لماذا يرتعد العالم خوفاً من الدَّولة الإسلامية؟ » لأن كفار العالم لم يتعوّدوا على سماع أحد ...

لماذا يرتعد العالم خوفاً من الدَّولة الإسلامية؟


» لأن كفار العالم لم يتعوّدوا على سماع أحد يخاطبهم بهذه اللهجة منذ عقودٍ مضت عندما خاطب أمير المؤمنين أبو بكر البغدادي العالم أجمع مُقسماً على الله قائلاً بلسان العزَّة: "فوالله لنثأرن والله لنثأرن ولو بعد حين لنثأرن ولنردَّ الصاع صاعات والمكيال مَكاييل" ثم أكمل قائلا:
"وعمَّا قريبٍ بإذن الله ليأتينَّ يوم يمشي فيه المُسلم في كلِّ مكان سيداً كريماِ مهاباً، مرفوع الرأس محفوظ الكرامة، لا تتجرأ عليه جهةً إلا وتؤدب، ولا تمتدُّ إليه يدُ سوءٍ إلا وتُقطع"


» عندها استفاقت أمريكا على هذا الخطر العظيم فحشَّدت وألَّبت العالم أجمع على هذه الطائفة، عندما سمعوا لهجة الشيخ البغدادي علموا أن هذه الطائفة ليست كغيرها عندما أكمل قائلا: "ألا فليعلم العالم أننا اليوم في زمان جديد، ألا مَن كان غافلاً فلينتبه، ألا مَن كان نائما فليفق، ألا فليعِ من كان مصدوماً مذهولاً، إن للمسلمين اليوم كلمة عالية مدوّية وأقداماً ثقيلة، كلمةً تُسمع العالم وتفهمه معنى الإرهاب، وأقداماً تدوس وثن القومية وتحطم صنم الديمقراطية وتكشف زيفها، فاسمعي يا أمة الإسلام، اسمعي وعي وقومي انهضي"

عندها فقط أدرك #العم_سام أن لا تفاوض مع هؤلاء القوم
...more

وستُسْألين عنْ عُمْرك فيما أفنيْته [2/2] أيتها الأخت المسلمة إن الناس لم يُخلقوا عبثا حتى يفنوا ...

وستُسْألين عنْ عُمْرك فيما أفنيْته
[2/2]

أيتها الأخت المسلمة إن الناس لم يُخلقوا عبثا حتى يفنوا أعمارهم فيما يضرهم في الآخرة ولا ينفعهم، كيف والله تبارك وتعالى يقول: {أفحسبْتُمْ أنّما خلقْناكُمْ عبثًا وأنّكُمْ إليْنا لا تُرْجعُون} [المؤمنون: 115]، بل خُلقوا ليعبدوا الله -عز وجل- وحده ويعمروا هذه الأرض وفق ما أراده الخالق وشاء، إذ يقول الله سبحانه: {وما خلقْتُ الْجنّ والْإنْس إلّا ليعْبُدُون} [الذاريات: 56]، فكيف ستتحقق هذه العبادة للمرأة المسلمة إن هي أهدرت عمرها تلهث وراء الشهوات والملذات، وكانت من اللاهيات الغافلات؟

عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لرجل وهو يعظه: (اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك) [رواه الحاكم].

قال المناوي: «(اغتنم خمسا قبل خمس)، أي افعل خمسة أشياء قبل حصول خمسة أشياء؛ (حياتك قبل موتك)، يعني اغتنم ما تلقى نفعه بعد موتك، فإن من مات انقطع عمله، وفاته أمله، وحق ندمه وتوالى همه، فاقترض منك لك، (وصحتك قبل سقمك)، أي اغتنم العمل حال الصحة، فقد يمنع مانع كمرض فتقدم المعاد بغير زاد، (وفراغك قبل شغلك)، أي اغتنم فراغك في هذه الدار قبل شغلك بأهوال القيامة التي أول منازلها القبر، فاغتنم فرصة الإمكان لعلك تسلم من العذاب والهوان، (وشبابك قبل هرمك)، أي اغتنم الطاعة حال قدرتك قبل هجوم عجز الكبر عليك فتندم على ما فرطت في جنب الله، (وغناك قبل فقرك)، أي اغتنم التصدق بفضول مالك قبل عروض جائحة تفقرك فتصير فقيرا في الدنيا والآخرة، فهذه الخمسة لا يُعرف قدرها إلا بعد زوالها» [فيض القدير].

وهل إضاعة الوقت فيما يضر ولا ينفع من هدي خير معلم وقدوة محمد، صلى الله عليه وسلم؟ أو من هدي أصحابه من بعده أو التابعين؟ حاشاهم حاشاهم أجمعين.

فقد روي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنه قال: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أوى إلى منزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء؛ جزءا لله، وجزءا لأهله، وجزءا لنفسه، ثم جزأ جزأه بينه وبين الناس» [رواه الطبراني]
وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعلّم أصحابه كيف يستثمرون أوقاتهم، جاء في الحديث: (بادروا بالأعمال سبعا، هل تنظرون إلّا إلى فقر منسٍ، أو غنى مطغٍ، أو مرض مفسد، أو هرم مفند، أو موت مجهز، أو الدجال فشرُّ غائب يُنتظر، أو الساعة؟ فالساعة أدهى وأمر) [رواه الترمذي].

وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: «ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت فيه شمسه، نقص من أجلي ولم يزدد فيه عملي»، وبعض السلف كان يعد كلامه من الجمعة إلى الجمعة! وقال الحسن البصري، رحمه الله: «لقد أدركت أقواما كانوا أشد حرصا على أوقاتهم من حرصكم على دراهمكم ودنانيركم»!

ولتعلم المسلمة أن الشيطان عدو متربص بالعباد إلا من عصم الله، فما من خير إلا ويسوّفه لهم ليثنيهم عن فعله، وما من شر إلا ويزيّنه ويزكيه ويستعجلهم لاقترافه، وإن ذهب أحد يعُدّ مداخل الشيطان ومكايده لما أحصاها.

وعليه فحريّ بالمسلمة الكيّسة أن تتفطن لحيل الشيطان، فتكثر من الزرع للآخرة حتى لا تندم يوم الحصاد وجني الثمار، فتموت حسرة وكمدا على ما فرطت في جنب الله تعالى.

قال ابن الجوزي: «الكسل عن الفضائل بئس الرفيق، وحب الراحة يورث من الندم ما يربو على كل لذة، فانتبه وأتعب نفسك، واندم على ما مضى من تفريطك، واجتهد في لحاق الكاملين ما دام في الوقت سعة، واسق غصنك ما دامت فيه رطوبة، واذكر ساعتك التي ضاعت فكفى بها عظة، ذهبت لذة الكسل فيها، وفاتت مراتب الفضائل، وإنما تقصر الهمم في بعض الأوقات، فإذا حثت سارت، وما تقف همة إلا لخساستها، وإلا فمتى علت الهمة فلا تقنع بالدون».

وإن للمسلمة في سير الصحابيات والصالحات من السلف أسوة حسنة، تشحذ الهمم وتنير الدرب، فهن اللاتي لم يخدعهن بريق الدنيا الزائف، وما غرتهن الحياة بمتاعها الفاني، فكان الفلاح في الآخرة مبلغ همهن، وكن خير النساء وخير الزوجات وخير الأمهات، والله حسيبهن.
فهذه هجيمة الوصابية، أم الدرداء الصغرى، اشتهرت بالعلم والعمل والزهد، ترجم لها الذهبي فكان مما قاله عنها: «كانت فقيهة عالمة عابدة واسعة العلم وافرة العقل».

وهذه معاذة بنت عبد الله العدوية وتكنى أم الصهباء البصرية، تلميذة عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- وقد روت معظم أحاديثها، وكانت مثلها من المستكثرات من العبادة، قال الذهبي عنها: «بلغني أنها كانت تحيي الليل وتقول عجبت لعين تنام وقد علمت طول الرقاد في القبور».

وغيرهن من الصحابيات والتابعيات اللواتي حافظن على أوقاتهن، وحرصن على أعمارهن، في الصالحات الباقيات، فهن المتبعات في الخير، لا الغافلات المفرطات.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلّ اللهم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 42
الثلاثاء 5 ذو القعدة 1437 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

غزوة (صايكول) على ملاحدة الأكراد قصة 40 انغماسياً من جيش الخلافة خلف خطوط العدو [2/3] إنها ...

