وجوب الكلام في علماء السوء وفضحهم لقد نزلت هذه الشريعة الإسلامية لتحقق المقاصد الخمس، التي لا ...

وجوب الكلام في علماء السوء وفضحهم

لقد نزلت هذه الشريعة الإسلامية لتحقق المقاصد الخمس، التي لا تستقيم حياة الناس في دينهم ودنياهم إلا بها، وهي: حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ العرض، وحفظ المال.

ولا شك أن حفظ الدين هو أعظم المصالح والغايات، ولذلك حرم الله الشرك وحرم أسبابه، وحرم القول عليه بغير علم، وحرم البدع والمحدثات، ولذلك أيضا كان من الواجبات: تحذير الأمة من الشرك والبدع، وبيان حال أهلهما وكشف زيفهم وباطلهم، وهذا من النصيحة الواجبة حفظا لدين المسلمين، كما ثبت عن تميم الداري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (الدين النصيحة)، قلنا: لمن؟ قال: (لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) [رواه مسلم].
ولذلك كان الرد على أهل البدع والتحذير منهم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال الله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: ١٠٤].

قال أبو العباس بن تيمية، رحمه الله: «ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة، فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين... إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب؛ فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعا وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء» [مجموع الفتاوى].

وقد ثبت في السنة ما يدل على الكلام في رجل السوء وعيبه باسمه لا على سبيل العموم فحسب، ويقاس عليه صاحب البدعة، فيجوز اغتيابه لتحذير الناس منه، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «استأذن رجل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (ائذنوا له، بئس أخو العشيرة) أو (ابن العشيرة)، فلما دخل ألان له الكلام، قلت: يا رسول الله، قلت الذي قلت، ثم ألنت له الكلام؟ قال: (أي عائشة، إن شر الناس من تركه الناس، أو ودعه الناس، اتقاء فحشه) [متفق عليه].

وقد كان السلف يحذّرون من أخذ العلم عن المبتدعة كما روى مسلم في صحيحه عن الإمام محمد بن سيرين قال: «إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم».

وقال: «لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة، قالوا: سموا لنا رجالكم! فينُظر إلى أهل السنة فيُؤخذ حديثُهم، ويُنظر إلى أهل البدع فلا يُؤخذ حديثهم».

وهذا شبابة بن سوار الفزاري (المتوفى: 206 هـ) لما تلبّس ببدعة الإرجاء ترك الأخذ عنه الإمام أحمد بن حنبل وقال: (لم أكتب عنه للإرجاء) [تهذيب الكمال].

ومقتضى ذلك أن من أهل البدع من حملوا من العلم وحفظوا منه وبرعوا في كثير من الفنون ومع ذلك ما اغتر أئمة السنة بهم، بل جانبوهم، لأن علمهم لم يكن تزكية لهم بل حجة عليهم، فالعلم هو الخشية، والعلم هو العمل، كما قال إبراهيم النخعي: «كنا إذا أردنا أن نأخذ عن شيخ سألناه عن مطعمه ومشربه ومدخله ومخرجه، فإن كان على استواء أخذنا عنه وإلا لم نأته» [الكامل في ضعفاء الرجال].

بل لم يكن السلف يتورعون عن ذكر المخطئ في الرواية -لسوء حفظه أو ضبطه- بعينه وإن كان من أهل الصلاح والاستقامة، ليحذر الناس من خطئه، وليس هذا من الغيبة المحرمة بل هو نصح واجب حتى لا يلصق ذلك الخطأ بالشريعة في أذهان الناس فيظنونه من الدين فيتبعوهم، ولذلك ظهر في التاريخ الإسلامي عِلْمٌ جليل عظيم سمي بعِلْمِ «الجرح والتعديل»، كان من أعظم مفاخر الأمة، فبه حُفظت السنة، وبه مُيِّز الصحيح من الضعيف.
وعلم «الجرح والتعديل» هو أحد علوم الحديث، وموضوعه يبحث في أحوال الرواة -نقلة العلم- في عدالتهم وضبطهم وصدقهم وأمانتهم، فيذكرون الراوي بما فيه من جرح كضعف أو تدليس أو وهم أو كذب.

بل أفرد العلماء التصانيف في أولئك المجروحين كما صنف البخاري كتابا أسماه «الضعفاء»، وكذا صنف بنفس الاسم أبو جعفر العقيلي (المتوفى: 322 هـ)، وكذا صنف النسائي صاحب السنن (المتوفى: 303 هـ) كتابا أسماه «الضعفاء والمتروكون»، وكذا صنف بنفس الاسم الدارقطني (المتوفى: 385 هـ)، وابن الجوزي (المتوفى: 597 هـ)، وكذا صنف ابن عدي الجرجاني (المتوفى: 365 هـ) كتابا أسماه «الكامل في ضعفاء الرجال»، ولغيرهم من العلماء مصنّفات مشهورة ومهمّة في هذا الفن.

