حكمٌ خالٍ من العاطفة حتى لو لم يسفك الرافضة قطرة دم واحدة منا، فإننا في عداء معهم، نصرة واتباعا ...

حكمٌ خالٍ من العاطفة

حتى لو لم يسفك الرافضة قطرة دم واحدة منا، فإننا في عداء معهم، نصرة واتباعا لديننا، فالرافضة كفار بطعنهم في كتاب ربنا وعرض نبينا وصحابته، من قبل أن يقاتلونا، والعداء معهم عداء ديني لا ينتهي إلا بإسلامهم، ولا ينقص مثقال ذرة بقتالهم لليهود أو تمسُّحهم بفلسطين.

هذه عقيدة أهل السنة في الرافضة، مع التأكيد على أن رافضة زماننا أشد كفرا وحرابة من رافضة الأمس وأكثر تجبرا وجرأة على دين المسلمين وعقيدتهم ومقدساتهم وأعراضهم.

》النبأ العدد ٤٣٦
》 لقراءة الصحيفة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

إن إيماننا بالذي رفع السماء بلا عمد، أنه لو أحاط الصليبيون بالمؤمنين بمعسكراتهم إحاطة الهالة بالقمر ...

إن إيماننا بالذي رفع السماء بلا عمد، أنه لو أحاط الصليبيون بالمؤمنين بمعسكراتهم إحاطة الهالة بالقمر والسوار بالمعصم وجعلوا فوقهم أسراب الطائرات عدد الطيور لأنفذ الله أمره، وأنجز وعده، ونصر عباده، وهزم الأحزاب وحده، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون

> مقتبس من افتتاحية صحيفة النبأ العدد 480
> لقراءة الصحيفة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

دروب نحو الجنّة • "ومن الناس من يكون سيد عمله الذكر وقد جعله زاده لمعاده ورأْس ماله لمآله، فمتى ...

دروب نحو الجنّة

• "ومن الناس من يكون سيد عمله الذكر وقد جعله زاده لمعاده ورأْس ماله لمآله، فمتى فتر عنه أَو قصّر رأََى أَنه قد غبن وخسر

• ومن الناس من يكون سيد عمله وطريقه الصلاة، فمتى قصّر في ورده منها أَو مضى عليه وقت وهو غير مشغول بها أَو مستعد لها أَظلم عليه وقته وضاق صدره

• ومن الناس من يكون طريقه الإحسان والنفع المتعدي، كقضاءِ الحاجات وتفريج الكربات وإِغاثة اللهفات وأنواع الصدقات، قد فتح له في هذا وسلك منه طريقاً إلى ربه

• ومن الناس من يكون طريقه تلاوة القرآن وهي الغالب على أَوقاته وهي أعظم أورداه

• ومن الناس من يكون طريقه الصوم، فهو متى أفطر تغير عليه قلبه وساءَت حاله

• ومنهم يكون طريقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد فتح الله له فيه ونفذ منه إلى ربه

• ومنهم من يكون طريقه الذي نفذ فيه الحج والاعتمار

• ومنهم من يكون طريقه قطع العلائق وتجريد الهمة ودوام المراقبة ومراعاة الخواطر وحفظ الأوقات أن تذهب ضائعة

• ومنهم من جامع المنفذ السالك إلى الله في كل واد الواصل إليه من كل طريق، فهو جعل وظائف عبوديته قبلة قلبه ونصب عينه يؤمها أَين كانت ويسير معها حيث سارت قد ضرب من كل فريق بسهم، فأَين كانت العبودية وجدته هناك: إِن كان علم وجدته مع أَهله، أَو جهاد وجدته في صف المجاهدين، أَو صلاة وجدته في القانتين، أَو ذكر وجدته في الذاكرين، أَو إحسان ونفع وجدته في زمرة المحسنين، أَو ومراقبة ومحبه وإنابة إلى الله وجدته في زمرة المحبين المنيبين"

[طريق الهجرتين] لابن القيم -رحمه الله-


* المصدر: إنفوغرافيك صحيفة النبأ – العدد 481
السنة السادسة عشرة - الخميس 7 شعبان 1446 هـ

◾ لقراءة الصحيفة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

صحيفة النبأ العدد 481 الإفتتاحية: كن مقاتلا متسلسلا! [2/2] ولقد أباح مجاهدنا المتسلسل بدوافعه ...

صحيفة النبأ العدد 481
الإفتتاحية:
كن مقاتلا متسلسلا!
[2/2]
ولقد أباح مجاهدنا المتسلسل بدوافعه صراحة للمحققين بعد وقوعه في الأسر قدرا فقال لهم: "قررتُ أن الدولة الإسلامية هي طريقي، أردتُ أن أقتل اليهود، ورأيتُ أن أعمل ذلك بمفردي ليبقى عملا بيني وبين ربي".

ونحسب أن هذا الشاب المسلم أطاع أمر الله تعالى بقتال اليهود تديُّنا، وهضم توصيات وتحريضات إعلام الدولة الإسلامية الرسمي والمناصر العلنية والسرية، وطبقها وانتقى أهدافا بشرية سهلة ذبحها في عقر دورها، وكرر ذلك حتى وقع في الأسر بعد سنوات من الإرهاق والإرباك للحكومة اليهودية، ومع ذلك لم يصفّق له أحد في "الحفلات الوطنية!" ولم يحتفِ به أبطال المقاومة القومية! لأنه يقاتل اليهودية كديانة باطلة، امتثالا لأمر الله تعالى بقتالهم وليس فقط لأنهم استولوا على الأرض التي انشغلوا ببعضها عن كلها، وانشغلوا بها عن شريعة خالقها وباسطها ومُبارِكها سبحانه، فصارت في حد ذاتها غاية!

