صحيفة النبأ - العدد 41 والي غرب إفريقية الشيخ أبو مصعب البرناوي سنخرج من محنتنا أصلب عوداً ...

صحيفة النبأ - العدد 41

والي غرب إفريقية الشيخ أبو مصعب البرناوي
سنخرج من محنتنا أصلب عوداً وأقوى ساعداً بإذن الله
[1/4]

في حواره الأول مع صحيفة (النبأ) بعد تكليفه واليا على غرب إفريقية يتحدث الشيخ أبو مصعب البرناوي -حفظه الله- عن تاريخ الجهاد في هذه المنطقة، وعن واقع جنود الدولة الإسلامية في الولاية في ظل الحملة الإفريقية الصليبية عليهم.

كما يرد الشيخ على بعض الشبه المثارة حول ولاية غرب إفريقية، ويكشف حقيقة الوضع العسكري في ظل الصراع بين جنود الرحمن وأولياء الشيطان في غابات غرب إفريقية.

دعوة التوحيد في غرب إفريقية قديمة، حدثنا عن تاريخ الموحدين وجهادهم للمشركين فيها، وعن جهود الموحدين في جهاد الصليبيين في تلك المنطقة.


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين، أما بعد...
بدايةً أشكر الإخوة في إعلام الدولة والمناصرين على جهودهم ودفاعهم عن أعراض المجاهدين، وعلى وقوفهم في وجه الإعلام الكافر، وأحثهم على بذل المزيد، وألا يركنوا للدعة والراحة، فإن مهمتهم لا تقل أهميتها في هذه الحرب عن الجانب العسكري، وأشكر صحيفة النبأ كذلك على إتاحتها لي فرصة الدفاع عن دولتنا العزيزة، ودحض الشبه المفتراة على ولاية غرب إفريقية خصوصا.

وإجابة على سؤالكم فإن تاريخ الموحدين في غرب إفريقية يرجع إلى القرن الأول الهجري وقيل بعد ذلك، إذ دخل الإسلام هذه المنطقة واعتنقه كثير من أبناء البلاد، ولكن بعدها ضل كثير من الناس واتبعوا البدع والشركيات والخرافات، وعاشت البلاد عصورا من التيه والضلال، ثم جاء الاحتلال الكافر ليفسد في الأرض ويهلك الحرث والنسل، وأَجبر الناس على الكفر تارة وأغراهم ومنّاهم تارة، وبعد قرن جاءت سنة الله الكونية فجدد الله للناس دينهم، فقام الشيخ أبو يوسف البرناوي -رحمه الله- بدعوة الناس إلى التوحيد، وذلك بعد غزوة منهاتن المباركة بعام واحد، فدعا الناس إلى الالتزام بالسنة ونبذ الشرك والبدع التي ما أنزل الله بها من سلطان، فأغاظ ذلك الصليبيين وأذنابهم المرتدين وقاموا بقمع دعوة التوحيد بكل عنجهية، فكان سببا لعودة الجهاد في هذه المنطقة، وبذل المجاهدون جهودا في مقارعة الصليبيين ووقفوا في وجههم، وأفشلوا مخططاتهم في تنصير المسلمين ولله الحمد.


• حدِّثنا عن تاريخ جماعة (أهل السنة للدعوة والجهاد)، نشأتها، وأهم التطورات التي مرّت بها حتى إعلان جنودها البيعة لأمير المؤمنين حفظه الله؟

كانت بداية جماعة (أهل السنة للدعوة والجهاد) في عام 1423هـ ، حين أسس الشيخ أبو يوسف البرناوي نواة جماعة جهادية، ودعا الناس إليها، ولكنه لم يبدأ عمله بالجهاد مباشرة رغم أنه أعلن أن الهدف الأكبر للجماعة هو الجهاد، وقد حظيت الدعوة بقبول كبير بين المسلمين، ولم يسمِّ الجماعة بأي اسم آنذاك، حتى اعتدت الحكومة المرتدة على مركز الدعوة في (ميدوغوري) المسمى مركز ابن تيمية، وكان أمير الجماعة أبو يوسف -رحمه الله- أبرز من استشهد في ذلك الاعتداء، فاجتمع أهل الرأي في الجماعة وبايعوا الشيخ أبا بكر الشكوي ليكون بذلك أميرا على الجماعة، وأطلقوا عليها حينها اسم جماعة (أهل السنة للدعوة والجهاد)، وبدؤوا العمل القتالي على أرض الواقع، وقد مرت الجماعة بمراحل وتطورات عديدة في مسيرتها الجهادية، ومن التطورات التي مرت بها: سعيها الحثيث في استنقاذ أسراها الذين أُسروا في الاعتداء الأول على الجماعة، وكذلك إرسال جنودها إلى الصحراء الكبرى ليتدربوا هناك، وكذلك انتقالها من مرحلة حرب العصابات إلى مرحلة التمكين وبسط السيطرة، وأبرز تلك التطورات تطور تاريخي أذهل العالم بأسره، وذلك بإعلان بيعتنا لخليفة المسلمين القرشي حفظه الله.