غزوة (صايكول) على ملاحدة الأكراد
قصة 40 انغماسياً من جيش الخلافة خلف خطوط العدو
[2/3]

إنها غزوة (صايكول) الأخيرة التي رحّل فيها الأبطال المئات من ملاحدة الأكراد، وأذاقوهم بأسلحتهم الفردية طعم الخوف وألوان العذاب، والتي لن ينسى طعمها الملاحدة وأولياؤهم الصليبيون الذين فقدوا أحد خبرائهم فيها، الذي تبين لاحقا أنه يحمل الجنسية الكندية كما أكد الأعداء عبر إعلامهم.

أحد أبطال هذه الغزوة يقص علينا بعض مجريات الغزوة ويفسر لنا أهمية الأسلوب الذي اتبعه المقاتلون في اقتحامهم وهو الانغماس، ونجاعته في إرهاب العدو، وإيقاع عدد كبير من القتلى في صفوف العدو مقابل عدد قليل من المهاجمين، قائلا: «إن للانغماس عوامل نجاح وأسس يجب اتباعها كي يكون أنكى في العدو، فمن أسس الانغماس على الصعيد الشخصي، الإيمان القوي بالله، والعقيدة الراسخة، والقناعة بجدوى أسلوب الانغماس وأهميته، والشجاعة، واللياقة الجسدية العالية، وسرعة البداهة».

وأضاف أنه وعلى الصعيد العملي لا بد من المباغتة والمفاجأة، وسرعة الانقضاض على العدو، والخفة في الحركة، والتنبه لعامل الزمن، وخداع العدو، ودراسة المنطقة التي يراد الانغماس فيها ومعرفتها بشكل جيد، كذلك رصد أماكن تمركز العدو وعدد أفراده وعدد آلياته وجميع إمكانياته، ولا بد من الاستعانة بأبناء المنطقة في حال كان هذا ممكنا، ومعرفة المناصرين من الأعداء، لأنه كثيرا ما يستطيع المجاهد المنغمس الرجوع بعد تنفيذ مهمته فيحتاج لمن يعينه على طريق العودة، وإيوائه وإطعامه في حال حوصر لفترة طويلة أو كان مكان الانغماس بعيدا عن خطوط المجاهدين.

• تحييد سلاح الجو

ونوه إلى أن أسلوب الانغماس في الأعداء في ظل الحرب الشرسة التي تخاض ضد الدولة الإسلامية وجنودها هو من أنجع الأساليب التي تكبد العدو الكثير من الخسائر البشرية والمادية، إضافة إلى أن الانغماس يفوت على الأعداء فرصة استخدام سلاح الجو بشكل كامل، ناصحاً بأن يبدأ الانغماس في الأعداء أول الليل كي يتسنى للإخوة المنغمسين العمل طيلته، إذ يصعب على الأعداء رؤيتهم أو معرفة عددهم أو اتجاههم، الأمر الذي يسهل على الإخوة الانغماس وتحقيق الهدف من ورائه، مشيرا إلى أن الانغماس في النهار يفقد الإخوة الكثير من عوامل النجاح ويكون الوقت أمامهم قصيرا جدا للتحرك والمناورة، وقد يوقف عملهم قناص واحد، أما في الليل فلا يستطيع أحد تحديد أماكنهم وأعدادهم، بإذن الله.

وقال إن العديد من المجاهدين الآن -ولله الحمد- يحبون الانغماس لما يرون من فوائده الكثيرة ونجاعته في إيقاع القتل في الأعداء وتشتيتهم والتنكيل بهم.

• السيطرة على 6 قرى وقطع «طريق السد»

وعن الغزوة قال: «ابتدأنا المسير باتجاه القرى المستهدفة في العاشرة والنصف مساء ليلة التاسع والعشرين من رمضان، حيث انقسمنا إلى مجموعتين، في كل مجموعة 20 أخا، كان هدف المجموعة التي كنت فيها التسلل وراء خطوط العدو والوصول إلى عمق أراضيهم والسيطرة على كل من قرى بير شمالي، وبير بكار، وجيوف، وقريدان، وبير دم، بطريقة الانغماس في الصفوف الخلفية للعدو، والحمد لله تم لنا ذلك خلال الساعات الثلاث الأولى من الاقتحام، وكانت مهمة المجموعة الثانية ضرب خط العدو الأول والسيطرة على قريتي القادرية وكردشان، والتقاء المجموعتين بعد تحقيق كل منهما هدفه.

وأوضح أنه وبعد السيطرة على القرى لم يتمكن الإخوة الاقتحاميون في المجموعة الثانية من ضرب الخط الأول للعدو لأسباب عسكرية عديدة، فما كان منا نحن مجموعة الانغماسيين إلا الانتشار في القرى التي يسيطر عليها الملحدون والتفرق بهدف إيقاع أكبر عدد من القتلى في صفوف العدو، وكان بيننا ثلاثة إخوة رفضوا الانحياز وتعاهدوا على المضي قدما إلى أعمق نقاط العدو والإثخان فيهم وعدم الرجعة إلى أن يقتلوا بحول الله، وهو ما تم لهم نحسبهم والله حسيبهم، وهم الذين مكنهم الله من قطع «طريق السد» وخط الإمداد الذي يصل جبهة الملحدين الشرقية بالغربية لساعات طويلة.

* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 42
الثلاثاء 5 ذو القعدة 1437 ه‍ـ

لقراءة القصة كاملة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

وَسَتُسْأَلِينَ عَنْ عُمْرِكِ فِيمَا أَفنَيْتِهِ [1/2] كم من الوقت يقضيه الناس بين قيل وقال، ...

وَسَتُسْأَلِينَ عَنْ عُمْرِكِ فِيمَا أَفنَيْتِهِ
[1/2]

كم من الوقت يقضيه الناس بين قيل وقال، وكم من الفراغ يمضونه بين سفاسف الأعمال، وكم من العمر يهدرونه بين تفريط وتقصير، وكم من النعم يضيعونها دونما شكر أو تقدير!

ولعل الرجال في هذا الشأن أهون حالا من النساء، إذ إنهم وبحكم القوامة التي ألزمهم الله بها، والتكاليف التي فُرضت عليهم دون النساء، هم بين عمل وجهاد ورباط -هكذا حالهم في دولة الإسلام- أما النساء فيا لطول فراغهن، فراغ ستسأل عنه المرأة كما الرجل، وقد روى الإمام البخاري في صحيحه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ)، قال المباركفوري: «المغبون أي الخاسر في التجارة مأخوذ من الغبن في البيع. والمعنى: لا يعرف قدر هاتين النعمتين كثير من الناس حيث لا يكسبون فيهما من الأعمال كفاية ما يحتاجون إليه في معادهم فيندمون على تضييع أعمارهم عند زوالها ولا ينفعهم الندم» [تحفة الأحوذي].

قال ابن حجر في شرحه لهذا الحديث: «ضرب النبي -صلى الله عليه وسلم- للمكلف مثلا بالتاجر الذي له رأس مال، فهو يبتغي الربح مع سلامة رأس المال، فطريقه في ذلك أن يتحرى فيمن يعامله، ويلزم الصدق والحذق لئلا يُغبَن، فالصحة والفراغ رأس مال، وينبغي له أن يعامل الله بالإيمان، ومجاهدة النفسِ وعدوِ الدين، ليربح خيري الدنيا والآخرة» [فتح الباري]، فلتحذر المسلمة فإن عمرها رأس مالها، وأنَّى لتاجر ضيع رأس ماله أن يفوز ويربح!

فالفراغ إذن نعمة لا يثمنها كثير من النسوة، إذ نجد الواحدة منهن تهدر وقتها في أمور قد تعمر بها دنياها، ولكنها حتما تخرب بها أخراها؛ من جلسة إلى جلسة، ومن حديث إلى حديث، ومن اتصال إلى اتصال، وكل ذلك لا يكاد يخلو من غيبة، أو نميمة، أو إرجاف، أو تناقل إشاعة كاذبة وإذاعتها بين الناس، إلا من رحم ربي وهن قليلات.
وعن أبي برزة الأسلمي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن عمره فيمَ أفناه، وعن علمه فيمَ فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيمَ أنفقه، وعن جسمه فيمَ أبلاه) [رواه الترمذي].