لقد طبّق مجاهدنا المنفرد إستراتيجية المقاتل المتسلسل المسلم، الذي يستهدف فرائسه بصمت، ثم يختفي في الظلام ليعدّ العدة ويعيد الكرة، ولعل أبرز ما يميز هذا النوع من العمليات المتسلسلة: أنها لا تحتاج إلى تشكيل مجموعات ولا تكوين اتصالات أو ارتباطات، إنما تحتاج لمجاهد واحد يقظ يقوده توحيده الذي سكن قلبه وملأ عليه حياته، قائده محمد -صلى الله عليه وسلم- بحق، وحاديه كتاب ربه، وغايته مرضاته ونصرة شريعته.

إن ما يميز هذه العمليات أنها لا تحتاج إلى شريك، ما يحقق عنصر السرِّية التامة التي تزيد من معدلات نجاحها وتقلل فرص إحباطها أو التنبؤ بوقوعها لأنها غيب حبيس قلب المجاهد، وهذا مما يعينه على إخلاص جهاده وتطهيره من أي شوائب في النية، قد تعتري غيرها من العمليات المشهودة.

كما أنها لا تحتاج إلى إمكانيات مادية، وإنما تحتاج لإمكانيات إيمانية وعقلية وقلبية كالفطنة والشجاعة والهمة والعزيمة وسرعة البديهة والإصرار وطول النفس والصبر ورباطة الجأش.

ومن التوصيات المهمة لضمان نجاح هذه العمليات: الحرص التام على مسح أي بصمة أو أثر من شأنه أن يدل على هوية الفاعل، ولتلافي ذلك يفضل لبس قفازات منذ الوصول لمكان العملية قبل لمس أي سطح أو أثاث أو غيره، ثم مسح مسرح العملية قبل المغادرة من أي آثار بشرية للمقاتل كالعرق أو اللعاب أو الشعر ونحوه، كما يجب مسح أي آثار من دماء القتيل العالقة بالثياب أو السكين، والأفضل إحراق الملابس والقفازات والأحذية وكل ما جرى استخدامه في العملية بالكامل، وعدم التهاون في ذلك، كما يفضل لبس قبعة تخفي وجه المقاتل عن "كاميرات المراقبة" شريطة أن لا تكون القبعة غريبة لافتة للانتباه، كما يفضل أن ينتقي المقاتل أهدافا في مناطق متباعدة لكي لا يتم تحديد نقطة انطلاقه، ثم ليمضِ متوكلا على الله تعالى عازما أن يسقي الكافرين مرارة الموت والرعب مرات ومرات.

قد يبدو تناول الموضوع بهذا الوجه جديدا أو غريبا على الأوساط الجهادية المضطربة التي صارت تقاتل بـ "المواثيق الدولية" وتنسبها زورا لمنهاج النبوة، وتتسابق إلى بيعة "النظام الدولي" وكسب رضاه؛ لكنه ليس غريبا البتة على الدولة الإسلامية التي ترى اتباع كل وسيلة شرعية في الإغلاظ على الكافرين وعقابهم وإرهابهم، ولذا فنحن أمام نموذجين مختلفين تماما في معاملة الكافرين، نموذج يضرب ويأسر اضطرارا ثم يعتذر ويبرر ويستجدي ويتوسل!، ونموذج آخر يضرب ويقتل ويأسر وينحر وينكي في عدوه ثم يمضي لا يبالي بكل الأصوات التي تستنكر وتنوح على "الإنسانية العوراء" التي ترى بعين واحدة وتغمض الأخرى عن المسلمين وجراحهم، فإنسانيتكم تحت أقدام المجاهدين موضوعة، ولا شيء نعتبره في جهادنا وقتالنا سوى أحكام الشريعة الإلهية بغير تحريف ولا تعطيل، وهذا هو الفرق بين المجاهد وبين غيره من المقاومين والثوار، {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}.


* المصدر: صحيفة النبأ – العدد 481
السنة السادسة عشرة - الخميس 7 شعبان 1446 هـ

المقال الافتتاحي:
كن مقاتلا متسلسلا!

◾ لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

صحيفة النبأ العدد 481 الإفتتاحية: كن مقاتلا متسلسلا! [1/2] "غسلتُ يدي في المغسلة، نمتُ في ...

صحيفة النبأ العدد 481
الإفتتاحية: كن مقاتلا متسلسلا!

[1/2]
"غسلتُ يدي في المغسلة، نمتُ في شقتهم طوال الليل، واستيقظتُ في الصباح، أخذتُ المفتاح وأغلقتُ الشقة ثم رميتُه وغادرت" بهذه الكلمات وصف أحد المجاهدين المنفردين الليلة التي قضاها في شقة قتيلين يهوديَّين في القدس، بعد قتلهما بدمٍ حارٍ مفعمٍ ببغض اليهود تديُّنا لله تعالى لا وطنية ولا أرضية.

المخابرات اليهودية صنّفت المجاهد الذي تعقّبته لسنوات، بأنه "قاتل متسلسل" بناء على "المعايير" المتبعة عالميا لتصنيف عمليات "القتل التسلسلي" التي تنص على أنه: "شخص يقتل ثلاثة أفراد فأكثر ويستمر في عملياته لأكثر من شهر مع فارق زمني بينها، ويتصرف بمفرده"، وهو ما انطبق على مجاهدنا من هذه الجهة الإجرائية فقط، حيث قتل بمفرده ثلاثة يهود في شقتين بالقدس، وأصاب اثنين آخرين في ثلاث عمليات منفصلة زمانا ومكانا.

واستمرت المخابرات اليهودية تبحث عن المقاتل المتسلسل لسنوات رغم أسره لديهم بتهمة الانتماء لخلية مبايعة للدولة الإسلامية عقب عمليات "الأخوين إغبارية" و "الأخ أبي القيعان" تقبلهم الله، دون التعرف عليه، ومع ذلك استمرت التحقيقات اليهودية في القضية بلا جدوى إلى حدٍّ جعل المسؤولين اليهود يصفونها بأنها "واحدة من أصعب القضايا في القدس خلال السنوات الأخيرة"، حيث فشلوا تماما في الوصول إلى أي دليل خلف المنفّذ الذي انطلق من "دوافع كامنة" ترجمها عمليا على أرض الواقع.

