ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء والله سميعٌ عليمٌ} [التوبة: 98].

كما بين سبحانه أن المنافقين يخرجون ما في قلوبهم عند اشتداد الفتن، وعندما تشتد الخطوب على المسلمين، فتظهر حقيقة معادنهم، ويتمايزون عن المؤمنين، كما في قوله تعالى: {ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصرٌ من ربك ليقولن إنا كنا معكم أوليس الله بأعلم بما في صدور العالمين * وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين} [العنكبوت: 10-11]، وبين أنهم في المعارك الفاصلة بين الإسلام والكفر يترقبون ليروا لمن تكون الغلبة فينضموا إلى صفه، فإن فتح الله على المؤمنين بقوا على نفاقهم، واستمروا في إظهار الإسلام للمسلمين، وإن كانت الغلبة للمشركين أظهروا حقيقة كفرهم، وكشفوا عن موالاتهم للمشركين وسعيهم لإرضائهم، كما في قوله تعالى: {الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتحٌ من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيبٌ قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فالله يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلًا} [النساء: 141].


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 43
لقراءة المقال المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

«الهيئة السورية للإعلام».. إعلام مفحوص أمريكياً! يلعب الجانب الإعلامي دورا بارزا لا يقل أهمية عن ...

«الهيئة السورية للإعلام».. إعلام مفحوص أمريكياً!

يلعب الجانب الإعلامي دورا بارزا لا يقل أهمية عن الجانب العسكري في الحرب الدائرة اليوم بين الدولة الإسلامية وملل الكفر ونحله، فبعد أن أُنشئت الجماعات والفصائل والكتائب العسكرية بتخطيط وتنفيذ ودعم صليبي كـ «لواء الحمزة» و«الفرقة 55» و«الفرقة 99» في ريف حلب الشمالي و«جيش سوريا الجديد» في ولاية الفرات و«الجبهة الجنوبية» في ولاية دمشق، بدأت الحاجة لجناح إعلامي قوي -يوازي الحملة العسكرية ضد الدولة الإسلامية- تظهر بشكل كبير أمام الدول الصليبية الداعمة للصحوات وعلى رأسها أمريكا.


• الحاجة لجناح إعلامي محترف

عمدت المخابرات الصليبية على إنشاء مراكز إعلامية لفصائل صحوات الردة تحت إشرافها ورعايتها المباشرة، وبعد أن شَكّلت الفصائل المفحوصة أمريكيا في حوران والقلمون الشرقي والحَمَاد الشامي ما يسمى «الجبهة الجنوبية» سعيا للقضاء على الدولة الإسلامية والحد من خطرها المتعاظم في تلك المناطق، ودُعمت الفصائل بالسلاح والعتاد والأموال، ودُرَّب عناصرها في معسكرات في الأردن يشرف عليها مدربون أمريكيون، شُكّل جهاز إعلامي تحت مسمى «الهيئة السورية للإعلام» (SMO)، بحيث يكون جناحا إعلاميا لـ «الجبهة الجنوبية» يضاهي إعلام الدولة الإسلامية، ويفبرك ويزور الحقائق، ويطعن بالمجاهدين، ويلصق بهم التهم، بشكل احترافي.

كيف أُنشئت هذه الهيئة؟
ومن الأشخاص القائمون عليها؟
وكيف دُرِّب أعضاؤها؟

أسئلة حصلت (النبأ) على إجاباتها من مصدر أمني خاص، فقد سبق الإعلان عن هذه الهيئة اجتماعات مكثفة بين مسؤولين في المخابرات الأردنية المرتدة والمخابرات الأمريكية الصليبية وكل من المرتد إبراهيم الجباوي العميد السابق في الشرطة النصيرية والمرتد أسعد عوض الزعبي الطيار السابق في سلاح الجو النصيري، المعروفَين بالعلمانية ومعاداة الشريعة، فأوكلت لهما على إثر تلك الاجتماعات المكثفة مهمة إنشاء هذه الهيئة قبل سنتين ونصف من الآن مع عدد من الإعلاميين المفحوصين والمختارين بعناية، من أصحاب التوجه العلماني وممن عرف عنهم الارتزاق بالكلمة والخبر، من أبرزهم المدير التنفيذي للهيئة المرتد محمد الزعبي أبو المجد.

• خبراء إعلام صليبيون لتدريب الصحوات

وكما أشرفت أمريكا على تدريب جنود «الجبهة الجنوبية» المرتدة عسكريا، كان لا بد لها من تدريب إعلامي موازٍ، فأوفدت إلى مدينة عمان -التي باتت غرفة عمليات للمخابرات الصليبية في حربها على الدولة الإسلامية- عددا من كبار مراسيلها الإعلاميين ممن غطوا معارك أفغانستان والعراق إعلاميا، إلى جانب خبراء إعلاميين من إحدى المؤسسات الإعلامية البريطانية، لتدريب أعضاء «الهيئة السورية للإعلام» بعد اختيارهم بدقة والتأكد من توجهاتهم ومعاداتهم للدولة الإسلامية، وقابلية التعاون معهم في حربها.
فسارت الدورات التدريبية كما خُطط لها بعد أن أحيطت بسرية تامة وحماية مباشرة من المخابرات الأردنية المرتدة، وبعد أن انتهوا من الدروس النظرية المكثفة، بدأت الدروس العملية التجريبية، وكشف مهند وهو إعلامي ترك العمل في «الهيئة» وأعلن تبرؤه منها، عن صدمته عندما عرض عليهم الخبير الأمريكي إصدارا للدولة الإسلامية وبدأ يشرح لهم ويحلل كيف صنع المجاهدون مادة إعلامية ناجحة ومؤثرة، وكان هذا أول درس عملي لهم.