وقال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل، رحمهما الله: «جاء أبو تراب النخشبي إلى أبي، فجَعَل أبي يقول: فلان ضعيف، فلان ثقة. قال أبو تراب: يا شيخ، لا تغتب العلماء! فالتفت أبي إليه فقال له: ويحك هذه نصيحة، ليس هذا غيبة» [تاريخ بغداد].

وذكر ابن الجوزي عن محمد بن بندار الجرجاني قال: «قلت لأحمد بن حنبل إنه ليشتد عليّ أن أقول فلان ضعيف وفلان كذاب؛ فقال: إذا سكتَّ أنت وسكتُّ، أنا فمتى يعرف الجاهل الصحيح من السقيم؟» [الضعفاء والمتروكون].

ولئن كان هذا نهج الأئمة فيمن أخطأ أو وهم -في الرواية- من أهل الصلاح والاستقامة أن يذكر خطؤه ليحذر الناس من خطئه، فإن هديهم مع أهل البدع والأهواء أشد وأعظم، من التحذير والهجر كما سبق بيانه.

وأما أصحاب البدع المكفرة فقد انبرى لهم الأئمة بالردود والزجر والتحذير، والهجر والتشهير والتكفير، فذاك الضال «بشر المريسي» لمّا قال بخلق القرآن، وألحد في أسماء الله، وأنكر بعض القطعيات، زجره أئمة السنة، وحذروا منه، وصنفوا في الرد عليه باسمه، كما فعل الإمام أبو سعيد الدارمي في كتابه الموسوم: «نقض عثمان بن سعيد، على بشر المريسي الجهمي العنيد فيما افترى على الله في التوحيد»، بل كفّره أئمة السنة وألحقوه بسلفه الجهم بن صفوان، قال حماد بن زيد حين سئل عن بشر المريسي: «ذلك كافر» [الدارمي: النقض على المريسي]، وقال عبد اللطيف آل الشيخ، رحمه الله: «أهل العلم متفقون على تكفيره» [مجموعة الرسائل].

وهذا المريسي كان ممن طلب العلم عند ثلة من علماء زمانه وفقهاء عصره، وحظي بالسماع منهم ومشافهتهم، ولم يكن من عامة الدهماء، بل قال الذهبي في ترجمته: «المتكلم، المناظر، البارع [بشر المريسي]... كان بشر من كبار الفقهاء؛ أخذ عن القاضي أبي يوسف، وروى عن حماد بن سلمة، وسفيان بن عيينة؛ ونظر في الكلام، فغلب عليه، وانسلخ من الورع والتقوى، وجرد القول بخلق القرآن، ودعا إليه، حتى كان عين الجهمية في عصره وعالمهم» [السير].

بل نجد أن أئمة السنة لم يتوقفوا عند تكفير الجهمية ورأسهم المريسي والتحذير منهم، ولكن حرضوا أيضا على قتل كبارهم، فهذا الإمام يزيد بن هارون -رحمه الله- يقول: «الجهمية كفار، حرضت غير مرة أهل بغداد على قتل المريسي» [الدارمي: الرد على الجهمية].

وهذا أمير المؤمنين هارون الرشيد يقول: «بلغني أن بشرا المريسي يزعم أن القرآن مخلوق، لله علي إن أظفرني به إلا قتلته قتلة ما قتلتها أحدا قط» [عبد الله بن أحمد: السنة].

وعبر التاريخ جرت حوادث تكفير وقتل وصلب لكثير من الزنادقة، ورؤوس المبتدعة الغلاة، أمثال قتل الجعد بن درهم، والجهم بن صفوان، والحسين بن منصور الحلاج.

وعلى هذا سار الأئمة الأعلام في معاملتهم لأئمة الضلال والزندقة، فنجد أبا العباس بن تيمية -رحمه الله- يتكلم في الزنديق الحلولي ابن عربي بعينه، وألف كتابه «منهاج السنة» ردا على رأس الرافضة أبي منصور الحلي، وكذلك كتب رسائل في الرد على القبوري البكري المصري وغيره من دعاة الضلال.

وكذلك نجد هذا المنهج واضحا عند الإمام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- وتلامذته من العلماء الصادقين، إذ لم يتركوا مناسبة إلا وفضحوا فيها الزنادقة من الداعين إلى الشرك، والمجادلين عن المشركين، والمفترين على أهل التوحيد، من أمثال ابن عفالق، وابن فيروز، وأولاد مويس، وابن جرجيس وغيرهم، بل ألّفوا في بعضهم مؤلفات كاملة، فضلا عن الرسائل المخصوصة، والفتاوى الكثيرة.