هذه الدوافع الكامنة تختلف تماما عن دوافع القتل التسلسلي الإجرامي التي حاول اليهود تصنيف مجاهدنا تبعًا لها، فدوافع القتل المتسلسل في حالة مجاهدنا المنفرد ليست "نفسية" أو "مالية" أو "استعراضية" ولا أي من تلك الدوافع الأرضية الدنيوية، إنما هي دوافع عقائدية شرعية نصت عليها نصوص ديننا الحنيف في القرآن والسنة، كما في قوله تعالى: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ}، والمعنى كما بين الإمام الطبري: "اقتلوهم في أي مكان تمكنتم من قتلهم، وأبصرتم مقاتلهم"، وقال تعالى في حق اليهود والنصارى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ... حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}، وغيرها من آيات الجهاد والقتال، أضف إليها النصوص النبوية التي ترغّب في الجهاد وتصف فضله وشرفه وعلو ذروته وأنه سبيل رفع الذل والاستضعاف عن المسلمين وطريق عزهم ونصرهم الوحيد.

ولقد أباح مجاهدنا المتسلسل بدوافعه صراحة للمحققين بعد وقوعه في الأسر قدرا فقال لهم: "قررتُ أن الدولة الإسلامية هي طريقي، أردتُ أن أقتل اليهود، ورأيتُ أن أعمل ذلك بمفردي ليبقى عملا بيني وبين ربي".

ونحسب أن هذا الشاب المسلم أطاع أمر الله تعالى بقتال اليهود تديُّنا، وهضم توصيات وتحريضات إعلام الدولة الإسلامية الرسمي والمناصر العلنية والسرية، وطبقها وانتقى أهدافا بشرية سهلة ذبحها في عقر دورها، وكرر ذلك حتى وقع في الأسر بعد سنوات من الإرهاق والإرباك للحكومة اليهودية، ومع ذلك لم يصفّق له أحد في "الحفلات الوطنية!" ولم يحتفِ به أبطال المقاومة القومية! لأنه يقاتل اليهودية كديانة باطلة، امتثالا لأمر الله تعالى بقتالهم وليس فقط لأنهم استولوا على الأرض التي انشغلوا ببعضها عن كلها، وانشغلوا بها عن شريعة خالقها وباسطها ومُبارِكها سبحانه، فصارت في حد ذاتها غاية!

لقد طبّق مجاهدنا المنفرد إستراتيجية المقاتل المتسلسل المسلم، الذي يستهدف فرائسه بصمت، ثم يختفي في الظلام ليعدّ العدة ويعيد الكرة، ولعل أبرز ما يميز هذا النوع من العمليات المتسلسلة: أنها لا تحتاج إلى تشكيل مجموعات ولا تكوين اتصالات أو ارتباطات، إنما تحتاج لمجاهد واحد يقظ يقوده توحيده الذي سكن قلبه وملأ عليه حياته، قائده محمد -صلى الله عليه وسلم- بحق، وحاديه كتاب ربه، وغايته مرضاته ونصرة شريعته.

إن ما يميز هذه العمليات أنها لا تحتاج إلى شريك، ما يحقق عنصر السرِّية التامة التي تزيد من معدلات نجاحها وتقلل فرص إحباطها أو التنبؤ بوقوعها لأنها غيب حبيس قلب المجاهد، وهذا مما يعينه على إخلاص جهاده وتطهيره من أي شوائب في النية، قد تعتري غيرها من العمليات المشهودة.

كما أنها لا تحتاج إلى إمكانيات مادية، وإنما تحتاج لإمكانيات إيمانية وعقلية وقلبية كالفطنة والشجاعة والهمة والعزيمة وسرعة البديهة والإصرار وطول النفس والصبر ورباطة الجأش.


* المصدر: صحيفة النبأ – العدد 481
السنة السادسة عشرة - الخميس 7 شعبان 1446 هـ

المقال الافتتاحي:
كن مقاتلا متسلسلا!

◾ لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

فضل عشر ذي الحجة والعبادة الواردة فيها [2/2] 1. الإكثار من الذكر: قال تعالى: {لِيشهدُوا ...

فضل عشر ذي الحجة والعبادة الواردة فيها

[2/2]

1. الإكثار من الذكر: قال تعالى: {لِيشهدُوا منافِع لهُم ويذكُرُوا اسم اللّهِ فِي أيّامٍ معلُوماتٍ} [الحج: 28]، قال ابن رجب: «جمهور العلماء على أن هذه الأيام المعلومات هي: عشر ذي الحجة» [اللطائف].
لذا فقد ندب النبي ﷺ المسلمين في هذه الأيام لكثرة التهليل والتكبير والتحميد، كما في قوله ﷺ: (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) [رواه أحمد وغيره].

قال البخاري في صحيحه: «وكان عمر -رضي الله عنه- يكبّر في قبته بمنى، فيسمعه أهل المسجد، فيكبّرون، ويكبّر أهل الأسواق، حتى ترتج منى تكبيرا، وكان ابن عمر يكبّر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه، تلك الأيام جميعا».

إذاً، من أخص الأعمال المسنونة في هذه العشر التكبير، وهو هنا نوعان: تكبير مطلق وتكبير مقيد، فأما المطلق ففي سائر الوقت من أول العشر إلى آخر أيام التشريق، وأما التكبير المقيد فهو المقيد بأدبار الصلوات الخمس (بعد السلام من الصلوات المفروضة)، ويبدأ من فجر يوم عرفة -لغير الحاج- إلى عصر آخر أيام التشريق، كما جاء عن بعض الصحابة، أما الحاج فيبدأ تكبيره من حين يرمي جمرة العقبة يوم العيد.

وصيغة التكبير هي: (الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد)، وورد غيرها في الآثار.

2. الصـيام: يسـن للمسـلم أن يصـوم تسـع ذي الحـجة (كلها أو ما تيسر له منها)، فعن بعض أزواج النبي ﷺ قالت: «كان رسول الله ﷺ يصوم تسع ذي الحجة» [رواه أبو داود]، وأكثر العلماء على أن صيام التسع من ذي الحجة مستحب استحبابا شديدا [شرح صحيح مسلم للنووي].