• ما هي الأسباب التي دفعتكم إلى إعلان البيعة لخليفة المسلمين رغم تباعد المسافات؟

إن من أكبر الأسباب التي دفعتنا لإعلان تلك البيعة أولا: طاعة الله ورسوله في أمرهما بلزوم الجماعة ونبذ التفرق؛ قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}، وقال عليه الصلاة والسلام مجيبا سؤال حذيفة -رضي الله عنه- وموصيا له، حين سأله حذيفة كيف يفعل إن أدركته فتنة الدعاة على أبواب جهنم، فقال صلى الله عليه وسلم: (تلزم جماعة المسلمين وإمامهم) فقال حذيفة: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام، فقال صلى الله عليه وسلم: (فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك)، كما أخرج الشيخان.

ثانيا: أننا رأينا أن العقل السليم يوجب على الأمة أن تتحد وتقاتل عدوها تحت راية واحدة واضحة، كما يجتمع أعداؤها عليها، وإن الأمة الإسلامية لم تعرف الخنوع إلا بعد سقوط الخلافة قبل قرون، ولن يعود مجدها وعزها إلا بعودتها، فلماذا نتأخر عن بيعتها؟ ومن يبايعها ويؤيدها إن لم نقم بها نحن أبناء الأمة وحاملو جراحها؟


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 41
الثلاثاء 28 شوال 1437 ه‍ـ

لقراءة الحوار كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

صحيفة النبأ - العدد 41 قل إنّي على بيّنةٍ من ربّي إن من أكبر نعم الله على الدولة الإسلامية ...

صحيفة النبأ - العدد 41
قل إنّي على بيّنةٍ من ربّي


إن من أكبر نعم الله على الدولة الإسلامية وجنودها، التي تفوق ما فتحه عليهم من البلاد وقلوب العباد، هو ما هداهم إليه من اتباع طريق الحق وسبيل الرشاد.

ومن أكبر الأدلة على ذلك ما أنعم الله به عليهم من إقامة لدين الله كاملا غير منقوص، وهو ما يقر لهم به الناس كلّهم، شاؤوا أم أبوا، ومهما افتروا على الدولة الإسلامية وحاولوا تشويه سمعتها، فلا يجرؤ أحدهم على الزعم أنها لا تقيم الدين، بل الأمر على العكس من ذلك تماما، إذ إن أكثر شكواهم منها أنها تقيم أحكام الإسلام كلها بفضل الله، من قتال الكفرة والمرتدين ليخضعوا لأحكام الإسلام حتى أمر الرجال بإعفاء اللحية والنساء بالحجاب.

وقد كان من فضل الله على الدولة الإسلامية أن كثيراً من أعدائها الذين حاولوا أن ينقضوا أساسها بنصوص الكتاب والسنة، أو كلام أهل العلم في القرون الأولى المفضلة، وجدوا أن أفعالها مطابقة لما في الوحيين، ولما أجمع عليه السلف الصالح، فلم يجدوا بدّا من التصريح أن مشكلتهم ليست مع الدولة الإسلامية، ولكن مع النصوص المطّهرة، وكلام أهل العلم في القرون الأولى، وأنه لضرب شرعيّة الدولة الإسلامية لا بدّ لهم من استهداف تلك النصوص بالحذف والتغيير.