فهلّا تأملتْ المسلمة في عمرها فيما أفنته؟ وهلا حاسبت نفسها الأمارة بالسوء عن وقتها فيما أضاعته؟ والله تعالى يقول: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر: 92-93]، وقال الحسن البصري، رحمه الله: «يعرض على ابن آدم يوم القيامة ساعات عمره، فكل ساعة لم يحدث فيها خيرا تقطعت نفسه عليها حسرات».
هذه ساعات لم يحدِث المرء فيها خيرا تتقطع نفسه عليها حسرات، فكيف بساعات يحدثِ فيها شرا؟ كيف بساعات أسخط فيها ربه وأفرح الشيطان ولم يكُ من المفلحين؟

أيتها الأخت المسلمة إن الناس لم يُخلقوا عبثا حتى يفنوا أعمارهم فيما يضرهم في الآخرة ولا ينفعهم، كيف والله تبارك وتعالى يقول: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون: 115]، بل خُلقوا ليعبدوا الله -عز وجل- وحده ويعمروا هذه الأرض وفق ما أراده الخالق وشاء، إذ يقول الله سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، فكيف ستتحقق هذه العبادة للمرأة المسلمة إن هي أهدرت عمرها تلهث وراء الشهوات والملذات، وكانت من اللاهيات الغافلات؟

عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لرجل وهو يعِظه: (اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك) [رواه الحاكم].
قال المناوي: «(اغتنم خمسا قبل خمس)، أي افعل خمسة أشياء قبل حصول خمسة أشياء؛ (حياتك قبل موتك)، يعني اغتنم ما تلقى نفعه بعد موتك، فإن من مات انقطع عمله، وفاته أمله، وحق ندمه وتوالى همه، فاقترض منك لك، (وصحتك قبل سقمك)، أي اغتنم العمل حال الصحة، فقد يمنع مانع كمرض فتقدم المعاد بغير زاد، (وفراغك قبل شغلك)، أي اغتنم فراغك في هذه الدار قبل شغلك بأهوال القيامة التي أول منازلها القبر، فاغتنم فرصة الإمكان لعلك تسلم من العذاب والهوان، (وشبابك قبل هرمك)، أي اغتنم الطاعة حال قدرتك قبل هجوم عجز الكبر عليك فتندم على ما فرطت في جنب الله، (وغناك قبل فقرك)، أي اغتنم التصدق بفضول مالك قبل عروض جائحة تفقرك فتصير فقيرا في الدنيا والآخرة، فهذه الخمسة لا يُعرف قدرها إلا بعد زوالها» [فيض القدير].


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 42
الثلاثاء 5 ذو القعدة 1437 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

الجهادُ بالدُّعاء [1/2] الدعاء سلاحٌ قويٌّ ماضٍ فتاك، به تُكشف المصائب ويُمنع الهلاك، وبه ...

الجهادُ بالدُّعاء
[1/2]

الدعاء سلاحٌ قويٌّ ماضٍ فتاك، به تُكشف المصائب ويُمنع الهلاك، وبه يدافعُ المؤمن البلاء ويدفع كيد الأعداء، وبه تُستجلبُ النعم وتُستدفعُ النقم، وبه تفرَّجُ الهموم وتزول الغموم، والدعاء أخصُّ سمات العبادة، بل إن الدعاء هو العبادة، ففيه كمال الحب وكمال الذل، لله الواحد الحكم العدل، فيه يناجي العبدُ ربَّه، ويعترف بعجزه وضعفه، وهو سلوانٌ للقلوب شفاءٌ للصدور بلسمٌ للجروح تيسيرٌ للأمور، والدعاء حرزٌ ضليع وحصنٌ منيع، ولا شيء أكرم على الله من الدعاء وأعجز الناس من عجز عن الدعاء، فهو عبادة يسيرة، ميسورةٌ في الليل والنهار مبذولةٌ في البر والبحر مشروعةٌ في الإقامة والسفر، الداعون يفرُّون إلى الرحيم الرحمن العلام، ويتعلقون بربهم الملك القدوس السلام، فتراهم حال الدعاء منطرحين بين يدي أكرم الأكرمين، قاطعين صِلاتهم بالعالَم متوجهين لرب العالمين، متخلصين من رقِّ حاجة الناس ومِنَّتهم، مخلصين لربهم في التماسهم، طامعين بفضله عليهم...

هذا هو الدعاء، فما أحوج المسلم إليه في هذه الأيام التي تداعت فيها على جماعة المسلمين كل أمم الكفر وملله ونحله! فلْينتبه المجاهد في سبيل الله إلى أهمية هذا السلاح وضرورة الاهتمام به ووجوب إتقانه وترك التعلق بغير السميع المجيب، كما ولْيشارك كل مسلم ومسلمة في مجاهدة أعداء الله بهذا السلاح الرباني الناجع، قال صلى الله عليه وسلم: (جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم) [حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي]، ولا يقتصر الجهاد باللسان على التحريض على الجهاد ومدح المجاهدين وذم القعود وهجو الكافرين؛ بل إنَّ من أهمِّ أنواع جهاد اللسان: الدعاء، بأن يدعو المسلم على المشركين بالهزيمة وللمؤمنين بالنصر.

ويتأكد هذا النوع من الجهاد (الجهاد بالدعاء) بحق من لم ييسر الله لهم القتال في سبيله لأي عذرٍ من الأعذار الشرعية، كالمرأة والمريض والعاجز والمحبوس... فعلى هؤلاء الدعاء للغزاة في سبيل الله، لأن الله تعالى عندما عذرهم من القتال، اشترط عليهم لقبول عذرهم أن ينصحوا لله ولرسوله، ومن ذلك الدعاء لأولياء الله، أتباع رسوله -صلى الله عليه وسلم- قال تعالى: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 91].

بل إنَّ دعاء هؤلاء الضعفة من أهم أسباب انتصار المسلمين وهزيمة الكافرين، كما قال -صلى الله عليه وسلم- لسعد ابن أبي وقاص -رضي الله عنه- لما ظنَّ أن له فضلٌ على من سواه من ضعفاء المسلمين: (هل تُنصرون وتُرزقون إلا بضعفائكم) [رواه البخاري]، وفي رواية النسائي: (إنما يَنصرُ اللهُ هذه الأمة بضعيفها، بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم).

قال ابن حجر العسقلاني: «قال السهيلي: الجهاد تارة يكون بالسلاح وتارة بالدعاء» [فتح الباري]، وهذا من الأمور الظاهرة الثابتة، إلا أن في هذه الأيام بعض المهزوزين المنهزمين الذين استسلموا لهبل التكنولوجيا العسكرية وسلَّموا مقدَّماً بانتصار الحملة الصليبية على الدولة الإسلامية، تركوا الدعاء، وكأنَّه لا يجدي نفعاً، والعياذ بالله! وذلك السلوك الخاطئ لدى بعض الناس إنما سببه الجهل بهذا السلاح، فإنهم لو علموا أهمية الدعاء وعظيم آثاره وكيفيته وآدابه وسمعوا قصص استجابة الله تعالى لعباده، لما زهدوا فيه وتمسكوا بغيره.

وعلى العبد أن يعلم أن للدعاء ثمراتٍ عديدة وفضائل كثيرة تعزُّ على الحصر، منها: أنه امتثال لأمر الله عزَّ وجلَّ القائل: {وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [الأعراف: 29]، {وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا} [الأعراف: 56]، {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف: 55]، وأن فيه كمال التوكل والذل والتواضع لله تعالى القائل: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60]، ومنها: أنه سبب لدفع البلاء قبل نزوله، كما قال صلى الله عليه وسلم: (ولا يرد القدر إلا الدعاء) [حديث حسن رواه ابن ماجه وابن حبّان والحاكم] كما أنه سببٌ لرفع البلاء بعد نزوله، كما قال صلى الله عليه وسلم: (لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل، ومما لم ينزل، وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة) [حديث حسن رواه الحاكم]، ومنها: أنه سبب لحصول المطلوب في الدعاء، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها) [حديث صحيح رواه أحمد والحاكم]، وهكذا فإن للدعاء شأنٌ عظيم!


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 42
الثلاثاء 5 ذو القعدة 1437 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

غزوة (صايكول) على ملاحدة الأكراد قصة 40 انغماسياً من جيش الخلافة خلف خطوط العدو [3/3] • نفذ ...