فالكلام في المبتدعة والزنادقة وفضحهم بأسمائهم والحكم عليهم بما هم أهل له منهج أصيل عند أهل السنة والجماعة، ومن باب أولى اتباع منهجهم مع علماء الطواغيت وجهمية العصر الذين يسوقون الناس إلى الشرك والكفر -ومن ثم نار جهنم- بترويجهم للضلال، وكتمانهم للحق، وتلبيسهم على الناس، ونسأل الله أن يعيننا على فضحهم وبيان أمرهم للناس.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 49
الخميس 5 محرم 1438 ه‍ـ

• لقراءة الصحيفة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

وَإنَّ لِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقّاً (٢/٢) وهناك من الأزواج من يتحجج في تقصيره مع زوجه بانشغاله ...

وَإنَّ لِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقّاً

(٢/٢)
وهناك من الأزواج من يتحجج في تقصيره مع زوجه بانشغاله بالصلاة والعبادة، وهذا أيضا لم يفقه هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي كان أتقى البشر وأعبدهم، ومع ذلك لم يضيع حقا واحدا من حقوق أزواجه؛ فعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: «دخلت امرأة عثمان بن مظعون على نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- فرأينها سيئة الهيئة، فقلن: ما لك؟ ما في قريش رجل أغنى من بعلك! قالت: ما لنا منه شيء؟ أما نهاره فصائم، وأما ليله فقائم! فدخل النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكرن ذلك له، فلقيه النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (يا عثمان، أما لك فيَّ أسوة؟) قال: وما ذاك يا رسول الله؟ فداك أبي وأمي؛ قال: (أما أنت فتقوم الليل وتصوم النهار، وإن لأهلك عليك حقا، وإن لجسدك عليك حقا، صل ونم، وصم وأفطر) [رواه ابن حبان]، فهذا لمن شغلته عن أهله نوافل العبادات الكثيرة، فكيف بمن انشغل عنهم بتضييع الأوقات في اللهو والسمر؟!

بل لقد بوّب البخاري في صحيحه: «باب: كيف يكون الرجل في أهله»، جاء فيه: عن الأسود، قال: «سألت عائشة، ما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصنع في أهله؟ قالت: كان في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة قام إلى الصلاة»، قال ابن رجب، رحمه الله: «وقد فسرت عائشة هذه الخدمة في رواية عنها، فروى المقدام بن شريح، عن أبيه، عن عائشة، أنه سألها كيف كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصنع إذا كان في بيته؛ قالت: مثل أحدكم في مهنة أهله، يخصف نعله، ويرقع ثوبه، ويضع الشيء» [فتح الباري].

وإن كانت بعض النساء اليوم ممن يشح عليهن أزواجهن بالوقت ويغدقون عليهن باللامبالاة، لا يبغين من بعولتهن خدمة ولا مساعدة في أمور البيت وشؤونه، وإنما فقط شيئا من الوقت والعناية!

وعن بعض الأزواج -أصلحهم الله- فحدث ولا حرج، عمل في النهار وسهر في الليل وسمر مع الأصحاب والأحباب، وينسى الزوج أن زوجه تنتظر اليوم أو اليومين والثلاثة حتى تنال حقها من زوجها -خاصة إن كان له من الزوجات غيرها- ومع ذلك فإنه يتأخر عنها حتى لا يبقى لها منه إلا أن يلقي بجسده المتعب على فراشه في آخر الليل، ليغادر بيتها في الصباح، وتبدأ رحلة الانتظار من جديد.

هذا وإن كنا ننصح الأزواج بتقوى الله في نسائهم، وتمتيعهن بما لهن من حقوق، وأن يكونوا لهن كأبي زرع لأم زرع تأسيا بنبينا -صلى الله عليه وسلم- إلا أنه لا يفوتنا أيضا أن نذكِّر بعض النساء بشكر النعم، إذ وجدنا كثيرا من الزوجات يكثرن التذمر والشكوى من انشغال الزوج وغيابه عن البيت حتى وإن حضر متى تهيأ له ذلك وأرضاها واسترضاها، وعلى مثل هذه أن تعلم أن الرجل لم يخلق ليبقى حبيسا في البيت مع الزوجة والأبناء، فالله -عز وجل- قد خصه بالقوامة، وفرض عليه الجهاد، وهذه الدولة الإسلامية دولة فتية بحاجة إلى جهود الرجال وصبر النساء واحتسابهن الأجر عند الله تعالى، وإنما النساء شقائق الرجال، ولتحذر الزوجة المسلمة من مغبة تثبيط الزوج عن الجهاد والرباط في سبيل الله، فتفتنه تارة بالبنين وتارة بنفسها، لتبعده عن دينه وترده عن أمر ربه عز وجل.