وحتى ما يشنّعون به على الدولة الإسلامية وخصوصا في قضية قتل المرتدين، فإنهم لا يستطيعون الإنكار أن من تقاتلهم الدولة الإسلامية من شتى الأصناف قد وقعوا في الأفعال المكفّرة التي يُحكم بكفر من فعلها، مِن حكم بغير ما أنزل الله، إلى موالاة للكافرين والمرتدّين، إلى سعي لإزالة حكم الله من الأرض واستبداله بأحكام الكفر، وغيرها من نواقض الإسلام، وأقصى ما يستطيع علماء السلاطين ومشايخ الصحوات أن يشغّبوا به على الدولة الإسلامية، أو يضلّوا أتباعهم وأنصارهم به في هذا المجال، أن يفتروا على الله الكذب، بأن يسمّوا الأفعال التي أوقعت المرتدّين بغير اسمها، وذلك لكي ينقلوا تلك الأفعال من دائرة الكفر أو الشرك الأكبر إلى دائرة المعاصي والسيئات التي هي دون الكفر، أو يجعلوها بتلك الأسماء من المباحات أو المندوبات أو حتى الواجبات التي يأثم تاركها، أو يشترطوا لوقوع الكفر على من وقع في الأفعال التي يقرّون بكفر فاعلها شروطا ما أنزل الله بها من سلطان، وإلا فهم مقرّون بأن تلك الأفعال من الشرك الذي يخرج فاعله من الملّة، ولكنّهم يخادعون أنفسهم وأتباعهم بعدم الحكم على أنفسهم أو حلفائهم بالشرك، ونبزهم الدولة الإسلامية وجنودها الذين كفّروا من وقع في تلك الأفعال، وقاتلوهم على ذلك الأساس، بلقب الخوارج الذين يكفّرون بكبائر الذنوب، أو يكفّرون بغير مكفّر.

وما يزعمونه لأنفسهم من فضل، فهم مقرّون أن الدولة الإسلامية -بفضل الله- قامت به وزيادة، فمن كان يفاخر بقتاله لأعداء الدين، فما من أحد ينكر أنه لم يحقق أحد في هذا العصر نكاية في المشركين مثل ما فعل جنود الدولة الإسلامية، ومن كان يفاخر بدعوته الناس إلى ما يظنه من الدين، فما من مكان في الأرض يدعى فيه إلى الدين الصحيح ويُأمر فيه الناس بالمعروف ويُنهون عن المنكر مثل ما هو قائم في أراضي الدولة الإسلامية، ومن كان يزعم منذ عقود أنه يسعى لإقامة الدين وتطبيق أحكام الشريعة فإن الدولة الإسلامية قد أقامت الدين كاملا غير منقوص في سنوات قليلة، ومن كان يخدع الناس منذ سنين بمطالبته بإعادة الخلافة، فإن الدولة الإسلامية قد أعادتها -والحمد لله- خلافة على منهاج النبوة، وهكذا في الأمور كلها، ما جاؤوا بشي من الحق إلا كان موجودا في الدولة الإسلامية، وما تلبسوا بشيء من الباطل إلا وكانت الدولة الإسلامية مبرأة منه بفضل من الله وحده.

إن نعمة العمل على شريعة من الأمر وبينة من الدين لا تعادلها نعمة، ويكفي للدلالة على ذلك أن نرى حال أهل الأهواء وهم يتقلّبون بين سبل الضلال، ويموت الكثير منهم على ذلك، بينما يمضي جنود الدولة الإسلامية ثابتين على المنهج الذي ارتضاه الله لهم، لا يغيّرون ولا يبدّلون رغم تكالب أمم الكفر كلها عليهم، وقد بين الله تعالى الفرق بين الفريقين فقال: {أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُم} [محمد: 14]، وقال سبحانه: {أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [الملك: 22]، وقال جل شأنه: {أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَن بَاءَ بِسَخَطٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [آل عمران: 162]، وقال تبارك اسمه: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [التوبة: 109]، والحمد لله رب العالمين.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 41
الثلاثاء 28 شوال 1437 ه‍ـ
...more

قليل دائم، خير من كثير إليك أخي المناصر: أخي المناصر، داوم على الأعمال، وإن كانت قليلة، فهو ...

قليل دائم، خير من كثير

إليك أخي المناصر:

أخي المناصر، داوم على الأعمال، وإن كانت قليلة، فهو محبوب عند الله، فالقليل المستمر أفضل من الكثير المنقطع.

عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل: أي الأعمال أحب إلى الله فأجاب: (أدومها وإن قل). صحيح البخاري (٦٤٦٥) ...more

قادمون يا يهود! يا يهود العالم! لسنا حماس ولا حزب الله ولا إيران ولا طواغيت العرب لنلعب ...

قادمون يا يهود!


يا يهود العالم!
لسنا حماس ولا حزب الله ولا إيران ولا طواغيت العرب لنلعب معكم!
نحن الأسود المتعطشة لدمائكم!
نحن من سينسيكم وجودكم على أرضنا فلسطين!
نحن من سيجعلكم تدفعون الجزية وأنتم صاغرون!
نحن الدولة الإسلامية!
...more

عصبة أبي بصير أسوة جنود الخلافة في بلاد المشركين [2/2] وإن أفعال مجاهدي الدولة الإسلامية ...