غزوة (صايكول) على ملاحدة الأكراد
قصة 40 انغماسياً من جيش الخلافة خلف خطوط العدو
[3/3]

• نفذ بحزامه الناسف ولم يُقتل

وأضاف أنه وبعد تفرقهم توجه وحيدا إلى قرية بير دم، ظنا منه أن بها مجموعة من الإخوة وبعد دخوله القرية جاء رتل مؤلف من عشر سيارات للملحدين، فدخل الأخ أحد البيوت ولم يعرفوا بأي بيت دخل، وبدأ الملحدون بتمشيط القرية بيتا بيتا، وعندما اقتربوا من البيت الذي كان فيه فتح رشاشه عليهم ليقتل ويصيب عددا جيدا منهم، وكان الوقت قريبا من الظهر واستمر اشتباكه معهم إلى ما قبل المغرب اشتباكات متقطعة، وبدأت ذخيرته تقل شيئا فشيئا وتقترب من النفاد. وذكر أن آخر تلك الاشتباكات كانت مع مجموعة اقتربت من البيت الذي كان فيه ظنا منها أنه قد قُتل، وكان عددهم ستة وبعد اقترابهم من مكان تواجده وبسبب نفاد ذخيرته عزم الأخ على تفجير حزامه الناسف في الجنود المتقدمين باتجاهه، وبعد اقترابهم منه ودخولهم حيز التشظي استعد للتنفيذ بالحزام فخرج بوجههم مكبرا -الله أكبر- وسحب الصاعق بقوة، ليتفاجأ بأن الصاعق خرج بيده وأن الحزام لم ينفجر، بينما كان حال المرتدين الفزع والخوف والتخبط عند سماعهم التكبير، وهربوا من أمامه، فما كان من الأخ إلا أن تناول بندقيته وأردى ثلاثة منهم قتلى بينما تمكن الثلاثة الآخرون من الفرار لنفاد ذخيرته.

• قتل 24 منهم وأخرجه الله سالماً

وقال أنه وفور قتل الثلاثة تناول حقيبة صغيرة فيها الكثير من الذخيرة كانت بيد أحد القتلى، وتحول إلى بيت آخر، بينما ظن الملحدون أنه ما زال في ذلك البيت وانهالوا عليه رميا بقذائف الـ RPG وبالـ PKS وغيرهما من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وعند حلول الظلام ظن الملحدون أن الأخ قد قُتل، فبدأ بالتسلل بين أظهرهم في تمام العاشرة ليلا وهو يردد قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ}، فتمكن من الخروج من بينهم بتوفيق من الله ورعاية، ومشى مسافة 2 كيلو متر فوجد بيتا في قرية صغيرة وكان يعرف أهل البيت منذ كان من سكان المنطقة، فآووه في إحدى الغرف وقدموا له الطعام والماء، وفي اليوم الثاني أخرجوه من القرية خفية وتابع سيره مسافة 7 كيلو متر تقريبا ولم يكن معه زاد من طعام أو ماء، فاضطر لدخول بيت آخر، لم يكن يعرف أهله هذه المرة فقدموا له كذلك الماء وأرشدوه إلى الطريق إلى أن وصل إلى نقاط رباط الإخوة.

وأكد أنه وأثناء خروجه من القرية التي كان محاصرا بها شاهد مجموعتين من قتلى الملحدين كانوا قد جمعوا بهما قتلاهم، في الأولى 13 قتيلا وفي الثانية 11 قتيلا.

• مقتل صليبي كندي ومسؤول كبير من ملاحدة الأكراد

من جهته قال أحد الإخوة الانغماسيين الذين شاركوا في الغزوة كذلك، أنه وفي بداية اقتحامهم لإحدى القرى كان الهدف الوصول لبيت مرتد شكّل كتيبة لقتال المجاهدين، وعند اقترابهم من مشارف القرية تفاجؤوا بسيارتين قادمتين باتجاههم من طرف السد تقل عددا من الملاحدة فكمنوا لهم، وعندما باتت السيارتان تحت نيرانهم اشتبكوا مع من فيها على مسافة قريبة وقتلوا أربعة جنود منهم، وتفاجؤوا أن من بين القتلى مقاتلين أجانب ومسؤولين من ملاحدة الأكراد كانت معهم أجهزة إلكترونية لتوجيه الطيران وتحديد المواقع، وأن الهلكى الأربعة يحملون أجهزة اتصال وأسلحة ويرتدون ملابس عسكرية، ليعلم فيما بعد من إعلام الملحدين أن من بين القتلى خبير عسكري يحمل الجنسية الكندية، ومسؤول كبير في قواتهم المرتدة.

كانت هذه بعض أحداث غزوة من غزوات جنود الخلافة التي تتكرر في كل ولاياتها، والتي يكتبها الانغماسيون بدمائهم وأشلائهم، فيرحلون بعد كتابتها إلى جنات الخلود بإذن الله، ويتركون وراءهم فرحة في قلوب الموحدين، وغصة ولوعة في قلوب المشركين.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 42
الثلاثاء 5 ذو القعدة 1437 ه‍ـ

لقراءة القصة كاملة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

نبي الملحمة، صلى الله عليه وسلم.. جهاد حتى الممات [2/2] فكم هي عظيمة منزلة الشهادة في سبيل ...

نبي الملحمة، صلى الله عليه وسلم.. جهاد حتى الممات
[2/2]


فكم هي عظيمة منزلة الشهادة في سبيل الله حتى يتمناها النبي الذي اصطفاه الله وكرمه وختم به الرسالة! وكم هو عظيم أجر الجهاد في سبيل الله حتى يودُّ النبي -صلى الله عليه وسلم- ألا يتخلف عن سرية تغزو في سبيل الله، ولو عاد المرء إلى السيرة لوجد أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قد خرج بنفسه في إحدى وعشرين غزوة على الصحيح من الأقوال. [انظر: النبي القائد]، «وأما البعوث والسرايا؛ فعدّ ابن إسحاق ستا وثلاثين....» وزاد غيره على ذلك [انظر: النبي القائد]، أي بمجموع سبع وخمسين غزوة وسرية في مدة عشر سنوات، بمعدل خمس إلى ست غزوات وسرايا في السنة.

وحتى بعد عقد الرسول -صلى الله عليه وسلم- الصلح مع قريش عام الحديبية في آخر السنة السادسة من الهجرة، فإنه -صلى الله عليه وسلم- لم يخلد إلى الراحة والاستقرار بعد ست سنوات خاض فيها الصحابة ما خاضوا من الحروب وفقدوا من فقدوا من الأهل والأولاد والأموال، بل خرج إلى خيبر أول سنة سبع من الهجرة.

قال ابن كثير: «وقال موسى بن عقبة: لما رجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الحديبية مكث عشرين يوما أو قريبا من ذلك، ثم خرج إلى خيبر وهي التي وعده الله إياها»، فمكّنه الله من فتح حصونها وقتل اليهود وإخراجهم واغتنام ما بأيديهم، ثم في جمادى الأولى من السنة ذاتها، أرسل الرسول -صلى الله عليه وسلم- جيشاً قوامه ثلاثة آلاف مقاتل إلى مؤتة من أرض الشام ليؤدب النصارى العرب الذين قتلوا رسوله إليهم؛ حتى لا تضيع هيبة المسلمين ودولتهم، وواجه المسلمون في هذه المعركة مائتي ألف مقاتل من النصارى؛ نصفهم من العرب والنصف الآخر من الروم، وسقط فيها قادة الجيش الثلاثة الذين سماهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شهداء، وهم جعفر بن أبي طالب ابن عمه وحبيبه، وزيد بن حارثه حِبُّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعبد الله بن رواحة، رضي الله عنهم جميعاً.

ثم منّ الله -عز وجل- بعد ذلك على النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه بفتح مكة ثم حنين ثم غزو الطائف ثم ما كان من تبوك وغيرها من السرايا والبعوث التي بذل فيها الصحابة -رضي الله عنهم- الأنفس والأموال، وفقد فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- الأقارب والأحباب، فلم تكن الانتصارات يوما بلا ثمن.

وتوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يُعد سرية أسامة (ابن شهيد مؤتة زيد بن حارثة)، جهزه ليقاتل القوم ذاتهم، وتوفي -صلى الله عليه وسلم- قبل إنفاذ بعث أسامة -رضي الله عنه- فأنفذه الصديق -رضي الله عنه- من بعده.
فيا من تدّعون محبّة الرسول -صلى الله عليه وسلم- أين أنتم من سيرته؟ أوليس فيها أسوة حسنة لكم؟ ما لكم جعلتم أسوة لكم الأئمة المضلّين الذين يجهدون كل الجهد في أن يغيروا معالم هذه العبادة العظيمة، أو يجعلوها من نوافل الطاعات بعد أن يشترطوا لها من الاشتراطات ما لم ينزل الله به من سلطان.