3. ذبح الأضاحي: ومن أعمال هذه العشر التقرب إلى الله تعالى بذبح الأضاحي، والأضحية سنة مؤكدة عند جمهور الفقهاء، فينبغي للمسلم المستطيع أن لا يفرط فيها، لأن رسول الله ﷺ واظب عليها، وكذا الصحابة -رضي الله عنهم- من بعده.

فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: «أقام رسول الله ﷺ بالمدينة عشر سنين يضحي» [رواه الترمذي وحسنه]، وقال ابن القيم: «ولم يكن ﷺ يدع الأضحية» [زاد المعاد].

4- الحج والعمرة: إن من أفضل ما يعمله العبد في هذه العشر المباركة حج بيت الله الحرام إن استطاع، فمن وفّقه ربه تعالى لحج بيته وقام بأداء نسكه على الوجه المطلوب؛ فله نصيب من قول نبيه ﷺ: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) [متفق عليه].

نسأل الله تعالى أن يمكن لمجاهدي الدولة الإسلامية، ويفكـوا أسر مكـة والمدينة من طواغـيت آل سلول، أخزاهم الله، وأن يرزقنا سبحانه حجة وعمرة في ظل حكم الشريعة.

هذا، وقد يسأل سائل: كيف نجمع بين حديث النبي ﷺ الذي فضّل فيه أعمال العشر من ذي الحجة على سائر الأعمال، وبين الأحاديث الكثيرة المتواترة التي أثبتت فضيلة الجهاد في سبيل الله على سائر الأعمال وجعلته ذروة سنام الإسلام؟! كحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- الذي سُئل فيه رسول الله ﷺ: «أي الأعمال أفضل؟» فأجاب: (إيمان بالله ورسوله)، فقيل: «ثم ماذا؟» قال: (الجهاد في سبيل الله) [متفق عليه].

وللجمع بين هذه النصوص يقول صاحب «فيض الباري»: «هذا كله إذا لم يكن الجهاد فرضا، فإن الكلام في الفضائل دون الفرائض»، ويقول ابن رجب: «فرائض عشر ذي الحجة أفضل من فرائض سائر الأعشار، ونوافله أفضل من نوافلها، فأما نوافل العشر فليست أفضل من فرائض غيره... فصيام عشر رمضان أفضل من صيام عشر ذي الحجة، لأن الفرض أفضل من النفل» [فتح الباري].
وما هو متقرر لدى أهل العلم أن الجهاد -وإن كان جهاد طلب- أفضل الطاعات، ولا يعدله شيء قط، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «اتفق العلماء -فيما أعلم- على أنه ليس في التطوعات أفضل من الجهاد، فهو أفضل من الحج [التطوع]، وأفضل من الصوم التطوع، وأفضل من الصلاة التطوع» [مجموع الفتاوى].

فكيف إذا كان الجهاد جهاد دفع وتعيّن على كل مسلم كما هو حاله اليوم؟! قال ابن تيمية عن جهاد دفع التتار: «حتى والله لو كان السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم، حاضرين في هذا الزمان لكان من أفضل أعمالهم جهاد هؤلاء القوم المجرمين» [مجموع الفتاوى].

إذاً، فالجهاد إن كان فرض عين (كما في جهاد الدفع)، كان أفضل من كل العبادات (الواجبة والمستحبة)، وإن كان الجهاد فرض كفاية (كما في جهاد الطلب) ووقع في عشر ذي الحجة؛ كان أفضل من أي تطوع يقدّمه العبد على الإطلاق.
فالغنيمة الغنيمة -أيها المسلمون- لهذه الأيام العظيمة، فإنها والله لا تقدّر بقيمة، والمبادرة المبادرة بالعمل، والعجل العجل قبل هجوم الأجل، فاليوم عمل بلا حساب، وغدا حساب بلا عمل.
اللهم بلغنا العشر من ذي الحجة، وأعنا فيها على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.

* المصدر
صحيفة النبأ - العدد 45
الثلاثاء 26 ذو القعدة 1437 ه‍ـ

◾ لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

فضل عشر ذي الحجة والعبادة الواردة فيها [1/2] ما هي إلا أيام قلائل ونستقبل موسما عظيما من ...

فضل عشر ذي الحجة والعبادة الواردة فيها
[1/2]


ما هي إلا أيام قلائل ونستقبل موسما عظيما من مواسم العبادات، ألا وهو الأيام العشرة الأولى من شهر ذي الحجة الحرام، تلك الأيام التي هي أفضل أيام السنة عند الله تعالى على الإطلاق، وقد شرع لنا فيها سبحانه عبادات لنستدرك ما فاتنا ونجبر نقص عباداتنا، فما مكانة هذه الأيام العشرة؟ وما فضلها؟ وما هي أهم العبادات التي تشرع فيها؟

فضل العشر الأول من ذي الحجة:

يكفي في بيان فضل تلكم الأيام الجليلة أن يقسم بها الله -جل جلاله- بقوله تعالى: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1-2]، قال ابن كثير: «والليالي العشر المراد بها: عشر ذي الحجة، كما قاله ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف»، والحق سبحانه لا يقسم إلا بعظيم! قال ابن القيم: «فالزمـان المتضمن لمثل هذه الأعمال أهل أن يقسـم الرب -عز وجل- به» [التبيان].
كما بين النبي ﷺ أن الأيام العشرة الأولى من شهر ذي الحجة أفضل أيام الدنيا، وأن العمل الصالح فيها أفضل من كل عمل فيما سواها، قال ﷺ: (ما من أيامٍ العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام، [يعني أيام العشر]) قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: (ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه ومالـه فلم يرجع من ذلك بشيء) [رواه البخاري].

قال ابن رجب الحنبلي: «دل هذا الحديث على أن العمل في أيامه -يقصد عشر ذي الحجة- أحب إلى الله من العمل في أيام الدنيا من غير استثناء شيء منها، وإذا كان أحب إلى الله فهو أفضل عنده» [لطائف المعارف].