عصبة أبي بصير
أسوة جنود الخلافة في بلاد المشركين
[2/2]

وإن أفعال مجاهدي الدولة الإسلامية اليوم التي تشابه كثيرا أفعال الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم- لا تقتصر على من هم في صفوف جيش الخلافة في ولايات الدولة الإسلامية المختلفة، وإنما امتدت أيضا لتشمل المقيمين منهم في دار الكفر ممن أعجزهم الوصول إلى دار الإسلام، الذين أطاعوا أمر إمامهم بقتال المشركين ما استطاعوا، وبما استطاعوا، وأن يحققوا أي نكاية في صفوف المشركين مهما صغرت، لأن فيها تخفيفا عن المسلمين الذين تحالف ضدهم الصليبيون وأجلبوا عليهم بجيوشهم وطائراتهم، فقام نفر من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ليقوموا بغزواتهم الفردية ضد الصليبيين، في مواقع متعددة، وبطرق جديدة مبتكرة، فهذا يهاجمهم بسلاح رشاش أردى به أكثر من 100 من أتباع قوم لوط في أمريكا قتلى وجرحى، وآخر لم يجد إلا سكين مطبخ ذبح بها ضابطا في الشرطة الفرنسية، وثالث استخدم سيارة شحن ليسحق بها جمعا من الصليبيين المحتفلين بـ «عيد فرنسا الوطني»، وآخرون في جزيرة العرب أعلنوا براءتهم من الطاغوت بقتل أقرب الناس إليهم من جنود الردّة في واحدة من أسمى صور الولاء والبراء، وغيرهم كثير، والحمد لله.

لقد سعت أمريكا الصليبية وحلفاؤها بكل ما يمتلكون لوقف هجرة المسلمين إلى أرض الخلافة، خوفا من أن تزداد الدولة الإسلامية بهم قوة، ويزدادوا هم إيمانا على إيمانهم، فيكونوا مصدر خطر عليهم، ولذلك بُذلت الجهود الكبيرة، وأُنفقت الأموال الكثيرة لمراقبة الحدود، وضُبطت المطارات، وأُطلقت الحملات العسكرية التي هدفها عزل أراضي الدولة الإسلامية عمّا حولها، وجُنّد المرتدون والصحوات لتشكيل المناطق العازلة في محيطها، وكل ذلك لم يغن عنهم من الله شيئا، وجاءهم الخطر من حيث لم يحتسبوا، إذ خرج عليهم من وسط ديارهم من يسومهم سوء العذاب، ويجعل كل ما أنفقوه من مال وجهد في إجراءاتهم الأمنية خارج الحدود حسرة عليهم.

وبذلك كان منع المشركين للمسلمين من الهجرة إلى دار الإسلام في أرض الخلافة وبالاً عليهم، إذ تحوّل كلٌّ مِن هؤلاء إلى قنبلة موقوتة بين ظهورهم، لا يعلمون متى ستنفجر، بل ولا يعرفون مكانها إذ غابت بين حشود من ملايين البشر، وصار كلّ همهم الآن أن يمنعوا وصول أوامر الخلافة إلى هذه الخلايا اليقظة بالتحرك، خاصة بعدما جربوا تأثير الخطاب الأخير للشيخ أبي محمد العدناني، تقبله الله، ورأوا بأعينهم مقدار استجابة المأمورين له، فانفجرت على الفور بضعة قنابل موقوتة من جنود الإيمان وحققت فيهم أيما نكاية، وهم يعلمون أن هناك أضعافا مضاعفة من الموحدين لمّا يأذن الله بتحركهم بعد، فصار لزاما عليهم أن يراقبوا كل المسلمين في الغرب، بل كل من لا زال على ملتهم ممن يخشون دخوله في الإسلام فجأة، أن يكون أول فعل له بعد الشهادتين أن ينغمس في أعداء الله المشركين، فيكون ممن عمل قليلا وأجر كثيرا.

ولن يطول الزمن -بإذن الله- حتى يأتي المشركون صاغرين يطلبون من الخلافة أن تجدّد دعوتها للموحّدين للهجرة إلى دار الإسلام وترك دار الكفر، وذلك بعد أن يزيلوا بأيديهم كل ما وضعوه من عقبات في وجه هجرتهم، بل ويدفعوا هم من أموالهم تكاليف رحلتهم، ويكفّوا عن سعيهم الخائب -بإذن الله- لتدمير دار الإسلام، لعلمهم أن تهديد المجاهدين في دار الإسلام لهم رغم عظمته فإنه لا يقارن بحال بتهديده لهم داخل ديارهم.

