إلى ملحمة دابق الكبرى (٢/٣) وعن يسير بن جابر أن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: «إن الساعة لا ...

إلى ملحمة دابق الكبرى

(٢/٣)
وعن يسير بن جابر أن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: «إن الساعة لا تقوم حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة؛ ثم قال بيده هكذا ونحاها نحو الشام، فقال: عدو يجمعون لأهل الإسلام، ويجمع لهم أهل الإسلام؛ قلت: الروم تعني؟ قال: نعم، وتكون عند ذاكم القتال ردة شديدة، فيشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل، فيفيء هؤلاء وهؤلاء، كلٌ غيرُ غالب، وتفنى الشرطة، ثم يشترط المسلمون شرطة للموت، لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل، فيفيء هؤلاء وهؤلاء، كلٌ غيرُ غالب، وتفنى الشرطة، ثم يشترط المسلمون شرطة للموت، لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يمسوا، فيفيء هؤلاء وهؤلاء، كلٌ غيرُ غالب، وتفنى الشرطة، فإذا كان يوم الرابع، نهد إليهم بقية أهل الإسلام، فيجعل الله الدبرة عليهم، فيَقتلون مقتلة -إما قال لا يُرى مثلها، وإما قال لم يُرَ مثلها- حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم، فما يخلفهم حتى يخر ميتا، فيتعاد بنو الأب، كانوا مائة، فلا يجدونه بقي منهم إلا الرجل الواحد، فبأي غنيمة يفرح؟ أو أي ميراث يقاسم؟ فبينما هم كذلك إذ سمعوا ببأس هو أكبر من ذلك، فجاءهم الصريخ: إن الدجال قد خلفهم في ذراريهم! فيرفضون ما في أيديهم، ويقبلون، فيبعثون عشرة فوارس طليعة، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إني لأعرف أسماءهم، وأسماء آبائهم، وألوان خيولهم، هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ) أو (من خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ)» [رواه مسلم].

وعن عوف بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (اعدد ستا بين يدي الساعة: موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم مُوْتان يأخذ فيكم كقُعاص الغنم، ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطا، ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر، فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفا) [رواه البخاري].

وروى أبو داود عن ذي مخمر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ستصالحون الروم صلحا آمنا، فتغزون أنتم وهم عدواً من ورائكم، فتنصرون وتغنمون وتسلمون، ثم ترجعون حتى تنزلوا بمرجٍ ذي تلول، فيرفع رجل من أهل النصرانية الصليب فيقول: غلب الصليب، فيغضب رجل من المسلمين فيدقه، فعند ذلك تغدر الروم وتجمع للملحمة) [رواه أحمد وابن ماجه وأبو داود وابن حبان والحاكم وصححه الذهبي].
ولفظه عند ابن حبّان: (تصالحون الروم صلحا آمنا، حتى تغزوا أنتم وهم عدوا من ورائهم، فتنصرون وتغنمون وتنصرفون، حتى تنزلوا بمرجٍ ذي تلول، فيقول قائل من الروم: غلب الصليب! ويقول قائل من المسلمين: بل الله غلب! فيثور المسلم إلى صليبهم وهو منه غير بعيد، فيدقه، وتثور الروم إلى كاسر صليبهم، فيضربون عنقه، ويثور المسلمون إلى أسلحتهم فيقتتلون، فيكرم الله تلك العصابة من المسلمين بالشهادة، فتقول الروم لصاحب الروم: كفيناك العرب! فيجتمعون للملحمة، فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفا).

فمما يقع قبل ملحمة دابق الكبرى من الأحداث: صلح بين الموحّدين المجاهدين وبين نصارى الروم لتتفرغ كل أمة منهما لقتال عدو آخر، وبعد نصر المجاهدين على العدو خلفهم، تنزل الطائفتان بدابق وما حولها من مروج ذي تلول، ثم يرفع رومي صليبه ويدعو بدعوى النصرانية، فيدق صليبه موحّد غار للواحد الأحد، فتغدر الروم وتجمع لملحمة، ويأتون بالآلاف.

‏ ومنها: أن طائفة من المجاهدين تسبي طائفة من الروم، ثم لا يخذل المجاهدون إخوانهم السابين أو -كما في رواية- من دخل في دين الإسلام من سبي الروم.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 50
الخميس 12 محرم 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

إلى ملحمة دابق الكبرى (١/٣) لما ابتُلي المؤمنون بمرضى القلوب والمرجفين في المدينة، وزاغت ...