أولئك الضالون الذين أطنبوا وأكثروا من الحديث عن السلام في الإسلام وصغروا من شأن الجهاد في سبيل الله، وأدخلوا فيه ما ليس منه تبريراً لقعودهم عنه، ثم قللوا من شأنه بادعائهم أن الجهاد الأكبر جهاد النفس وما عداه أصغر، ودعوا إلى السلم وأوّلوا قوله تعالى: {يا أيُّها الّذِين آمنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كافّةً ولا تتّبِعُوا خُطُواتِ الشّيْطانِ إِنّهُ لكُمْ عدُوٌّ مُبِينٌ} [البقرة: 208] بالدخول في السلام مع أنّ المراد بها الدخول في شرائع الإسلام كافة دون ترك بعضها، وليس مسالمة الأعداء كما زعموا [انظر: تفسير ابن كثير].
وأين هم من جهاد النبي -صلى الله عليه وسلم- وجهاد أصحابه والتابعين؟ وأين هم من قوله تعالى: {فإِذا انْسلخ الْأشْهُرُ الْحُرُمُ فاقْتُلُوا الْمُشْرِكِين حيْثُ وجدْتُمُوهُمْ وخُذُوهُمْ واحْصُرُوهُمْ واقْعُدُوا لهُمْ كُلّ مرْصدٍ فإِنْ تابُوا وأقامُوا الصّلاة وآتوُا الزّكاة فخلُّوا سبِيلهُمْ إِنّ اللّه غفُورٌ رحِيمٌ}[التوبة: 5]؟ وأين هم من قوله تعالى: {يا أيُّها الّذِين آمنُوا قاتِلُوا الّذِين يلُونكُمْ مِن الْكُفّارِ ولْيجِدُوا فِيكُمْ غِلْظةً واعْلمُوا أنّ اللّه مع الْمُتّقِين} التوبة: 123]؟ أم أنّ هذه الآيات نزلت تخاطب قوما آخرين ولا تعني مدّعي العلم بشيء؟

وأما أنتم يا جند الخلافة فهنيئاً لكم اتباع سنة نبيكم، وسيركم تحت لوائه وائتماركم بأمره في جهاد أعداء الله مهما كثروا ومهما تجهزوا، فأنتم جند الله -عز وجل- وأتباع رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- قال تعالى: {ولقدْ سبقتْ كلِمتُنا لِعِبادِنا الْمُرْسلِين * إِنّهُمْ لهُمُ الْمنْصُورُون * وإِنّ جُنْدنا لهُمُ الْغالِبُون} [الصافات: 171-173].

حشرنا الله وإياكم تحت لواء النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة، وسقانا من يده الشريفة شربة ماء لا نظمأ بعدها أبدا.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 42
الثلاثاء 5 ذو القعدة 1437 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

غزوة (صايكول) على ملاحدة الأكراد قصة 40 انغماسياً من جيش الخلافة خلف خطوط العدو [1/3] «إخواني ...

غزوة (صايكول) على ملاحدة الأكراد
قصة 40 انغماسياً من جيش الخلافة خلف خطوط العدو
[1/3]

«إخواني في الله، جددوا نياتكم، وأكثروا من الذكر والدعاء، وتضرعوا إلى الله والتجئوا إليه، إنها آخر ساعاتنا في هذه الدار الفانية، وبعدها ننتقل إلى دار البقاء بإذن الله، فلتكن لحظة الانغماس بالأعداء لحظة يقين بأن الجنة هي الجزاء، وأنّا مقبلون على كريم غفور يحب الذين يقاتلون في سبيله، واعلموا أنّه إنْ قدّر الله لنا البقاء فنحن أمام مزيد من الفتن والابتلاء، وإنْ قدّر لنا القتل فهو محض اصطفاء»، هذا ما قاله أمير الغزوة قبل الانطلاق، تقبله الله.

استعد الأبطال الأربعون وارتفعت هممهم، قال أحدهم، «اعلموا أن الله يرانا في هذه الساعة وينظر إلى أعمالنا، فأروا الله منا ما يحب، فهي لحظات لا تتكرر»، صوت من آخر الصفوف يرتفع، «نعاهد الله على الموت في سبيله، ونبايع خليفة المسلمين أبا بكر البغدادي على ألا نعود إلا منتصرين أو قتلى».

• لن نعود بإذن الله

قال آخر: «لن نعود أبدا بإذن الله، قالها بصوت أجش، لن أعود بإذن الله، مهما كان السبب»، أضاف آخر: «وأنا كذلك لن أعود مطلقا مهما كلف الأمر»، وصاح ثالث: «سأكون معكما فأنا مشتاق للقاء ربي»، أبكت هذه الكلمات الجميع، الإخوة الثلاثة الذين تبايعوا على الانغماس بالعدو وعدم العودة، صدقوا ما عاهدوا الله عليه، نحسبهم كذلك، فقضوا نحبهم ولم يرجعوا.

أجواء الترقب تسود المكان، ونور الوجوه يغلب ظلمة الليل، والسكينة والاطمئنان سمة اللحظة، يصيح أحدهم بصوت مرتفع واصفا حال الانغماسي في سبيل الله:

وإني لمقتادٌ جوادي وقاذفٌ
به وبنفسي العام إحدى المقاذف
فيا رب إن حانت وفاتي فلا تكن
على سُرر تُعلى بخضر المطارف
ولكن قبري بطن نسر مَقيلُه
بجو السماء في نسور عواكف
فأُقتل قصعاً ثم يُرمى بأعظمي
بأرض الخلى بين الرياح العواصف
وأمسي شهيدا ثاوياً في عصابة
يصابون في فج من الأرض خائف

إنها غزوة (صايكول) الأخيرة التي رحّل فيها الأبطال المئات من ملاحدة الأكراد، وأذاقوهم بأسلحتهم الفردية طعم الخوف وألوان العذاب، والتي لن ينسى طعمها الملاحدة وأولياؤهم الصليبيون الذين فقدوا أحد خبرائهم فيها، الذي تبين لاحقا أنه يحمل الجنسية الكندية كما أكد الأعداء عبر إعلامهم.

أحد أبطال هذه الغزوة يقص علينا بعض مجريات الغزوة ويفسر لنا أهمية الأسلوب الذي اتبعه المقاتلون في اقتحامهم وهو الانغماس، ونجاعته في إرهاب العدو، وإيقاع عدد كبير من القتلى في صفوف العدو مقابل عدد قليل من المهاجمين، قائلا: «إن للانغماس عوامل نجاح وأسس يجب اتباعها كي يكون أنكى في العدو، فمن أسس الانغماس على الصعيد الشخصي، الإيمان القوي بالله، والعقيدة الراسخة، والقناعة بجدوى أسلوب الانغماس وأهميته، والشجاعة، واللياقة الجسدية العالية، وسرعة البداهة».

وأضاف أنه وعلى الصعيد العملي لا بد من المباغتة والمفاجأة، وسرعة الانقضاض على العدو، والخفة في الحركة، والتنبه لعامل الزمن، وخداع العدو، ودراسة المنطقة التي يراد الانغماس فيها ومعرفتها بشكل جيد، كذلك رصد أماكن تمركز العدو وعدد أفراده وعدد آلياته وجميع إمكانياته، ولا بد من الاستعانة بأبناء المنطقة في حال كان هذا ممكنا، ومعرفة المناصرين من الأعداء، لأنه كثيرا ما يستطيع المجاهد المنغمس الرجوع بعد تنفيذ مهمته فيحتاج لمن يعينه على طريق العودة، وإيوائه وإطعامه في حال حوصر لفترة طويلة أو كان مكان الانغماس بعيدا عن خطوط المجاهدين.