إن على المسلمين في الغرب اليوم أن يسعوا إلى فكاك أنفسهم من قيد الكفار، كما فك قدوتهم أبو بصير نفسه من الأسر بيديه، وعليهم أن لا يركنوا إلى الدعة والسكون، فمنعهم من فريضة الهجرة لا يعذرهم من القيام بفريضة جهاد المشركين، فليقوموا بما قام به أبو بصير من تنغيص عيش المشركين وإقلاق راحتهم، حتى يتمنوا هم إخراجهم من بينهم، بل إن واجب القتال عليهم أكبر من أبي بصير، رضي الله عنه، إذ إن المسلمين اليوم في حرب مع الصليبيين، في الوقت الذي كان فيه أبو بصير وإخوانه يقاتلون قوما هم على عهد وصلح مع المسلمين.

لقد أثبت إخوان أبي بصير -تقبلهم الله- أن قتال المشركين والنكاية فيهم لا يحتاج إلى كثير سلاح، ولا عديد أفراد، ولا عظيم تخطيط، فقاتلوا بما في أيديهم من أدوات القتل ونالوا ما تمنُّوا على أيدي أعدائهم، نحسبهم كذلك ولا نزكي على الله أحدا.


* المصدر: صحيفة النبأ - العدد 40
الثلاثاء 21 شوال 1437 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

عصبة أبي بصير أسوة جنود الخلافة في بلاد المشركين [1/2] بهجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى ...

عصبة أبي بصير
أسوة جنود الخلافة في بلاد المشركين
[1/2]

بهجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى يثرب وإقامته الدولة الإسلامية فيها، صارت المدينة دار إسلام يجب على كل المسلمين الهجرة إليها، وعلى رأسهم المسلمون في مكة، الذين هاجروا في سبيل الله أفرادا وجماعات، ومع اشتعال الحرب بين المسلمين وكفار قريش وقع الجزء الأكبر من عبء هذه الحرب على هؤلاء المهاجرين الذين تبرؤوا من كفار قومهم، وناصبوهم الحرب، ومع كل مهاجر جديد من مكة كانت شوكة المسلمين تقوى، وشوكة المشركين تضعف، لذلك جعل أئمة الكفر في مكة هذا الأمر في رأس بنود اتفاق صلح الحديبية الذي عقده الرسول -صلى الله عليه وسلم- معهم، بأن يتعهد المسلمون بردّ من جاءهم من مسلمي مكة إليهم، وقدّر الله أن يكون أول من يقع عليه هذا الأمر، أبو جندل بن سهيل بن عمرو -رضي الله عنهما- فردّه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى المشركين، وأَعيُن المسلمين تفيض من الدمع، وقلوبهم تغلي من الغيظ والغضب، ولكنهم ما كان لهم إذا قضى الرسول أمرا إلا أن يسلّموا تسليما.

ورغم ذلك لم يتوقف المسلمون في مكة عن سعيهم للخروج من حكم المشركين، والانتقال إلى دار الإسلام، وإعلان العداوة لأعداء الله، فكانت قصة الصحابي الجليل أبي بصير -رضي الله عنه- التي روتها كتب السنن والسير، ففي رواية الإمام البخاري -رحمه الله- عن المسور بن مخرمة ومروان، رضي الله عنهما: «رجع النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة، فجاءه أبو بصير رجل من قريش وهو مسلم، فأرسلوا في طلبه رجلين، فقالوا: العهد الذي جعلت لنا، فدفعه إلى الرجلين، فخرجا به حتى بلغا ذا الحليفة، فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدا، فاستله الآخر، فقال: أجل، والله إنه لجيد، لقد جربت به، ثم جربت، فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه، فأمكنه منه، فضربه حتى برد، وفر الآخر حتى أتى المدينة، فدخل المسجد يعدو، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين رآه: (لقد رأى هذا ذعرا)، فلما انتهى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: قُتل -واللهِ- صاحبي وإني لمقتول، فجاء أبو بصير فقال: يا نبي الله، قد -والله- أوفى الله ذمتك، قد رددتني إليهم، ثم أنجاني الله منهم، قال النبي، صلى الله عليه وسلم: (ويل أمه مِسعَر حرب، لو كان له أحد)، فلما سمع ذلك عرف أنه سيردّه إليهم، فخرج حتى أتى سِيف البَحر، قال: وينفلت منهم أبو جندل بن سهيل، فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير، حتى اجتمعت منهم عصابة، فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشأم إلا اعترضوا لها، فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- تناشده بالله والرحم، لما أرسل، فمن أتاه فهو آمن».