إلى ملحمة دابق الكبرى

(١/٣)
لما ابتُلي المؤمنون بمرضى القلوب والمرجفين في المدينة، وزاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر يوم الأحزاب، وظُنّت بالله الظنون المختلفة، كما أخرج الطبري وابن أبي حاتم عن الحسن البصري -رحمه الله- في تأويل قوله سبحانه: {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} [الأحزاب: 10]، قال: «ظنون مختلفة: ظن المنافقون أن محمدا وأصحابه يُستأصلون، وأيقن المؤمنون أن ما وعدهم الله حق أنه سيظهره على الدين كله ولو كره المشركون»، ثم قال {الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} [الأحزاب: 12]، كما أخرج الطبري وابن أبي حاتم عن قتادة -رحمه الله- في تأويلها، قال: «قال ذلك أُناس من المنافقين: قد كان محمد يعدنا فتح فارس والروم وقد حُصرنا هاهنا، حتى ما يستطيع أحدنا أن يبرز لحاجته، ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا»...
حينها -في شدّة البأس والضر- علم المؤمنون أن نصر الله قريب، كما أخرج الطبري عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في تأويل قوله تعالى: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22]، قال: «ذلك أن الله قال لهم في سورة البقرة: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214]، فلمّا مسّهم البلاء حيث رابطوا الأحزاب في الخندق، تأوّل المؤمنون ذلك، ولم يزدهم ذلك إلا إيمانا وتسليما».

فالمؤمنون يتذكرون آيات الله -جل وعلا- وأحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- في خنادقهم، ويتأوّلون ما فيها من الأخبار والعلامات على بلاياهم، لا تُبعدهم الزلازل والشدائد عن تدبّر آيات الله والحكمة، بل تزيدهم في جهادهم واجتهادهم صبرا على البلاء، وتسليما للقضاء، وتصديقا بتحقيق ما وعدهم الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- بينما يرتاب المنافقون ومرضى القلوب فيستهزئون بوعد الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- ويطعنون فيه، ويغتر الكفرة والطواغيت بجبروتهم وكبريائهم، ظانين {بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ}، أن العزيز الحكيم -سبحانه وتعالى- سيخذل دينه وأولياءه، بل ويظهر أعداءه وكلمتهم، حتى يكون الدين كله لغيره أبدا، تعالى الله عن ظن الجاهلين علوا كبيرا، وإنما يستدرجهم الله من حيث لا يعلمون، فيجتهدون في تحقيق مكر الله بهم، والعاقبة الآجلة {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر: 2].
ومن ذلك أن عُبّاد الصليب وأولياءهم (الأتراك والصحوات) حشدوا في ريف حلب الشمالي معلنين دابق هدفهم الأكبر، زاعمين أن تدنيسها بأقدامهم النجسة وراياتهم الرجسة سيكون انتصارا معنويا عظيما على الدولة الإسلامية، ظانين أن جنودها لا يميّزون بين «معركة دابق الصغرى» وملحمة دابق الكبرى، وعليه، إذا انحازت عن دابق - ثبت الله جنود الخلافة فيها- لم تكن حاملة راية العقاب المنتصرة في الملاحم، ليتركها جندها بعد الانحياز زمرا زمرا.

ولم يعلم عُبّاد الصليب وأولياؤهم المرتدون -وأنّى لهم ذلك- أن ملحمة دابق الكبرى تسبقها أحداث عظام من علامات الساعة الصغرى يعلمها المؤمنون المرابطون في خنادقهم، وهي ما أخبر بها الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة.

فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق، فيخرج إليهم جيش من المدينة، من خيار أهل الأرض يومئذ، فإذا تصافوا، قالت الروم: خلوا بيننا وبين الذين سُبُوا منا [وفي رواية: سَبَوا منا] نقاتلهم؛ فيقول المسلمون: لا، والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا؛ فيقاتلونهم، فينهزم ثلث، لا يتوب الله عليهم أبدا، ويُقتل ثلثهم، أفضل الشهداء عند الله، ويفتتح الثلث، لا يفتنون أبدا، فيفتتحون قسطنطينية، فبينما هم يقتسمون الغنائم، قد علقوا سيوفهم بالزيتون، إذ صاح فيهم الشيطان: إن المسيح قد خلفكم في أهليكم! فيخرجون، وذلك باطل، فإذا جاءوا الشام خرج، فبينما هم يعدون للقتال، يسوون الصفوف، إذ أقيمت الصلاة، فينزل عيسى ابن مريم -صلى الله عليه وسلم- فأمّهم، فإذا رآه عدو الله، ذاب كما يذوب الملح في الماء، فلو تركه لانذاب حتى يهلك، ولكن يقتله الله بيده، فيريهم دمه في حربته) [رواه مسلم].


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 50
الخميس 12 محرم 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more