وقال ابن القيم: «عشر ذي الحجة إنما فُضِّل باعتبار أيامه؛ إذ فيه يوم النحر ويوم عرفة ويوم التروية» [زاد المعاد].

ففي هذه العشر يوم عظيم عند الله، ألا وهو يوم عرفة، اليوم المشهود، الذي أكمل الله فيه الدين، وصيامه يكفر آثام سنتين، وفيها أيضا يوم النحر، الذي هو أعظم أيام السـنة على الإطلاق، يوم الحج الأكبر الذي يجتمع فيه من الطاعات والعبادات ما لا يجتمع في غيره.

أهم عبادات العشر من ذي الحجة:

إن إدراك هذه الأيام العشرة لنعمة عظيمة من نعم الله تعالى على العبد، لا يقدرها حق قدرها إلا العابدون المجتهدون، فالواجب على العبد المسلم استشعار هذه النعمة واغتنام هذه الفرصة، فقد كان السلف يجتهدون في هذه الأيام في العبادة ما لا يجتهدون في غيرها، كما هو ثابت في سيرهم العطرة.

والأعمال الفاضلة التي ينبغي على المسلم أن يحرص عليها في هذه الأيام كثيرة جدا، كالجهاد في سبيل الله، وتلاوة القرآن، والمحافظة على صلاة الجماعة في المساجد، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والإحسان إلى الجيران، والإصلاح بين الناس، وإكرام الضيف، والإنفاق في سبيل الله، وعيادة المرضى... إلخ، ولكن هناك أعمال معينة لها خصوصية في هذه الأيام، وهي:

1. الإكثار من الذكر: قال تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج: 28]، قال ابن رجب: «جمهور العلماء على أن هذه الأيام المعلومات هي: عشر ذي الحجة» [اللطائف].
لذا فقد ندب النبي ﷺ المسلمين في هذه الأيام لكثرة التهليل والتكبير والتحميد، كما في قوله ﷺ: (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) [رواه أحمد وغيره].

قال البخاري في صحيحه: «وكان عمر -رضي الله عنه- يكبّر في قبته بمنى، فيسمعه أهل المسجد، فيكبّرون، ويكبّر أهل الأسواق، حتى ترتج منى تكبيرا، وكان ابن عمر يكبّر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه، تلك الأيام جميعا».

إذاً، من أخص الأعمال المسنونة في هذه العشر التكبير، وهو هنا نوعان: تكبير مطلق وتكبير مقيد، فأما المطلق ففي سائر الوقت من أول العشر إلى آخر أيام التشريق، وأما التكبير المقيد فهو المقيد بأدبار الصلوات الخمس (بعد السلام من الصلوات المفروضة)، ويبدأ من فجر يوم عرفة -لغير الحاج- إلى عصر آخر أيام التشريق، كما جاء عن بعض الصحابة، أما الحاج فيبدأ تكبيره من حين يرمي جمرة العقبة يوم العيد.

وصيغة التكبير هي: (الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد)، وورد غيرها في الآثار.


* المصدر
صحيفة النبأ - العدد 45
الثلاثاء 26 ذو القعدة 1437 ه‍ـ

◾ لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

دين الإسلام وجماعة المسلمين (4) إنّ الله هو الحَكَم وإليه الحُكْم [3/3] أيضا، إن الله -جل ...

دين الإسلام وجماعة المسلمين (4)

إنّ الله هو الحَكَم وإليه الحُكْم
[3/3]

أيضا، إن الله -جل وعلا- جعل توحيد الحكم والتشريع حجة على من لم يوحّده في العبادة والنسك كما جعل توحيد الربوبية والأسماء والصفات حجة على من جحد توحيد الألوهية، قال سبحانه على لسان يوسف، عليه السلام: {يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف: 39-40]، وقال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ * قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ * قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ * قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ * قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ * رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [الشعراء: 69-83].

ولما تكنّى أحد الصحابة -رضي الله عنهم- بـ «أبي الحَكَم»، نهاه النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، قائلا: (إن الله هو الحَكَم، وإليه الحُكْم) [رواه أبو داود والنسائي عن أبي شريح].

وأما من استسلم لحكم الطاغوت وتشريعه -كالمصوّتين في الانتخابات والاستفتاءات الديمقراطية والمتحاكمين إلى محاكم القوانين الوضعية- فهم مؤمنون بالطاغوت عابدون له خارجون عن أصل الإسلام -شهادة أن لا إله إلا الله، أن لا معبود ولا مُطاع بحق إلا الله- وحقيقته -السلامة (أي الإخلاص) والاستسلام لله- ومن عدّ هؤلاء مسلمين موحّدين مجتنبين للطاغوت كافرين به، فليراجع دين الإسلام قبل حلول رمسه.

ربّنا أفرغ علينا صبرا وتوفّنا مسلمين وألحقنا بالصالحين.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 43
لقراءة المقال المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

دين الإسلام وجماعة المسلمين (4) إنّ الله هو الحَكَم وإليه الحُكْم [2/3] وأما قوله، جل وعلا: ...

دين الإسلام وجماعة المسلمين (4)

إنّ الله هو الحَكَم وإليه الحُكْم
[2/3]

وأما قوله، جل وعلا: {أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا} [الأنعام: 114]، ففي تدبرها فوائد كثيرة، قال الشنقيطي: «ذكر بعض أهل العلم [كصاحب «البحر المحيط»] أن بعض الكفار طلبوا [من] النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يتحاكم معهم إلى بعض الكهان، كما كانت عادة العرب إذا تنازعوا واختلفوا، تحاكموا إلى بعض الكهنة، والعياذ بالله»، فأنزل الله -جل وعلا- هذه الآية وأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- «أن ينكر كل الإنكار على من يبتغي حَكَما غير خالق السماوات والأرض الذي هو الحكم العدل اللطيف الخبير» [العذب النَمير].