فإغلاق طريق الوصول إلى جماعة المسلمين في المدينة، لم يمنع أبا بصير وأبا جندل وإخوانهم من السعي إلى استنقاذ أنفسهم من حكم الكفار واضطهادهم، بل ولم يمنعهم من أن ينصروا جماعة المسلمين، ويقاتلوا المشركين، بإعلان الحرب عليهم، وقطع الطريق على قوافلهم، وقتل رجالهم، واغتنام أموالهم، بالرغم من حالة العهد بين قريش وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- ما دفع المشركين إلى أن يتنازلوا عن شرطهم الذي انقلب عليهم ويلاً وثبوراً، فجاءوا يسألون النبي -صلى الله عليه وسلم- بما يجمعهم بهم من رحم وقرابة أن يرسل في طلب أبي بصير وعصبته فيهاجروا إلى المدينة ليشملهم بذلك عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقريش بترك الحرب والقتال بضع سنين، فيأمنوا بذلك على أموالهم وأنفسهم التي صارت مهدّدة من المجاهدين، وهذا ما كان.

وإن أفعال مجاهدي الدولة الإسلامية اليوم التي تشابه كثيرا أفعال الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم- لا تقتصر على من هم في صفوف جيش الخلافة في ولايات الدولة الإسلامية المختلفة، وإنما امتدت أيضا لتشمل المقيمين منهم في دار الكفر ممن أعجزهم الوصول إلى دار الإسلام، الذين أطاعوا أمر إمامهم بقتال المشركين ما استطاعوا، وبما استطاعوا، وأن يحققوا أي نكاية في صفوف المشركين مهما صغرت، لأن فيها تخفيفا عن المسلمين الذين تحالف ضدهم الصليبيون وأجلبوا عليهم بجيوشهم وطائراتهم، فقام نفر من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ليقوموا بغزواتهم الفردية ضد الصليبيين، في مواقع متعددة، وبطرق جديدة مبتكرة، فهذا يهاجمهم بسلاح رشاش أردى به أكثر من 100 من أتباع قوم لوط في أمريكا قتلى وجرحى، وآخر لم يجد إلا سكين مطبخ ذبح بها ضابطا في الشرطة الفرنسية، وثالث استخدم سيارة شحن ليسحق بها جمعا من الصليبيين المحتفلين بـ «عيد فرنسا الوطني»، وآخرون في جزيرة العرب أعلنوا براءتهم من الطاغوت بقتل أقرب الناس إليهم من جنود الردّة في واحدة من أسمى صور الولاء والبراء، وغيرهم كثير، والحمد لله.


* المصدر: صحيفة النبأ - العدد 40
الثلاثاء 21 شوال 1437 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

زَقُّومُ مَجَالِسِ النِّسَاءِ [3/3] أما النميمة وما أدراك ما النميمة، فتلك أمرها أشد وأعظم من ...

زَقُّومُ مَجَالِسِ النِّسَاءِ
[3/3]

أما النميمة وما أدراك ما النميمة، فتلك أمرها أشد وأعظم من الغيبة، وهي -كما عرّفها أهل العلم- نقل كلام الناس بعضهم إلى بعض على جهة الإفساد بينهم، وقد ذم الله -عز وجل- النمَّامين في محكم التنزيل فقال تعالى: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} [القلم: 10-11]، وقال النبي، صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة قَتَّات) [متفق عليه]، والقَتَّات النَمَّام الذي ينقل الكلام بين الناس بغية الإفساد وإحداث فتنة، وما أبغض هذا الخُلُق وأسوأه، وكيف يطيب عيشه وينام ليله من كان هذا طبعه؟ وعن يحيى بن أبي كثير -رحمه الله- قال: «النمّام يفسد في ساعة ما لا يفسد الساحر في شهر» [الآداب للبيهقي].

وبعض النسوة لهن أكثر من وجه، فتجد إحداهن تأتي هذه بوجه والأخرى بوجه، وقد روى الشيخان من حديث أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (وتجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه، ويأتي هؤلاء بوجه)، وما تكاد النمّامة تسمع من مسلمة كلمة في حق أخت لها، حتى تطير بها إليها زاعمة أن ذلك من المحبة والإخلاص، كذبت والله، فهذا من إفساد ذات البين، فما تنقل المُحِبَّة لأختها ما يكدّرها وينزغ بينها وبين مسلمة، وما تمشي من تخشى الله واليوم الآخر بوقيعة بين المسلمين، فلتحذر المسلمة من أن تكون من الفاسقات، إن هي سلكت سبيل المشّائين بنميم إذ يقول الله، عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ} [الحجرات: 6].

والنميمة من موجبات عذاب القبر، فعن ابن عباس قال: «مرّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على قبرين، فقال: (أما إنهما ليُعذَّبان وما يُعذَّبان في كبير، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله)» [متفق عليه].