• تحييد سلاح الجو

ونوه إلى أن أسلوب الانغماس في الأعداء في ظل الحرب الشرسة التي تخاض ضد الدولة الإسلامية وجنودها هو من أنجع الأساليب التي تكبد العدو الكثير من الخسائر البشرية والمادية، إضافة إلى أن الانغماس يفوت على الأعداء فرصة استخدام سلاح الجو بشكل كامل، ناصحاً بأن يبدأ الانغماس في الأعداء أول الليل كي يتسنى للإخوة المنغمسين العمل طيلته، إذ يصعب على الأعداء رؤيتهم أو معرفة عددهم أو اتجاههم، الأمر الذي يسهل على الإخوة الانغماس وتحقيق الهدف من ورائه، مشيرا إلى أن الانغماس في النهار يفقد الإخوة الكثير من عوامل النجاح ويكون الوقت أمامهم قصيرا جدا للتحرك والمناورة، وقد يوقف عملهم قناص واحد، أما في الليل فلا يستطيع أحد تحديد أماكنهم وأعدادهم، بإذن الله.

وقال إن العديد من المجاهدين الآن -ولله الحمد- يحبون الانغماس لما يرون من فوائده الكثيرة ونجاعته في إيقاع القتل في الأعداء وتشتيتهم والتنكيل بهم.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 42
الثلاثاء 5 ذو القعدة 1437 ه‍ـ

لقراءة القصة كاملة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

نبي الملحمة، صلى الله عليه وسلم.. جهاد حتى الممات [1/2] الجهاد في سبيل الله عبادة لها من ...

نبي الملحمة، صلى الله عليه وسلم.. جهاد حتى الممات
[1/2]

الجهاد في سبيل الله عبادة لها من الإسلام ذروة السنام، ومقامها فيه أرفع مقام، وليست تنقطع حتى قيام الساعة كما أخبر النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو الذي قاد المجاهدين وأرسل السرايا وجيّش الجيوش، بعد هجرته إلى المدينة بفترة يسيرة، واستمر في جهاد أعدائه حتى لقي ربه.

فقد وصل النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة بعد هجرته من مكة، يوم الجمعة الثاني عشر من ربيع الأول، على رأس ثلاث عشرة سنة من النبوة كما يذكر أصحاب السير، وانشغل وأصحابه في بناء المسجد وتنظيم أمور المدينة والمؤاخاة وغيرها من الأمور الأساسية في بناء الدولة النبوية، ولم يتأخر -صلى الله عليه وسلم- عن الجهاد، فبعد أشهر من تاريخ مقدمه أرسل أولى سراياه.

ذكر ابن سعد في الطبقات أنَّ «أول لواء عقده رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لحمزة بن عبد المطلب بن هاشم، في شهر رمضان على رأس سبعة أشهر من مهاجر رسول الله، صلى الله عليه وسلم»، وتوجهت هذه السرية لاعتراض عير قريش ولم يحدث بين الفريقين قتال، فسبعة أشهر بعد الهجرة كانت كافية عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليبدأ جهاد الطلب لأعداء الله وشن غاراته عليهم، ثم تجد أنه -صلى الله عليه وسلم- في الفترة الفاصلة بين هذه السرية وغزوة بدر الكبرى في رمضان من السنة الثانية للهجرة (التي تقدر بسنة واحدة فقط)، قد أرسل وشارك بنفسه في سبع سرايا وغزوات؛ أي لا يمر شهران دون أن يرسل سرية أو يخرج في غزوة، بل أقل من ذلك إذا احتسبت المدة التي تقضيها السرية أو الغزوة في الخروج ولقاء العدو والرجوع ثم الخروج بعدها لغزوة أخرى.

وهكذا كانت سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- جهادا غير منقطع طلباً لأعداء الله ورداً لهم عن حياض المسلمين، وكم كان -صلى الله عليه وسلم- يَوَدُّ أن يخرج في كل سرية تغزو في سبيل الله، ولكنَّ شدّة الوضع في المدينة تمنعه.

فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لولا أن رجالا من المؤمنين لا تطيب أنفسهم أن يتخلفوا عني، ولا أجد ما أحملهم عليه، ما تخلفت عن سرية تغزو في سبيل الله، والذي نفسي بيده، لوددت أني أقتل في سبيل الله، ثم أحيا، ثم أقتل، ثم أحيا، ثم أقتل، ثم أحيا، ثم أقتل) [رواه البخاري].

فكم هي عظيمة منزلة الشهادة في سبيل الله حتى يتمناها النبي الذي اصطفاه الله وكرمه وختم به الرسالة! وكم هو عظيم أجر الجهاد في سبيل الله حتى يَوَدُّ النبي -صلى الله عليه وسلم- ألا يتخلف عن سرية تغزو في سبيل الله، ولو عاد المرء إلى السيرة لوجد أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قد خرج بنفسه في إحدى وعشرين غزوة على الصحيح من الأقوال. [انظر: النبي القائد]، «وأما البعوث والسرايا؛ فَعَدَّ ابن إسحاق ستا وثلاثين....» وزاد غيره على ذلك [انظر: النبي القائد]، أي بمجموع سبع وخمسين غزوة وسرية في مدة عشر سنوات، بمعدل خمس إلى ست غزوات وسرايا في السنة.

وحتى بعد عقد الرسول -صلى الله عليه وسلم- الصلح مع قريش عام الحديبية في آخر السنة السادسة من الهجرة، فإنه -صلى الله عليه وسلم- لم يخلد إلى الراحة والاستقرار بعد ست سنوات خاض فيها الصحابة ما خاضوا من الحروب وفقدوا من فقدوا من الأهل والأولاد والأموال، بل خرج إلى خيبر أول سنة سبع من الهجرة.

قال ابن كثير: «وقال موسى بن عقبة: لما رجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الحديبية مكث عشرين يوما أو قريبا من ذلك، ثم خرج إلى خيبر وهي التي وعده الله إياها»، فمكّنه الله من فتح حصونها وقتل اليهود وإخراجهم واغتنام ما بأيديهم، ثم في جمادى الأولى من السنة ذاتها، أرسل الرسول -صلى الله عليه وسلم- جيشاً قوامه ثلاثة آلاف مقاتل إلى مؤتة من أرض الشام ليؤدب النصارى العرب الذين قتلوا رسوله إليهم؛ حتى لا تضيع هيبة المسلمين ودولتهم، وواجه المسلمون في هذه المعركة مائتي ألف مقاتل من النصارى؛ نصفهم من العرب والنصف الآخر من الروم، وسقط فيها قادة الجيش الثلاثة الذين سماهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شهداء، وهم جعفر بن أبي طالب ابن عمه وحبيبه، وزيد بن حارثه حِبُّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعبد الله بن رواحة، رضي الله عنهم جميعاً.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 42
الثلاثاء 5 ذو القعدة 1437 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

عامان على آخر الحملات الصليبية الآن.. الآن.. جاء القتال يخدع المسؤولون في التحالف الصليبي ...

عامان على آخر الحملات الصليبية
الآن.. الآن.. جاء القتال


يخدع المسؤولون في التحالف الصليبي أنفسهم وشعوبهم عندما يحكمون على سير الحملة الصليبية ضد الدولة الإسلامية من خلال الخطوط والألوان الموزّعة على خرائط انتشار جنود الخلافة، أو الأرقام المنشورة في الجداول الإحصائية عن حجم ما أنفقوه من سلاح وعتاد وما قصفوه من أهداف خلال عامين من الغارات الجوية والحروب البرية الشرسة التي يخوضها جيش الخلافة ضد عدّة جيوش على الأرض.

ويكذبون على أنفسهم وشعوبهم عندما يفترضون مواعيد محدّدة لحسم المعركة ضد جيش الخلافة بناء على التقارير المضلّلة التي تقدّمها لهم أجهزة مخابراتهم عن واقع الدولة الإسلامية.

فالخرائط التي بأيديهم عن المناطق التي انحاز منها جنود الخلافة خرائط صمّاء بكماء، لا تنطق بحقيقةِ أن ما احتاج الصليبيون وحلفاؤهم المرتدون عامين لاسترداده وبذلوا في سبيل ذلك عشرات الألوف من القتلى والجرحى، وعشرات المليارات من الدولارات، إنما فتحها الله على الدولة الإسلامية خلال شهرين فقط من الزمان، كما أنها لا تنطق بحقيقةِ أن ما انحاز عنه جنود الخلافة من المناطق يبقى بالنسبة إليهم مناطق هشة يسهل عليهم -بإذن الله- استعادتها خلال أيام قليلة فقط.

والجداول الإحصائية التي يقدّمونها عن حجم ما قصفوه ودمّروه من المناطق، وعما يقدّرونه من الخسائر في الدولة الإسلامية تكتم حقيقة الخسائر التي يتكبّدها حلفاء الصليبيين على الأرض، التي أوصلتهم -بفضل الله- إلى حافة الانهيار التام.