باتت تذكرني بالله قاعدة
والدمع ينهل من شأنيهما سبلا
يا بنت عمي كتاب الله أخرجني
كرها وهل أمنعن الله ما فعلا
فإن رجعت فرب الناس يرجعني
وإن لحقت بربي فابتغي بدلا
ما كنت أعرج أو أعمى فيعذرني
أو ضارعا من ضنا لم يستطع حولا

ورحم الله نساء السلف، فقد كانت الواحدة منهن يخرج بعلها غازيا ولعله يغيب عنها شهورا طوالا، وربما سنينا، ولا يفت ذلك في عضد صبرها وهمتها في تربية الأبناء، بل تلقاه بنفس راضية وقلب شاكر.

فيا عبد الله اعلم أن لأهلك عليك حقا، ويا أمة الله اعلمي إن لله على زوجك حقا، ولنفسه عليه حق، ولأهله وضيوفه وأصحابه عليه حق، والمؤمن يعطي كل ذي حق حقه، ويعين أخاه على أداء ما عليه من حقوق، والحمد لله رب العالمين.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 49
الخميس 5 محرم 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

وَإنَّ لِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقّاً (١/٢) لقد خلق الله تعالى الذكور والإناث، وحرّم عليهم السفاح، ...

وَإنَّ لِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقّاً

(١/٢)
لقد خلق الله تعالى الذكور والإناث، وحرّم عليهم السفاح، وأباح لهم النكاح، وجعله ميثاقا غليظا، فقيّده بشروط وضوابط، وأعطى لكلا الزوجين حقوقا، وألزمهم بواجبات، هي للبيت بمثابة الأوتاد، فإذا ما ضيعها أحدهما أو حاد، خر عليهما السقف أو كاد.

وقد أُعطيت الزوجة في الإسلام حقوقا مهمة قُدّمت حتى على الانشغال المفرط في نوافل العبادات الكثيرة، غير أن بعض الرجال اليوم هم من المقصرين والمفرطين في جنب زوجاتهم، والحجة هي العمل وكثرة المسؤوليات الموكلة إليهم، وإننا وإن كنا نقر بانشغال بعضهم، إلا أن ذلك ليس عذرا لهم أمام الله تعالى إن هو سألهم عن حقوق الزوجات وما جاء في عشرة النساء.

وهذا نبينا -صلى الله عليه وسلم- ومع عظم الأمانة التي حملها، وكبر الرسالة التي كُلّف بتبليغها لأهل الأرض قاطبة، إلا أن ذلك لم يجعله يفرّط في حقوق زوجاته، أو يقصّر في تأدية ما عليه من واجبات تجاههن.

فعن عون ابن أبي جحيفة عن أبيه قال: «آخى النبي -صلى الله عليه وسلم- بين سلمان وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة، فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا؛ فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما، فقال: كل؛ قال: فإني صائم؛ قال: ما أنا بآكل حتى تأكل؛ فأكل، فلما كان الليل، ذهب أبو الدرداء يقوم، فقال: نم؛ فنام، ثم ذهب يقوم فقال: نم؛ فلما كان من آخر الليل، قال سلمان: قم الآن فصليا؛ فقال له سلمان: إن لربك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه؛ فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكر ذلك له، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: (صدق سلمان)» [رواه البخاري].

وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يوفّر من وقته ما يجلس فيه مع زوجاته، بل لا يضيع فرصة تسنح له يدخل فيها السرور على قلب زوجته، فها هم الأحباش يلعبون بحرابهم في المسجد، وعائشة أم المؤمنين تنظر إلى لعبهم، والنبي لا يتذمر من فعلها، ولا يزجرها، ولا يستعجلها لتنتهي، حتى تسأم هي فتقعد! والحديث في صحيح البخاري.
بل وأكثر من ذلك، فها هو -صلى الله عليه وسلم- يجد الوقت لإدخال السرور على قلب زوجه حتى في السفر، السفر الذي هو قطعة من العذاب، لما يحصل للمسافر فيه من مشقة وتعب، فعن عائشة -رضي الله عنها- أنها كانت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في سفر قالت: «فسابقته فسبقته على رجلي، فلما حملت اللحم سابقته فسبقني فقال: (هذه بتلك السبقة) [رواه أبو داود]، هكذا كان نبينا المعلم -صلى الله عليه وسلم- وهكذا كان هديه في عشرة النساء.