ولتعلم من يبلغها من أختها شرّ في حقها أن من نقلت لها ستنقل عنها حتما، هكذا هي معادلة النمامين! وعليها أن تردّها وتنهرها وتقبّح صنيعها وتذكّرها بالله وشديد عقابه علَّها تنزجر وتتعظ.
وأخيرا: حذار حذار يا أَمَة الله من أن تأتي يا مسلمة يوم القيامة مفلسة من الحسنات التي كنت تجمعينها بصلاتك وزكاتك وقراءتك القرآن وتحريضك وهجرتك... إلخ، روى مسلم عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أتدرون من المفلس؟) قالوا: «المفلس فينا يا رسول الله، من لا درهم له، ولا متاع»، قال: (المفلس من أمتي يوم القيامة من يأتي بصلاة، وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم عرض هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وضرب هذا، فيقعد فيقتص هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته، قبل أن يقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم، فطرح عليه، ثم طرح في النار).

وحريّ بالمسلمة مريدة الآخرة أن تجعل من بيتها منارة من منارات الهدى، ومن مجالسها شعلة من مشاعل الإيمان، فلا تقومنّ من مجلس كمن تقوم من على جثة حمار، لحديث النبي، صلى الله عليه وسلم: (ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه، إلا قاموا عن مثل جيفة حمار وكان لهم حسرة) [رواه أبو داود].

كما عليها أن تختار لنفسها صحبة صالحة تعينها على أمر الآخرة، فيجتهدن لتعلم أمر دينهن والسؤال عما ينفعهن.


* المصدر: صحيفة النبأ - العدد 40
الثلاثاء 21 شوال 1437 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

زَقُّومُ مَجَالِسِ النِّسَاءِ [2/3] وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إن ...

زَقُّومُ مَجَالِسِ النِّسَاءِ
[2/3]

وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأسا، يهوي بها سبعين خريفا في النار)، ولفظ (الرجل) هنا لا يعني أن المعنيين بالخطاب الرجال فحسب، بل المرأة كذلك يشملها هذا الحديث وهذا الوعيد، وإن كانت كلمة تفعل بصاحبها هذا الفعل، فكيف بكلمات وكلمات، بل كيف بمجالس تدوم لساعات وساعات، لا حديث فيها إلا عن فلان أو فلانة.

والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه) [رواه مسلم]، نعم عرضه الذي لا ترقب فيه المغتابة إلّاً ولا ذمة، فنجد الواحدة من النساء رقيقات الدين تلوك في عرض أختها المسلمة دونما خوف أو رادع لها.

ويحك يا مسلمة، أما بلغك حديث نبيك -صلى الله عليه وسلم- إذ يقول: (لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم) [رواه أبو داود]، نعم هذا حال الواقعين في أعراض المسلمين في الآخرة والعياذ بالله، أم حسب المغتابون أنهم لا يُسألون؟!

وعن ابن عمر -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال) [رواه أبو داود].

أتدرين ما ردغة الخبال يا مسلمة؟ قال ابن الأثير: «جاء تفسيرها في الحديث أنها عصارة أهل النار، والردغة، بسكون الدال وفتحها: طين ووحل كثير».

روي أن الإمام ابن سيرين -رحمه الله تعالى- ذكر رجلا فقال: «ذاك الرجل الأسود»، فخاف وجزع ثم استدرك: «أستغفر الله، إني أراني قد اغتبته»!
فلتحذر المسلمة من هول يومٍ عظيم، فالله -تبارك وتعالى- قد يغفر لك ما كان في حقه عليك من تقصير أو تفريط، أما حقوق عبيده الذين تعديتِ عليهم فلن يغفرها حتى يعفوا هم عنك، ولتعلمي أن مجالسك الدنيوية ستكون يوم القيامة شاهدة عليك، وجهاز الهاتف الذي تقضي به بعضُ المسلمات الأوقات الطوال، تذكر أختا لها مسلمة بسوء أو شر، هو أيضا سيأتي يوم الحساب شاهدا عليك، ولا تظني يا مسلمة أن دعاء كفارة المجلس الذي تلهج به المغتابة بعد الانتهاء من أكل لحم أختها، أو قول: «غفر الله لنا ولها»، سينجيك بين يدي الحسيب، لأن كفارة المجلس والدعاء المجرد لا ينفعان صاحبهما إن لم تؤدَّ الحقوق إلى أصحابها ويتوب المرء توبة صادقة.


* المصدر: صحيفة النبأ - العدد 40
الثلاثاء 21 شوال 1437 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

زَقُّومُ مَجَالِسِ النِّسَاءِ [1/3] عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: «ما شيء أحق بطول ...