وجاء مثل هذه الآية في سورة الأنعام قوله سبحانه: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الأنعام: 14]، وقوله تعالى: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [الأنعام: 164]، وقال -جل وعلا- في سورة الأعراف: {قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 140].

قال ابن القيم، رحمه الله: «الرضا بالله ربّاً، أن لا يتخذ ربّاً غير الله تعالى يسكن إلى تدبيره، وينزل به حوائجه، قال الله تعالى: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام: 164]، قال ابن عباس، رضي الله عنهما: سيدا وإلها؛ يعني فكيف أطلب ربّاً غيره، وهو ربّ كل شيء؟ وقال في أول السورة: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الأنعام: 14]، يعني معبودا وناصرا ومعينا وملجأ، وهو من الموالاة التي تتضمن الحب والطاعة، وقال في وسطها {أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا} [الأنعام: 114]، أي: أفغير الله أبتغي من يحكم بيني وبينكم، فنتحاكم إليه فيما اختلفنا فيه؟ ... وأنت إذا تأمّلت هذه الآيات الثلاث حق التأمل، رأيتها هي نفس الرضا بالله ربّاً، وبالإسلام دينا، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- رسولا، ورأيت الحديث يترجم عنها، ومشتقا منها؛ فكثير من الناس يرضى بالله ربّاً، ولا يبغي ربّاً سواه، لكنه لا يرضى به وحده وليا وناصرا، بل يوالي من دونه أولياء، ظنا منه أنهم يقربونه إلى الله، وأن موالاتهم كموالاة خواص الملك، وهذا عين الشرك، بل التوحيد أن لا يتخذ من دونه أولياء، والقرآن مملوء من وصف المشركين بأنهم اتخذوا من دونه أولياء... وكثير من الناس يبتغي غيره حكما، يتحاكم إليه، ويخاصم إليه، ويرضى بحكمه، وهذه المقامات الثلاث هي أركان التوحيد؛ أن لا يتخذ سواه ربّاً، ولا إلهاً، ولا غيره حَكَماً» [مدارج السالكين].

فمن ابتغى حَكَما سوى الله كان مشركا مؤمنا بالطاغوت عابدا له كالذي ابتغى سواه ربّاً أو إلهاً أو وليّاً.

مما يؤكّد هذا أن الله حكم بأن من اتخذ غيره مشرّعا فقد جعله ندّا لله، لا فرق بينه وبين من جعل له شريكا في الدعاء أو الشفاعة، فقال جل وعلا: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} [الأنعام: 94]، وقال جلّ وعلا: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَتٍ مِّنْهُ بَلْ إِن يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا} [الفاطر: 40]، وقال جلّ وعلا: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الشورى: 21].


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 43
لقراءة المقال المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

دين الإسلام وجماعة المسلمين (4) إنّ الله هو الحَكَم وإليه الحُكْم [1/3] إن كلمة التوحيد -لا ...

دين الإسلام وجماعة المسلمين (4)

إنّ الله هو الحَكَم وإليه الحُكْم
[1/3]

إن كلمة التوحيد -لا إله إلا الله- التي تنفي الإلهية عما سوى الله، وتثبتها لله وحده، تبطل جميع أنواع الشرك الأكبر -في الربوبية والألوهية والأسماء والصفات- فإن الإله هو الذي يستحق أن يُعبد ويُطاع لـ «ما اتصف به من الصفات التي تستلزم أن يكون هو المحبوب غاية الحب، المخضوع له غاية الخضوع» [تيسير العزيز الحميد]، فمن لم يُفرد الله بالإلهية بجميع أنواع العبادة والطاعة، ناقض شهادة التوحيد، وكذّب عمليا ما ادعاه من توحيد الربوبية والأسماء والصفات.

ومن أنواع العبادة التي أفرد الله -جل وعلا- لها الذكر في كتابه وفي سنّة نبيّه -صلى الله عليه وسلم- العبادة بالتحاكم إليه وحده والحكم بما شرعه وحده، وهي مقتضى إيمان المرء بأن الله هو {أحْكمُ الْحاكِمِين} [هود: 45] و{خيْرُ الْفاصِلِين} [الأنعام: 57]، وأنه لا أعدل منه كلمةً ولا أحسن منه حكما وأنه ليس له شريك في التشريع، فمن أشرك في حكمه أحدا، ناقض شهادة التوحيد، وكذّب عمليا ما ادعاه من توحيد الربوبية والأسماء والصفات، والأدلة على توحيد الحكم والتشريع كثيرة جدا.

قال الشنقيطي: «الإشراك بالله في حكمه كالإشراك به في عبادته، قال في حكمه: {ولا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أحدًا} [الكهف: 26]، وفي قراءة ابن عامر من السبعة {ولا تُشْرِكْ فِي حُكْمِهِ أحدًا} بصيغة النهي؛ وقال في الإشراك به في عبادته: {فمن كان يرْجُو لِقاء ربِّهِ فلْيعْملْ عملًا صالِحًا ولا يُشْرِكْ بِعِبادةِ ربِّهِ أحدًا} [الكهف: 110]، فالأمران سواء كما ترى إيضاحه إن شاء الله» [أضواء البيان].

وقال أيضا: «وما تضمنته هذه الآية الكريمة من كون الحكم لله وحده لا شريك له فيه على كلتا القراءتين جاء مبينا في آيات أخر»، ثم ذكر منها قوله تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلّا لِلّهِ أمر ألّا تعْبُدُوا إِلّا إِيّاهُ ذلِك الدِّينُ الْقيِّمُ ولكِنّ أكْثر النّاسِ لا يعْلمُون} [يوسف: 40]، وقوله: {أفحُكْم الْجاهِلِيّةِ يبْغُون ومنْ أحْسنُ مِن اللّهِ حُكْمًا لِّقوْمٍ يُوقِنُون} [المائدة: 50]، وقوله: {أفغيْر اللّهِ أبْتغِي حكمًا وهُو الّذِي أنزل إِليْكُمُ الْكِتاب مُفصّلًا} [الأنعام: 114].