وبعض الرجال اليوم لا يكاد يدخل بيته ويجلس مع زوجته، حتى يصيبه الملل وكأن جبالا قد رست على صدره، ويشتد به النعاس فلا يكاد يقدر على فتح جفنيه، ولو كان مع صحبه لما كان هذا حاله، بل لربما وجدناه من أشدهم نشاطا، وأكثرهم سردا للقصص والحكايات، فهل قرأ مثل هذا الزوج حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- أو سمعه؟ فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) [رواه الترمذي]، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: «قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم)» [رواه أحمد والترمذي]، قال الشوكاني في شرح الحديثين: «وأحقهم بالاتصاف به هو من كان خير الناس لأهله، فإن الأهل هم الأحقاء بالبِشر وحسن الخلق والإحسان وجلب النفع ودفع الضر، فإذا كان الرجل كذلك فهو خير الناس، وإن كان على العكس من ذلك فهو في الجانب الآخر من الشر، وكثيرا ما يقع الناس في هذه الورطة، فترى الرجل إذا لقي أهله كان أسوأ الناس أخلاقا وأشجعهم نفسا وأقلهم خيرا، وإذا لقي غير الأهل من الأجانب لانت عريكته وانبسطت أخلاقه وجادت نفسه وكثر خيره، ولا شك أن من كان كذلك فهو محروم التوفيق زائغ عن سواء الطريق، نسأل الله السلامة» [نيل الأوطار].

* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 49
الخميس 5 محرم 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

عيد الأضحى شعيرة يجب تعظيمها [2/2] ومن عبادات هذا العيد أيضا، التكبير عقب الصلوات وفي الطريق ...

عيد الأضحى شعيرة يجب تعظيمها
[2/2]

ومن عبادات هذا العيد أيضا، التكبير عقب الصلوات وفي الطريق إلى صلاة العيد، ورفع الصوت بذلك، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «أصحّ الأقوال في التكبير، الذي عليه جمهور السلف والفقهاء من الصحابة والأئمة: أن يكبَّر من فجر يوم عرفة، إلى آخر أيام التشريق، عقب كل صلاة، ويشرع لكل أحد أن يجهر بالتكبير عند الخروج إلى العيد، وهذا باتفاق الأئمة الأربعة» [مجموع الفتاوى].

ومن هذه العبادات أداء صلاة العيد مع الجماعة، ومن سننها تأخيرها يوم الفطر، ليتمكّن المسلمون من أداء زكاة فطرهم، بينما يُسنّ تبكيرها يوم النحر ليتمكّن المسلمون من ذبح أضاحيهم، وكذلك فإنه يسنّ أن يَطعم المسلم قبل الصلاة يوم فطره، ولا يَطعم قبل الصلاة يوم نحره حتى يأكل من ذبيحته بعد الصلاة.

ومن صور تعظيم هذه الأيام أن يترك المرء ما يندب فعله في أيام أخرى من السنة، وهو صيام التطوّع، لأنها أيام أكل وشرب كما وصفها النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله) [رواه مسلم].

ومن صور تعظيم هذا اليوم اجتناب المعاصي والآثام فيه، كالنياحة على الموتى، والتبرّج وحلق اللحى بدعوى التزيّن، واختلاط الرجال بالنساء من غير المحارم والمصافحة بينهم بدعوى تهنئة العيد، والإسراف في المأكل والمشرب والملبس، وشرب الدخان، والدخول إلى أماكن الفسق والمجون، وسماع الأغاني و مشاهدة المسلسلات والأفلام والمسرحيات والبرامج التي فيها ما حرّم الله بدعوى الفرح بالعيد، وقطع الرحم والتهاجر بين المسلمين، وغير ذلك من المعاصي التي يفعلها بعض الناس في هذه الأيام عوضا عن هجر المنكرات فيها تعظيما لشأنها.

وإننا نحمد الله تعالى أن أعاد علينا هذا العيد ونحن في ظل دولة الخلافة، وفي دار الإسلام، حيث يكون الدين كله لله تعالى وحده لا شريك له، وحيث تحكّم شريعته، وتقام حدوده، ويؤمر فيها بالمعروف وينهى عن المنكر، ويعزّ فيها المسلمون، ويخنس المنافقون.

ولكن ما زال في الحلق غصّة من بقاء بيت الله الحرام وما جاوره من الأرض أسيرا بيد المرتدين من طواغيت آل سعود، الذين يمنعون الموحّدين منه كما كان مشركو قريش يفعلون مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام، فيحرمونهم بذلك من أداء فريضة الحج التي افترضها الله على من استطاع إليه سبيلا من المسلمين، وفي الوقت ذاته يفتح أولئك الطواغيت الباب مشرعا أمام إخوانهم المشركين من الرافضة والقبوريين والطواغيت والإخوان المرتدين ليدخلوا المسجد الحرام، وقد أمر الله سبحانه بمنعهم من دخوله بقوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: 28]، وتمتد أياديهم النجسة أيضا إلى مسجد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ليقيموا مجالسهم الشركية في جواره.