والتقارير الاستخباراتية التي يعتمدون عليها في تقدير ما يحتاجونه من وقت لحسم المعركة، سبق لها أن خدعتهم من قبل مرارا، ولا زالت تخدعهم كل يوم، ولا أدلّ على ذلك من خروجهم بعد كل فتح يمنّ الله به على الدولة الإسلامية ليلقوا باللائمة على أجهزة مخابراتهم التي لم تستطع تقدير قوّة الدولة الإسلامية، وقدّمت لهم تقارير مضلّلة بنوا عليها حساباتهم الخاطئة، ولا زلنا نذكر إلى اليوم الصدمة التي أظهروها بعد فشل مشروع صحوات الشام، ونجاة جنود الخلافة من كمين الغدر الذي نُصب لهم في حلب وإدلب وغيرهما، والصدمة الأكبر بعد فتح الموصل وإعلان الخلافة وانهيار الجيش الرافضي وقوات البيشمركة المرتدين، ثم صدمتهم بالبيعات التي توالت من المجاهدين في مشارق الأرض ومغاربها، ثم كانت الفاجعة بالعمليات الأمنية الناجحة في عقر دارهم في مدن أمريكا وأوروبا، التي باتت تشكل قصة رعب واستنفار يومية لشعوبهم وأجهزة أمنهم.

إن كل ما حققه الصليبيون وعملاؤهم المرتدون خلال العامين الماضيين وما تحمّلوا في سبيله التكاليف الباهظة في الأرواح والأموال يثبت يقينا أن هدفهم في تلك المرحلة لم يكن يتعدّى وقف تمدد الدولة الإسلامية، ومنع سقوط بغداد ودمشق وأربيل والقامشلي في يد جنود الخلافة، بخلاف مزاعمهم التي خدعوا بها أتباعهم عن إنهاء وجود الدولة الإسلامية، لذلك ركّزوا كل جهودهم على استنقاذ الفلوجة والرمادي وبيجي وتدمر، وتحصين سامراء وكركوك وحزام بغداد وسهل نينوى، والسيطرة على ريف حلب الشمالي، وقد خيبهم الله، ففي كل يوم تعلو صيحاتهم في مشارق الأرض ومغاربها لتعبّر عن مخاوفهم من فتح جبهات جديدة عليهم تنسيهم أهوال العراق والشام.

إن أعداء الدولة الإسلامية اليوم بكل أممهم وأطيافهم إنما يتطلعون إلى اليوم الذي ينهون فيه معاركهم معها، ويريحون أبدانهم ونفوسهم من مرارة هزائمهم على أيدي جنودها، لذلك يكثرون من التقديرات التي يؤملون فيها أتباعهم بقرب انتهاء الحرب ووقف استنزاف أرواحهم وأموالهم فيها.

أما جنود الخلافة فقد أكرمهم الله بعقيدة صحيحة ومنهج نبوي قويم يمنعهم من الاستسلام لعدوهم أو الاكتفاء بما في أيديهم والركون إليه، إذ إن قتالهم ليس لطلب مغنم، إنما هو جهاد لإزالة الشرك من الأرض، وإخضاع الناس كلهم لرب العالمين، ومن كانت عقيدته هكذا فلا يمكن أن يلقي السلاح من يده سواء كان منتصرا، أو منكسرا، فإن فتح الله عليه في أرض وأقام فيها حكم الله، تذكر أن ما يحكمه المشركون بشريعة الطاغوت أكثر، وأنه لا يحلّ له القعود حتى يسعى لاستنقاذه من أيديهم، وإن انكسر تذكر أنه لم يكلَّف إلا بعبادة الله بقتال أعدائه ما استطاع، حتى يأتيه الموت أو يكتب الله له الشهادة، وفي الحالتين ما له من شعار سوى قوله عليه الصلاة والسلام: (الآن، الآن، جاء القتال).

فليشحذ المجاهدون سيوفهم، وليذخّروا أسلحتهم، وليجدّدوا النية على القتال في سبيل الله، ولتكن أعينهم على مكة والمدينة وبيت المقدس، وما دونها سيكون أسهل عليهم -بإذن الله- من فتح الموصل والرقة وسرت، والله على كل شيء قدير.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 42
الثلاثاء 5 ذو القعدة 1437 ه‍ـ
...more

الجهادُ بالدُّعاء [2/2] وعلى العبد أن يعلم أن للدعاء ثمراتٍ عديدة وفضائل كثيرة تعزُّ على الحصر، ...

الجهادُ بالدُّعاء
[2/2]

وعلى العبد أن يعلم أن للدعاء ثمراتٍ عديدة وفضائل كثيرة تعزُّ على الحصر، منها: أنه امتثال لأمر الله عزّ وجلّ القائل: {وادْعُوهُ مُخْلِصِين لهُ الدِّين} [الأعراف: 29]، {وادْعُوهُ خوْفًا وطمعًا} [الأعراف: 56]، {ادْعُوا ربّكُمْ تضرُّعًا وخُفْيةً} [الأعراف: 55]، وأن فيه كمال التوكل والذل والتواضع لله تعالى القائل: {وقال ربُّكُمُ ادْعُونِي أسْتجِبْ لكُمْ إِنّ الّذِين يسْتكْبِرُون عنْ عِبادتِي سيدْخُلُون جهنّم داخِرِين} [غافر: 60]، ومنها: أنه سبب لدفع البلاء قبل نزوله، كما قال صلى الله عليه وسلم: (ولا يرد القدر إلا الدعاء) [حديث حسن رواه ابن ماجه وابن حبّان والحاكم] كما أنه سببٌ لرفع البلاء بعد نزوله، كما قال صلى الله عليه وسلم: (لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل، ومما لم ينزل، وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة) [حديث حسن رواه الحاكم]، ومنها: أنه سبب لحصول المطلوب في الدعاء، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها) [حديث صحيح رواه أحمد والحاكم]، وهكذا فإن للدعاء شأنٌ عظيم!

ولعل من أهم ثمرات الدعاء أنه سببٌ للثبات والنصر والظفر على العدو، وذلك ثابتٌ في الكتاب والسنّة متواترٌ من سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وسيرة صحابته -رضي الله عنهم- ومن آثار السلف الصالح -رحمهم الله- ففي قصة قتال طالوت وجنوده المؤمنين وجالوت وجنوده الكافرين، ماذا فعل المؤمنون آنذاك وماذا كانت العاقبة؟ قال تعالى: {ولمّا برزُوا لِجالُوت وجُنُودِهِ قالُوا ربّنا أفْرِغْ عليْنا صبْرًا وثبِّتْ أقْدامنا وانْصُرْنا على الْقوْمِ الْكافِرِين} [البقرة: 250]، دعاءٌ دعاه الموحدون قبيل وأثناء التحامهم بالمشركين، فاستجاب لهم الله تعالى فوراً، قال سبحانه: {فهزمُوهُمْ بِإِذْنِ اللّهِ} [البقرة: 251].

وفي معركة بدر الكبرى، قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلة بدر يصلي، ويكثر في سجوده من الدعاء ويسأل الله النصر [البداية والنهاية]، ولما كان يوم بدر نظر النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أصحابه وهم ثلاثمائة ونيّف، ونظر إلى المشركين فإذا هم ألف وزيادة، فاستقبل القبلة ثمّ قال: (اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تُعبد في الأرض)، فما زال يستغيث ربّه ويدعوه، حتى سقط رداؤه عن منكبيه [رواه مسلم].
أما حال الصحابة في بدر فقد وصفهم الله تعالى بأنهم كانوا يستغيثون بالله ويدعونه، فقال سبحانه: {إِذْ تسْتغِيثُون ربّكُمْ فاسْتجاب لكُمْ} [الأنفال: 9]، وبعد هذا الدعاء من النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن الصحابة -رضوان الله عليهم- ماذا كانت النتيجة؟ أمدّهم الله بألفٍ من الملائكة مردفين، وأنزل السكينة عليهم، وثبت أقدامهم، وغشّاهم بأمنة من النعاس، وأنزل عليهم من السماء ماءً طهرهم به، وأذهب عنهم رجز الشيطان، وربط على قلوبهم، وقذف الرعب في قلوب المشركين، فهزموهم بإذن الله.