• تحضير المتدربين للتعاون مع الصليبيين

لم يكن عرض إصدارات الدولة الإسلامية إلا مرحلة أولية في تهيئة المتدربين نفسيا للتعاون مع الصليبيين والقتال إلى جانبهم ضد الدولة الإسلامية، فقبيل نهاية الدروس العملية بدأت مرحلة جس نبض المتدربين للتعاون المباشر مع القوات الصليبية، إذ بدأ الضباط الأمريكيون يجتمعون مع المتدربين ويناقشونهم طارحين عليهم أسئلة غريبة بالنسبة لهم في ذلك الوقت (قبل سنتين ونصف)، ويقول مهند: «كانوا يسألوننا: هل ستقاتلون معنا عندما ندخل الشام لمساعدتكم؟ وهل تتقبلون فكرة وجود قواعد للقوات الصديقة -يقصدون التحالف الصليبي- في مناطقكم؟ وهل ستؤمّنون الحماية للقوات الأمريكية التي ستساعدكم؟».

كل هذه الأسئلة وغيرها كان من الغريب طرحها في ذلك الوقت، لأن مواجهة النظام النصيري بنظرهم لم تكن تحتاج سوى شحنات من الأسلحة المتطورة وكميات من مضادات الطيران المحمولة على الكتف، فما حاجة دخول الصليبيين؟! وهذا ما طرحه مهند على الضابط الأمريكي، الذي أجابه بأن دخولهم لن يكون لقتال النظام النصيري بل لقتال الدولة الإسلامية التي أذاقهم جنودها المر العلقم في العراق، ساردا لهم قصصا وسيرا عن جحيم الأمريكيين في الأنبار والفلوجة وغيرهما.

ومع تخريج كل دفعة من المتدربين كان كل من الجباوي والزعبي يلتقون بالمتخرجين ويحرضونهم على التركيز على النيل من الدولة الإسلامية وتلميع صورة فصائل صحوات الردة، بالرغم من أن القتال بين الدولة الإسلامية وفصائل الردة في الجنوب لم ينشب بعد، في ذلك الوقت.
...more

ولكن وبعد أن فتح الله على عباده الموحدين، وتمكنت الدولة الإسلامية -بفضل الله وحده- من بسط سلطانها ...

ولكن وبعد أن فتح الله على عباده الموحدين، وتمكنت الدولة الإسلامية -بفضل الله وحده- من بسط سلطانها وتحكيم شرع الله، عز وجل، وفُتحت المعاهد وأُقيمت الدورات الشرعية للنساء، انتبه كثير منهن إلى خطورة ما تربين عليه وألفنه من الاختلاط مع أحمائهن، وأصبحن ينشدن الحلول لمثل هذه العادات المحرمة شرعا.

ولمثل هؤلاء نقول، لقد جاء في الحديث الشريف أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، حتى وإن كان هذا المخلوق الذي يأمر بالمعصية، هو الزوج الذي طاعته واجبة على الزوجة، وظهور المرأة أمام أحمائها مكشوفة الوجه معصية عظيمة، بل إنها وإن جلست معهم بخمارها ولم يبدُ منها شيء، فإن ذلك لا يجوز أيضا، فهذا باب فتنة عظيم حري بالزوج المسلم الغيور أن يوصده.

ولا يظن بعض الرجال أن هذا تحريض للنساء على التمرد على أزواجهن بطلب بيت مستقل بعيد عن الأحماء، ولكننا نربأ بالمسلمة أن تتعدى حدود ربها، عز وجل، وتنال رضا زوجها بسخط الله تعالى، وإن هي أقامت في بيت أهل زوجها لقلة ذات اليد وعدم قدرة الزوج على توفير بيت مستقل، فأقلها أن يضمن لها الزوج الضوابط الشرعية لإقامتها، بحيث لا تجتمع مع غير ذي محرم.