فإن كنا حبسَنا وإخواننا العذر عن أداء ما افترضه الله علينا هذا العام من حج بيته الحرام، فإننا واثقون من فتح الله القريب لنا، كما فتح على نبيه -صلى الله عليه وسلم- من قبل، بعد أن صدقه وعده، {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: 27].

ولنطهرنّ مكّة -بإذن الله- من أوثان الطواغيت المتمثلة بمحاكمهم الوضعية الشركية، كما طهرها نبينا -صلى الله عليه وسلم- من أوثان قريش وأصنامهم، وكما طهرها تلاميذ الشيخ محمد بن عبد الوهاب من أوثان الصوفيّة والروافض، وما ذلك على الله بعزيز.

• المصدر: صحيفة النبأ - العدد 46
الثلاثاء 4 ذو الحجة 1437 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

عيد الأضحى شعيرة يجب تعظيمها [1/2] ما هي إلا أيام قليلة ويحلّ علينا يوم النحر (الأضحى)، ذلك ...

عيد الأضحى شعيرة يجب تعظيمها
[1/2]

ما هي إلا أيام قليلة ويحلّ علينا يوم النحر (الأضحى)، ذلك اليوم الذي جعله الله شعيرة من شعائر الإسلام العظيمة، وشرعه الله ميقاتا لعبادة عظيمة من عبادات الإسلام وهي النُسُك، أي نحر الأضاحي تقرّبا لله وحده -سبحانه وتعالى- وجعل أيامه مزامنة للأيام المعدودات التي شرع الله فيهن أداء فريضة الحج على المسلمين، كما أمر المؤمنين أن يتخذوه عيدا لأمّة الإسلام، يفرحون فيه بفضل الله، ويهنّئ بعضهم بعضا فيه، ويتّخذونه لهم شعارا يميّزهم عن أمم الشرك والكفر، فلا يشاركون المشركين أعيادهم ومهرجاناتهم، بل يخالفونهم فيها إلى ما شرعه الله لهم من الأعياد، وهما يوما فطرهم ونحرهم.

وقد دلت الأحاديث الكثيرة على أن اتخاذ هذا اليوم عيدا للمسلمين هو شريعة شرعها الله تعالى، منها حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: «كان لأهل الجاهلية يومان في كل سنة يلعبون فيهما، فلما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم- المدينة قال: (كان لكم يومان تلعبون فيهما وقد أبدلكم الله بهما خيرا منهما: يوم الفطر ويوم الأضحى)» [رواه النسائي، وقال الحاكم: «صحيح على شرط مسلم»، ووافقه الذهبي].

وبذلك يتبيّن أن تعظيم هذا اليوم، واتخاذه عيدا، إنما هو تعظيم لأمر الله تعالى، الذي جعل هذا اليوم خاصّا بأمّة الإسلام، كما قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]، وأن إظهار الفرح والسرور بهذا اليوم أمر مندوب، كما في قول النبي - صلى الله عليه وسلم- لصاحبه أبي بكر الصديق –رضي الله عنه- في قصة الجواري اللواتي كن يغنين عند أم المؤمنين عائشة، رضي الله عنها: (يا أبا بكر، إن لكلّ قومٍ عيدا، وإنّ هذا عيدنا) [رواه البخاري ومسلم]، بخلاف ما يدعو إليه بعض الناس هذه الأيام، ممّن ينهى المسلمين عن اتخاذه عيدا وفرحا بقوله: «لا عيد حتى تتحرّر القدس!»، أو «لا عيد والمسلمون يُقتَّلون في كل مكان!»، وما إلى ذلك من الأقوال المنكرة التي ما أنزل الله بها من سلطان، وما لهم عليها من بينة ولا دليل، بل شابهوا فيها قول الرافضة الذين خالفوا أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بشكر الله -عز وجل- يوم العاشر من محرم على إنجائه موسى -عليه السلام- وقومه من فرعون بالصوم، بأن جعلوه يوم نَوْح ولطم بدعوى أنّه وافق يوم مقتل الحسين بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهما.

ومن صور تعظيم هذا اليوم طاعة الله تعالى فيما أمر به من عبادات مخصوصة به، وعلى رأسها النُسُك وهو نحر الأضاحي قربة لله -عز وجل- فقد قال تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} [الحج: 34]، وقال تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2]، وقال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 162]، لذلك فإن الحرص على أداء هذه العبادة هو حرص على التوحيد، وإظهار له، وصورة من صور البراءة من الطواغيت الذين يذبح المشركون لهم الذبائح تقربا إليهم من دون الله -جل جلاله- وصورة من صور التمايز بين أهل الإيمان وأهل الأوثان ينبغي على الموحّدين إظهارها والحرص عليها.