وفي معركة الأحزاب (الخندق)، عندما حاصر المشركون المدينة حصاراً شديداً، واشتد على المسلمين الجوع والعطش والخوف، وأتاهم عدوهم من فوقهم ومن أسفل منهم وبلغت القلوب الحناجر، ابتهل النبي -صلى الله عليه وسلم- لربه وألح بالدعاء، وكان من دعائه عند حفر الخندق، قوله صلوات الله وسلامه عليه: (اللهم لولا أنت ما اهتدينا، ولا تصدقنا ولا صلينا، فأنزلن سكينة علينا، وثبت الأقدام إن لاقينا، إن الأعداء قد بغوا علينا، إذا أرادوا فتنة أبينا) [رواه البخاري]، ومن دعائه في محنة الحصار: (اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم، وانصرنا عليهم) [رواه البخاري ومسلم].

أما المسلمون فقد كانوا يسألون النبي -صلى الله عليه وسلم- بماذا يدعون ربهم، فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: «قلنا يوم الخندق: يا رسول الله، هل من شيء نقوله؟ فقد بلغت القلوب الحناجر، قال: (نعم، اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا)» [رواه أحمد].

فماذا حصل بعد هذه الأدعية المباركة؟! هبت ريح هوجاء في ليلة ظلماء، قلبت قدور المشركين واقتلعت خيامهم وأطفأت نيرانهم ودفنت رحالهم، فما كان منهم إلا أن نادوا بالرحيل، وفي ذلك يقول الله تعالى: {يا أيُّها الّذِين آمنُوا اذْكُرُوا نِعْمة اللّهِ عليْكُمْ إِذْ جاءتْكُمْ جُنُودٌ فأرْسلْنا عليْهِمْ رِيحاً وجُنُوداً لّمْ تروْها وكان اللّهُ بِما تعْملُون بصِيراً} [الأحزاب: 9].

فإلى المسلمين المستضعفين في كل مكان، عليكم بالدعاء، عليكم بالدعاء، عليكم بالدعاء، ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، وسينجز الله وعده، ويهزم الأحزاب وحده، بحوله وقوته، تحقيقاً لا تعليقا.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 42
الثلاثاء 5 ذو القعدة 1437 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

إن هي إلا أسماء سمّيتموها [2/2] وفي ظل ما نشاهده في أيامنا هذه من عبودية للتنظيمات والفصائل ...

إن هي إلا أسماء سمّيتموها
[2/2]

وفي ظل ما نشاهده في أيامنا هذه من عبودية للتنظيمات والفصائل والأحزاب، فإننا إذا دققنا في واقع تلك التجمعات من البشر نجد أن أتباعها إنما يتّبعون سبيل المشركين في تقديسهم الأسماء التي لم يأمر الله بتقديسها، بل ويعبدون تلك الأسماء بطريقة أو بأخرى، شاءوا الاعتراف بذلك أم أبوا، علموا ذلك أم لم يعلموا، ولا أدلّ على ذلك من تمسّكهم بتلك التنظيمات المنحرفة، تعصّبا لأسمائها المشهورة، واعتقادا من كثير منهم أن بقاء الإسلام مرتبط ببقاء أسماء فصائلهم وتنظيماتهم، وحرصا دائما على مبارزة الخصوم بتاريخها الذي كتبوه بأيديهم ليزيدوا من خلاله من بريق تلك الأسماء.

ومن يراجع تاريخ تلك التنظيمات والأحزاب الذي يمتد أحيانا لدى بعضها إلى ما يقارب القرن من الزمان يجد أنها غيرت من عقيدتها ومنهجها عدة مرات، وأنه تعاقب عليها أجيال من القيادات والأتباع، فمنهم من هلك، ومنهم من ترك، ومنهم من انشق وشكل تنظيما جديدا، ورغم ذلك بقي الثابت الوحيد لديهم هو الاسم، حتى غدا هذا الاسم وكأنه الصنم الذي يبقى معبودا لأجيال عديدة، وكلما استجد عليه جيل من الناس كسوه حلة جديدة، وصوروه بصورة جديدة، فلا يبقى له من حاله القديمة غير الاسم الذي لا يتغير بتغير حاله، ولا بتغير عبيده.

ومن يشاهد حال الكثير من هذه الفصائل والتجمعات، يرى أنها كلما نشبت بين قادتها النزاعات، وتعرضت للتفرق والانشقاقات، فإن المتنازعين لا يتصارعون على الأتباع والمقرات والممتلكات بقدر صراعهم على حيازة اسم التنظيم، وذلك لاعتقادهم أن حيازة الاسم سيعطيهم الشرعية، ويجذب إليهم الأتباع والأنصار، ونادرا ما يتخذ المنشقون اسما جديدا لتجمعهم، لأن ذلك يعني أنهم سيمضون سنين في بناء الاسم الجديد وتعظيمه في عيون الخلق، لذلك يتصارعون حول الاسم الأصلي، فمن يحوزه يتمسك به، ومن يخسر الصراع يشتق لنفسه اسما قريبا من الاسم الأصلي يكون غالبا بإضافة كلمات جديدة عليه، توحي أن الحزب الجديد يمتلك كامل رصيد الاسم الأصلي ويزيد عليه بما استجد من شعارات تعكسها الزيادة على الاسم.

بل ونجد أنه ما إن ينتشر اسم لفصيل أو تنظيم ويصبح مشهورا، حتى يسارع بعض المفتونين بالأسماء إلى تبنّي هذا الاسم وإسباغه على تنظيماتهم وأحزابهم الجديدة، رغم عدم وجود ارتباط تنظيمي حقيقي بين التنظيم الأصلي، والتنظيمات الجديدة التي ليس لها من علاقة به غير تشابه الأسماء، وما ذلك إلا لقناعة لدى المتأخرين بأن تبني الاسم المشهور للجماعة سيسرع من عملية استقطاب الأنصار إليها.

بل ونجد بعضهم يصيبهم الكبر والغرور لمجرد استيلائهم على اسم مشهور، فيخيل لهم شياطينهم أنهم بحيازتهم لهذا الاسم وقدرتهم على منح الموافقة لتوزيع هذا الاسم على من يرتضون من التنظيمات والفصائل، أنهم صاروا بذلك أوصياء على دين الله، فلا يتعبّد اللهَ أحدٌ من الناس بهذه العبادة أو تلك إلا بإذنهم، وأنهم بامتلاكهم للاسم المشهور يحق لهم وحدهم قيادة الأمة، ويجنّ جنونهم إذا ظهر اسم جديد وانتشر واشتهر بين الناس، فلا يرون ذلك إلا مؤامرة على الدين، وحربا على الإسلام والمسلمين.

ولو دققنا في أكثر الأسماء المشهورة اليوم في عالم الأحزاب والتنظيمات، نجدها لا علاقة لها بواقع التنظيم ولا عقيدته ولا منهجه، إن لم يكن الاسم مناقضا كل التناقض لذلك، فإذا انطفأ بريق الاسم الذي يعمي الأبصار عن رؤية ما تحته من واقع، أصيب المفتونون بالصدمة، كصدمة المشرك الوثني عندما يزيل عن وثنه المعبود ذلك الاسم البراق الذي أسبغه عليه، أو تبع آباءه وأجداده في إبقائه ملتصقا به، فلا يجد في حقيقة الوثن غير قطعة من حجر لا تختلف في طبيعتها عن حجارة الأرض.

لذلك ينبغي أن ينظر المسلم إلى حقائق الأمور لا إلى أسمائها، وقد حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- من فتنة الأسماء واتباع المفتونين فيها بقوله: (ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها) [حديث صحيح رواه أبو داود وابن ماجه]، وكما أن تسمية الخمر بغير اسمها لا يرفع عنها حكم التحريم، ما دامت فيها حقيقة الإسكار، فكذلك الأمور كلها، أسماؤها مرتبطة بأوصافها، فما حمل الوصف، حمل الاسم، وحمل الحكم، وليعلم المسلم أنما تعبّده الله بالإسلام، ولم يفرض عليه تعظيم اسم لم يعظمه بنفسه أو يعظمه نبيه، وأن الله -عز وجل- لن يسأله يوم القيامة عن أسماء التنظيمات والأحزاب، ولكنه سائله عن عمله، فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 42
الثلاثاء 5 ذو القعدة 1437 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more
Loading prayer times ...
00:00:00 Time to
17 Sha'aban 1446
Fajr 00:00 Dhuhr 00:00 Asr 00:00 Maghrib 00:00 Isha 00:00