وسؤال لكل ذي غيرة، لقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (خير صفوف الرجال أوّلها، وشرّها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرّها أوّلها)، فإذا كان هكذا يجب أن يكون حال المرأة في بيوت الله تعالى، وهي تؤدي فريضة الصلاة، بعيدة كل البعد عن الرجال، فلا يرونها ولا تراهم خشية الفتنة، فكيف يسمح الزوج بعد هذا لأخيه الأجنبي عن زوجته، أن يدخل بيته في غيابه، ليجالس زوجته ويحادثها والشيطان ثالثهما؟!
ونقول للأخت المسلمة التي تعترضها بعض الصعوبات وهي تجاهد نفسها ومن حولها حتى تجتنب الاختلاط: اثبتي فإنك على الحق، ولا تهتمي لمضايقة الأهل لك وسخريتهم منك -وهذا ما يحدث في كثير من البيوت إذا ما قررت المسلمة اعتزال الأقرباء الغرباء عنها- ولا تزيدنك همزاتهم وغمزاتهم إلا ثباتا.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلِّ اللهم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 43
تيليغرام:
@wmc111at
...more

إياكم والدخول على النساء الاختلاط؛ كلمة ما ذُكرت إلا وتبادر إلى أذهان جل السامعين أن المقصود ...

إياكم والدخول على النساء


الاختلاط؛ كلمة ما ذُكرت إلا وتبادر إلى أذهان جل السامعين أن المقصود بها الاختلاط بين الرجال والنساء الذين لا تربطهم بهم صلة قرابة، وهذا للأسف ما ترسّخ لدى فئام من الناس ممن تربوا على أن المسلمة يجوز لها الاختلاط بغير محارمها إذا كانوا من عائلتها كأبناء العم والخال، أو عائلة زوجها كأحمائها، الذين هم إخوة الزوج وأعمامه وأخواله.

غير أن حكم أحكم الحاكمين جاء واضحا وصريحا بتحريم ذلك، وكذلك بيّن نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي لا ينطق عن الهوى، حرمة اختلاط المسلمات بغير محارمهن وإن كان أخو زوجها.

فقد حدد الله -تبارك وتعالى- محارم المرأة في الآية الكريمة: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31].

وروى الشيخان في صحيحيهما عن عقبة بن عامر، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إياكم والدخول على النساء)، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيتَ الحَمْو؟ قال: (الحَمْو الموت).
قال الحافظ ابن حجر: «وقد قال النووي المراد في الحديث أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه لأنهم محارم للزوجة يجوز لهم الخلوة بها ولا يوصفون بالموت، قال وإنما المراد الأخ وابن الأخ والعم وابن العم وابن الأخت ونحوهم مما يحل لها تزويجه لو لم تكن متزوجة، وجرت العادة بالتساهل فيه فيخلو الأخ بامرأة أخيه، فشبّهه بالموت وهو أولى بالمنع من الأجنبي».

ثم قال: «وقال القرطبي في المفهم المعنى أن دخول قريب الزوج على امرأة الزوج يشبه الموت في الاستقباح والمفسدة، أي فهو محرّم معلوم التحريم وإنما بالغ في الزجر عنه وشبّهه بالموت لتسامح الناس به من جهة الزوج والزوجة؛ لإلفهم بذلك، حتى كأنه ليس بأجنبي من المرأة فخرج هذا مخرج قول العرب: الأسد الموت، والحرب الموت، أي لقاؤه يفضي إلى الموت، وكذلك دخوله على المرأة قد يفضي إلى موت الدين، أو إلى موتها بطلاقها عند غيرة الزوج، أو إلى الرجم إن وقعت الفاحشة» [فتح الباري].

ولكن ورغم تشبيه النبي -صلى الله عليه وسلم- لدخول أحماء الزوجة عليها في غياب زوجها أو ذي محرم لها بالموت، وهذا من التغليظ في الزجر عن فعل ذلك، إلا أنه قد درج لدى كثير من الناس عدم التحرز من هذا الفعل، فبتنا نسمع عن الاختلاط بين الزوجة وأقارب زوجها، ما الله به عليم، حتى أصبحت الخلوة بين الزوجة وأحد أحمائها من أهون الأمور، ولا حسيب عليها ولا رقيب.

وعن ابن عباس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا يخلُوَنّ رجل بامرأة إلا مع ذي محرم) [متفق عليه].

وكنتيجة حتمية لهذا التهاون والتمييع لهذا الأمر، وبعد أن استنوقت الجِمال في بعض العائلات -إلا من عصم اللهُ- وغابت الغيرة والمروءة والحياء، فقد حدث في بعض بيوت المسلمين ما تقشعر لذكره الذوائب.

ثم إنه ومما يزيد الطين بلّة عادات وتقاليد نشأت عليها بعض العوائل المسلمة، فكثير من الآباء والأمهات يرون في خروج ابنهم عند زواجه للسكنى في بيت منفصل عن بيتهم عارا وشنارا، وعقوقا ما بعده عقوق، فتجدهم يلزمون جميع أبنائهم بالسكن في بيت العائلة الكبير، ولا بأس حينها من الاختلاط وظهور زوجات الأبناء أمام الأحماء إخوان الزوج؛ يجلسون معاً، ويأكلون معاً، ويشاهدون التلفاز -المحرم- معاً، ويتسامرون معاً وهكذا تمضي الحياة! والويل كل الويل، والثبور كل الثبور لمن تحلم من الزوجات مجرد حلم ببيت منفصل عن بيت أهل الزوج!
...more
Loading prayer times ...
00:00:00 Time to
25 Sha'aban 1446
Fajr 00:00 Dhuhr 00:00 Asr 00:00 Maghrib 00:00 Isha 00:00