ثم قال: «ويُفهم من هذه الآيات... أن متبعي أحكام المشرعين غير ما شرعه الله أنهم مشركون بالله، وهذا المفهوم جاء مبينا في آيات أخر، كقوله فيمن اتبع تشريع الشيطان في إباحة الميتة بدعوى أنها ذبيحة الله: {ولا تأْكُلُوا مِمّا لمْ يُذْكرِ اسْمُ اللّهِ عليْهِ وإِنّهُ لفِسْقٌ وإِنّ الشّياطِين ليُوحُون إِلى أوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وإِنْ أطعْتُمُوهُمْ إِنّكُمْ لمُشْرِكُون} [الأنعام: 121]، فصرح بأنهم مشركون بطاعتهم، وهذا الإشراك في الطاعة، واتباع التشريع المخالف لما شرعه الله تعالى هو المراد بعبادة الشيطان في قوله تعالى: {ألمْ أعْهدْ إِليْكُمْ يا بنِي آدم أن لّا تعْبُدُوا الشّيْطان إِنّهُ لكُمْ عدُوٌّ مُّبِينٌ * وأنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُّسْتقِيمٌ} [يس: 60-61]».

ثم قال: «ولذا سمى الله تعالى الذين يطاعون فيما زينوا من المعاصي شركاء، في قوله تعالى: {وكذلِك زيّن لِكثِيرٍ مِّن الْمُشْرِكِين قتْل أوْلادِهِمْ شُركاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ ولِيلْبِسُوا عليْهِمْ دِينهُمْ ولوْ شاء اللّهُ ما فعلُوهُ فذرْهُمْ وما يفْترُون} [الأنعام: 137]، وقد بين النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا لعدي بن حاتم -رضي الله عنه- لما سأله عن قوله تعالى: {اتّخذُوا أحْبارهُمْ ورُهْبانهُمْ أرْبابًا مِنْ دُونِ اللّهِ} [التوبة: 31]، فبيّن له أنهم أحلّوا لهم ما حرّم الله، وحرّموا عليهم ما أحلّ الله فاتّبعوهم في ذلك، وأن ذلك هو اتخاذهم إياهم أربابا، ومن أصرح الأدلة في هذا، أن الله -جل وعلا- في سورة النساء بيّن أن من يريدون أن يتحاكموا إلى غير ما شرعه الله يتعجب من زعمهم أنهم مؤمنون، وما ذلك إلا لأن دعواهم الإيمان مع إرادة التحاكم إلى الطاغوت بالغة من الكذب ما يحصل منه العجب، وذلك في قوله تعالى: {ألمْ تر إِلى الّذِين يزْعُمُون أنّهُمْ آمنُوا بِما أُنزِل إِليْك وما أُنزِل مِن قبْلِك يُرِيدُون أن يتحاكمُوا إِلى الطّاغُوتِ وقدْ أُمِرُوا أن يكْفُرُوا بِهِ ويُرِيدُ الشّيْطانُ أن يُضِلّهُمْ ضلالًا بعِيدًا} [النساء: 60]، وبهذه النصوص السماوية التي ذكرنا يظهر غاية الظهور، أن الذين يتبعون القوانين الوضعية التي شرعها الشيطان على ألسنة أوليائه مخالفة لما شرعه الله -جل وعلا- على ألسنة رسله -صلى الله عليهم وسلم- أنه لا يشك في كفرهم وشركهم إلا من طمس الله بصيرته، وأعماه عن نور الوحي مثلهم» [أضواء البيان].


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 43
لقراءة المقال المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

أنفُسٌ هو خلقها وأموالٌ هو رزقها للشيخ عبد العزيز بن رشيد الطويلعي (تقبّله الله) قال الله عز ...

أنفُسٌ هو خلقها وأموالٌ هو رزقها
للشيخ عبد العزيز بن رشيد الطويلعي (تقبّله الله)

قال الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 111].

وهذا أعظم عقد بين الله -عز وجل- وعباده، فاشترى الأنفس والأموال بالقتل في سبيله والقتال وأثاب عليه الجنة، وأكد ذلك بأنه وعد منه حق أوجبه على نفسه، وعد به في التوراة والإنجيل والقرآن، وأكد ذلك بما لا يشك فيه أحد: ومن أوفى بعهده من الله، فأي عاقل يجد في نفسه الجلد والصبر عن هذا الوعد العظيم من الله العظيم؟ وهذا العهد ممن لا يخلف العهد والميعاد.

وانظر إلى سعة كرم الكريم -جل وعلا- فقد اشترى ما وهبه وهو بيده لم يخرج من ملكه، وأثاب عليه ما هو أعظم منه، والكل من عنده سبحانه.

أخرج ابن أبي شيبة عن الحسن البصري قال: (أَنْفُسٌ هو خلقها، وأموالٌ هو رزقها).

وقد أوقع الله في الآية هذا العقد الذي هو أصل عبودية العبد لربه والعلاقة بينه وبين خالقه على القتال في سبيله، وفسره بقوله: {يَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ}، لأن القتال في سبيل الله ذروة السنام، وطلب الموت والشهادة غاية الصدق في الوفاء بالعقد من عبده، وإن كان هذا العقد الذي ثمنه الجنة يشمل جميع فرائض الدين وشعائره.

وأكد الله العقد بأنه في التوراة والإنجيل والقرآن، وظاهره أن العقد لأصحاب هذه الكتب، وهذا يضعّف ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- من أن الجهاد لم يفرض على النصارى لا للطلب ولا للدفع، بل ظاهر الآية أنه مفروض عليهم مذكور في إنجيلهم، كما أنه مفروض على أهل الكتاب من اليهود قبلهم، وأول ما فرض الجهاد على قوم موسى اليهود في التوراة، وقبل ذلك كان الله يأخذ المعرضين بالعقوبات الكونية من عنده كما جاء في بعض الآثار.