وقد قال طائفة من الفقهاء بأن هذه العبادة واجبة على كل قادر من المسلمين يأثم بتركها، واتفق من لم يقل بوجوبها على أنها سنّة مؤكّدة عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أما وقتها فبعد صلاة يوم النحر، وطيلة أيام التشريق الثلاث التي تليه، لقول النبي، صلى الله عليه وسلم: (من ذبح قبل الصلاة فليذبح شاةً مكانها، ومن لم يكن ذبح فليذبح على اسم الله) [رواه البخاري ومسلم].

ومن عبادات هذا العيد أيضا، التكبير عقب الصلوات وفي الطريق إلى صلاة العيد، ورفع الصوت بذلك، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «أصحّ الأقوال في التكبير، الذي عليه جمهور السلف والفقهاء من الصحابة والأئمة: أن يكبَّر من فجر يوم عرفة، إلى آخر أيام التشريق، عقب كل صلاة، ويشرع لكل أحد أن يجهر بالتكبير عند الخروج إلى العيد، وهذا باتفاق الأئمة الأربعة» [مجموع الفتاوى].

ومن هذه العبادات أداء صلاة العيد مع الجماعة، ومن سننها تأخيرها يوم الفطر، ليتمكّن المسلمون من أداء زكاة فطرهم، بينما يُسنّ تبكيرها يوم النحر ليتمكّن المسلمون من ذبح أضاحيهم، وكذلك فإنه يسنّ أن يَطعم المسلم قبل الصلاة يوم فطره، ولا يَطعم قبل الصلاة يوم نحره حتى يأكل من ذبيحته بعد الصلاة.

ومن صور تعظيم هذه الأيام أن يترك المرء ما يندب فعله في أيام أخرى من السنة، وهو صيام التطوّع، لأنها أيام أكل وشرب كما وصفها النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله) [رواه مسلم].


• المصدر: صحيفة النبأ - العدد 46
الثلاثاء 4 ذو الحجة 1437 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

القائد الإعلامي لغزوة سبايكر أبو مارية العراقي.. صيَّاد اللقطات... ومبدع الإصدارات [2/2] من ...

القائد الإعلامي لغزوة سبايكر
أبو مارية العراقي..
صيَّاد اللقطات... ومبدع الإصدارات
[2/2]

من آساد معارك بيجي، ومن موثقي ملاحم مصفاتها، التي كان يدخلها جرياً على قدميه مع كادره الإعلامي، رغم محاصرتها من قبل الرافضة وميليشياتهم، ورغم رصاص قناصي الشرك والردة، ورغم الطيران الصليبي الذي لا يفارق سماء المصفى، كان يركض مسافة كيلومترين في أرض مفتوحة وسط انهمار الرصاص، ليصل إلى المجاهدين داخل المصفى، ويخرج بالطريقة ذاتها بعد انتهاء وتوثيق المعارك.

سقف أحلامه وطموحاته كان عاليا جدا، وفي داخله ثقة كبيرة بأنه سيحقق كل ما كان يسعى إلى تحقيقه، كيف لا وهو الذي أحدث فرقاً ونقلة نوعية في الإعلام، بوقوفه على رأس هرم الإعلام العسكري، وأسس لمستقبل إعلامي عسكري على أسس صحيحة ومتينة، فقد وزّع العمل والمهام بشكل ناجح، دون أن يجعل العمل مركزيا أو مرتبطا بشخصه حصرا، كي يضمن عدم توقف العمل بغياب إعلامي أو بمقتل أمير.

كان دائم الإلحاح على أن يحل مكانه أخ آخر يحمل هذه الأمانة الثقيلة، ويتفرغ هو ليكون مصورا في المعارك والغزوات، حيث يجد نفسه هناك في ساحات المعارك، وفي الثغور التي بقي مرتبطا بها رغم التزامه بالتكاليف الكبيرة لعمله الجديد.

يعشق أجواء الجهاد وغبار المعارك ورفقة المقاتلين ولا يطيب له العيش بعيدا عنهم، لهذا تجده دائم الوجود معهم في الغزوات والمعارك، فهو من يقود ملاحمها الإعلامية، ولا يقبل إلا أن يكون في قلب المعارك، مهما كانت شدة وطيسها ووقع أوارها، تجده يزف بشارات النصر دائماً، وتجد العيون كلها تترقب ما يصدر عنه، وتتعالى التكبيرات وهو يزف ما يثلج صدور المؤمنين من أنباء تدمير الدبابات الأمريكية أو صد الهجمات الرافضية، أو تحرشات مرتدي البيشمركة الكردية.