زَقُّومُ مَجَالِسِ النِّسَاءِ
[1/3]

عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: «ما شيء أحق بطول سجن من لسان» [رواه الطبراني في الكبير]، والمتأمل في حال مجالس المسلمين اليوم يرى فيها انفلاتا عجيبا للألسنة وتجرؤا غريبا على الأعراض بالقيل والقال، إلا من عصمه الله وهم قليل، ويكأنهم ما سمعوا قول ربهم، عز وجل: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 12]، ولو تدبّروه وتفكّروه، ووعوه وفقهوه، لوجلت من هوله القلوب.

وليس افتراء منا إن قلنا أن أكثر المجالس التي تشكو من وباء الغيبة هي مجالس النساء خاصة، ولا نقول كما قيل أنها أصبحت فاكهة المجالس، بل إنها زقوم المجالس، والله المستعان.

والغيبة بكسر الغين عرّفها النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (أتدرون ما الغيبة؟) قالوا: «الله ورسوله أعلم»، قال: (ذكرك أخاك بما يكره)، قيل: «أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟» قال: (إن كان فيه ما تقول، فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بَهَتَّه) [رواه مسلم]، و(بَهَتَّه) من البهتان والزور وقول الباطل، عن قتادة قال: «كنا نحدّث أن الغيبة أن تذكر أخاك بما يشينه، وتعيبه بما فيه، وإن كذبت عليه فذلك البهتان» [انظر: تفسير الطبري].

وعن قتادة أيضا في تفسير قوله تعالى: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} يقول: «كما أنت كاره لو وجدت جيفة مدودة أن تأكل منها، فكذلك فاكره غيبته وهو حي» [انظر: تفسير الطبري].

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قلت للنبي، صلى الله عليه وسلم: «يا رسول الله إن صفية امرأة» وقالت بيدها هكذا، كأنها تعني: قصيرة، فقال صلى الله عليه وسلم: (لقد مزجت بكلمة لو مزجت بها ماء البحر لمزج) [رواه أبو داود والترمذي].

قال المباركفوري: «المعنى: أن هذه الغيبة لو كانت مما يمزج بالبحر، لغيّرته عن حاله مع كثرته وغزارته، فكيف بأعمال نزرة خلطت بها؟» [تحفة الأحوذي].

سبحان الله! هذه عائشة زوج النبي وأم المؤمنين، الصِدّيقة التقية الورعة الحافظة العالمة تشير بيدها فقط لتصف أختها (أي ضرتها) للنبي -صلى الله عليه وسلم- في غيابها ولم تفعل ذلك إلا لغيرتها، ولكن النبي ينهاها ويحذّرها من كلمتها التي قالتها، ولم يقل هي غَيرى ولا بأس بذلك، فقد غارت عائشة وضربت يد خادم كان يحمل صحفة فيها طعام من إحدى زوجاته فسقطت وانفلقت، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لصحابته: (غارت أمكم) [رواه البخاري وغيره]، فاستوعب غيرتها والتمس لها العذر، ولم يجعل غيرتها عذرا لها فيما قالته في صفية، رضي الله عنها.

وعن معاذ بن جبل، قال: «كنت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في سفر، فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير، فقلت: يا نبي الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة، ويباعدني من النار، قال: (لقد سألتَ عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه، تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم شهر رمضان، وتحج البيت، ثم قال: ألا أدلك على أبواب الخير: الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة، وصلاة الرجل في جوف الليل، ثم قرأ: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ} [السجدة: 16]، ثم قال: ألا أخبرك برأس الأمر وعموده، وذروة سنامه؟) فقلت: بلى يا رسول الله، قال: (رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد)، ثم قال: (ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟)، قلت: بلى يا رسول الله. فأخذ بلسانه، فقال: (كفّ عليك هذا)، فقلت: يا رسول الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: (ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يَكُبُّ الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم يوم القيامة إلا حصائدُ ألسنتهم) [رواه الترمذي].

وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأسا، يهوي بها سبعين خريفا في النار)، ولفظ (الرجل) هنا لا يعني أن المعنيين بالخطاب الرجال فحسب، بل المرأة كذلك يشملها هذا الحديث وهذا الوعيد، وإن كانت كلمة تفعل بصاحبها هذا الفعل، فكيف بكلمات وكلمات، بل كيف بمجالس تدوم لساعات وساعات، لا حديث فيها إلا عن فلان أو فلانة.


* المصدر: صحيفة النبأ - العدد 40
الثلاثاء 21 شوال 1437 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more