وختم الله -جل وعلا- الآية بالأمر بالاستبشار بهذا العقد الذي هو ربح محض لا مقابل له من العبد، بل الثمن والسلعة من عنده، وفي هذا أمر كل مسلم بالاستبشار بهذا العقد عموما، وبفرض القتال المنصوص عليه في العقد خصوصا، والذي يستبشر بعقد كهذا العقد ويؤمن به حق الإيمان، لا يجد في نفسه حرجا من القتال، ولا ينظر نظر المغشي عليه من الموت إذا سمع الآيات والنصوص المحكمة في الجهاد، ولا يقول ائذن لي ولا تفتني، ولا يقول غرّ هؤلاء دينهم، ولا يظن أن لن يرجع المؤمنون والمجاهدون إلى أهليهم أبدا ويظن ظن السوء.

بل يستبشر بقلبه، ويسر بهذا العقد والفضل من ربه، ومحال أن يستبشر بعقد ثم لا يبذل الثمن فيه ولا يسعى في إتمام الصفقة، بل حقيقة الاستبشار بالعقد أن يحرص على إتمامه، ويتضرع إلى المولى -جل وعلا- أن يعينه عليه وألا يصرفه عنه ويحرمه منه بعد إذ هداه إليه.

وهذه الكلمات بين يدي كلام نفيس لابن القيم -رحمه الله- في هذه الآية آثرت أن أنقله بطوله، قال رحمه الله:

(وأخبر سبحانه أنه {اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ} وأعاضهم عليها الجنة، وأن هذا العقد والوعد قد أودعه أفضل كتبه المنزّلة من السماء، وهى التوراة والإنجيل والقرآن، ثم أكد ذلك بإعلامهم أنه لا أحد أوفى بعهده منه، تبارك وتعالى، ثم أكد ذلك بأن أمَرَهم بأن يستبشروا ببيعهم الذي عاقدوه عليه، ثم أعلمهم أن ذلك هو الفوز العظيم.

فليتأمل العاقد مع ربه عقد هذا التبايع ما أعظم خطره وأجله، فإن الله -عز وجل- هو المشتري، والثمن جنات النعيم والفوز برضاه والتمتع برؤيته هناك، والذي جرى على يده هذا العقد أشرف رسله وأكرمهم عليه من الملائكة والبشر، وإن سلعةً هذا شأنها لقد هُيئت لأمر عظيم وخطب جسيم...

قد هيئوك لأمر لو فطنت له
فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل

مهر المحبة والجنة؛ بذل النفس والمال لمالكهما الذي اشتراهما من المؤمنين، فما للجبان المعرض المفلس وَسَوْم هذه السلعة؟!!

بالله ما هزلت فيستامها المفلسون، ولا كسدت فيبتاعها بالنسيئة المعسرون، لقد أقيمت للعرض في سوق من يزيد، فلم يرض ربها لها بثمن دون بذل النفوس، فتأخر البطالون وقام المحبون ينتظرون أيّهم يصلح أن تكون نفسه الثمن، فدارت السلعة بينهم، ووقعت في يد {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}.

لمّا كثر المدعون للمحبة؛ طولبوا بإقامة البينة على صحة الدعوى، فلو يعطى الناس بدعواهم لادعى الخلي حرفة الشجي.
...more

ولكن وبعد أن فتح الله على عباده الموحدين، وتمكنت الدولة الإسلامية -بفضل الله وحده- من بسط سلطانها ...

ولكن وبعد أن فتح الله على عباده الموحدين، وتمكنت الدولة الإسلامية -بفضل الله وحده- من بسط سلطانها وتحكيم شرع الله، عز وجل، وفُتحت المعاهد وأُقيمت الدورات الشرعية للنساء، انتبه كثير منهن إلى خطورة ما تربين عليه وألفنه من الاختلاط مع أحمائهن، وأصبحن ينشدن الحلول لمثل هذه العادات المحرمة شرعا.

ولمثل هؤلاء نقول، لقد جاء في الحديث الشريف أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، حتى وإن كان هذا المخلوق الذي يأمر بالمعصية، هو الزوج الذي طاعته واجبة على الزوجة، وظهور المرأة أمام أحمائها مكشوفة الوجه معصية عظيمة، بل إنها وإن جلست معهم بخمارها ولم يبدُ منها شيء، فإن ذلك لا يجوز أيضا، فهذا باب فتنة عظيم حري بالزوج المسلم الغيور أن يوصده.

ولا يظن بعض الرجال أن هذا تحريض للنساء على التمرد على أزواجهن بطلب بيت مستقل بعيد عن الأحماء، ولكننا نربأ بالمسلمة أن تتعدى حدود ربها، عز وجل، وتنال رضا زوجها بسخط الله تعالى، وإن هي أقامت في بيت أهل زوجها لقلة ذات اليد وعدم قدرة الزوج على توفير بيت مستقل، فأقلها أن يضمن لها الزوج الضوابط الشرعية لإقامتها، بحيث لا تجتمع مع غير ذي محرم.

وسؤال لكل ذي غيرة، لقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (خير صفوف الرجال أوّلها، وشرّها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرّها أوّلها)، فإذا كان هكذا يجب أن يكون حال المرأة في بيوت الله تعالى، وهي تؤدي فريضة الصلاة، بعيدة كل البعد عن الرجال، فلا يرونها ولا تراهم خشية الفتنة، فكيف يسمح الزوج بعد هذا لأخيه الأجنبي عن زوجته، أن يدخل بيته في غيابه، ليجالس زوجته ويحادثها والشيطان ثالثهما؟!
ونقول للأخت المسلمة التي تعترضها بعض الصعوبات وهي تجاهد نفسها ومن حولها حتى تجتنب الاختلاط: اثبتي فإنك على الحق، ولا تهتمي لمضايقة الأهل لك وسخريتهم منك -وهذا ما يحدث في كثير من البيوت إذا ما قررت المسلمة اعتزال الأقرباء الغرباء عنها- ولا تزيدنك همزاتهم وغمزاتهم إلا ثباتا.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلِّ اللهم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 43
تيليغرام:
@wmc111at
...more