يواصل ليله بنهاره بين تلبية لاحتياجات العمل المكلف به، وطواف على جبهات القتال حتى أعياه التعب، فلا يجد وقتا للاجتماع بجنوده أحيانا إلا بعد منتصف الليل، ولا ينتهي اجتماعه معهم إلا قبيل الفجر، لضيق وقته وكثرة شغله.

وفي ساعة متأخرة من ليلة رحيله ودّع أبو مارية جنوده وداع مفارق...
«قد حانت الساعة، وقريباً قريباً بإذن الله سنلقى الأحبة، والله إني قد اشتقت للقاء الله».

هكذا رددها كلمات أخيرة من قلب استشعر قرب لقاء الله جل في عليائه، وفي صباح اليوم التالي، رغم التعب والإرهاق والإجهاد، توجه إلى الثغور ليطلع على أحوال المعارك وسيرها في أحد القواطع، وفي طريق عودته قصفته طائرة أمريكية صليبية، ليودّع فارس الإعلام مضماراً لطالما خاضه بتعب ونصب نصرة لدين الله وطمعا بما عند مليك مقتدر، ولينتهي فصل من فصول شجاعة فارس من فرسان الدولة الإسلامية، الرجال الذين خضبوا مسيرتهم بالدماء، وطرزوها بالفداء، ومهروا خاتمتها بالأشلاء.

قُتل أبو مارية، وهو ابن سبعة وعشرين ربيعا، قضى نصفها في ساحات الجهاد، مقاتلا، وأسيرا، وطريدا، وفاتحا، وأميرا.

قتل صاحب المروءة الذي كان يشتد غضبه إن علم تقصيراً في حق أسرة أخ قتيل أو أسير أو مرابط، فيسارع بنفسه إلى تلبية احتياجاتهم، حتى أنه شكل لجنة في الإعلام العسكري خاصة بمتابعة شؤون عوائل وأسر القتلى والجرحى والأسارى من الإعلاميين.

رحل الذي كان يكثر من ترديد: «أخاف أن أشق على من يعمل برفقتي فيبتليني الله بأمير يشق عليّ في عملي»، ما جعله لا يعرف للظلم طريقاً، بل كان ينتصف لمن يصاب بظلم، ويسعى لحل كل مشاكل رفاقه، رغم انشغاله الشديد بأمور العمل الإعلامي والعسكري.

رحل الفارس ملتحقا بأشقائه الثلاثة، ممن سبقوه إلى الجنان، بإذن الله تعالى، تاركا فراغا سيجد من يخلفه مشقة كبرى في سده، فنحسبه كان ممن قال فيهم رسول الله ﷺ: (من خير معاش الناس لهم، رجل ممسك عنان فرسه في سبيل الله، يطير على متنه، يبتغي القتل والموت مظانه)، فلله درك يا أبا مارية.

رحلت أبا مارية، يا من تدمع العين لفقدك، وتبكيك المعارك وقت النزال، كيف لا، وأنت الضرغام حين الاحتدام، فنم قرير العين يا جبلاً، فقد خلّفت جيلاً من بعدك لن يناموا على ضيم!

* المصدر
صحيفة النبأ - العدد 45
الثلاثاء 26 ذو القعدة 1437 ه‍ـ

◾ لقراءة القصة كاملة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

القائد الإعلامي لغزوة سبايكر أبو مارية العراقي.. صيَّاد اللقطات... ومبدع ...

القائد الإعلامي لغزوة سبايكر
أبو مارية العراقي..
صيَّاد اللقطات... ومبدع الإصدارات
[1/2]

عباس مزهر عباس الرفيعي أسد مقدام، وخليفة الركب الأول من أعلام الإعلام كميسرة الغريب وناصر الجزراوي وغيرهم من الفرسان الذين تركوا بصمة عميقة في مجال الإعلام، أثخن في الرافضة، ومن قبلهم في الصليبيين، فأوجعهم هنا، وآلمهم هناك، قاتلهم ببندقيته في موضع، وجابههم بكاميرته في مواضع، حتى انتهى به المطاف أميراً للإعلام العسكري في الولايات الشرقية.

سلك طريق الهيجا بسلاحه، فما زاده السير على طريق الموت والقتل والأشلاء إلا ثباتاً، طريق ما هابه، بل كان كثيرا ما يقول لأصحابه مازحا: «من يخشى الموت فلا يرافقني».

أمنيته القتل في سبيل الله، ودعاؤه لنفسه رضى الرحمن، ورجاؤه من ربّه الفوز بالجنان، وكأن الشاعر نطق بلسانه يوم قال:

أَشدُّ على الكتيبة لا أبالي
أحتفي كان فيها أم سِواها
ولي نفس تتوق إلى المعالي
ستتلف أو أبلّغها مناها

تعرفه صحراء (الجلام) درة ولاية صلاح الدين، موطن الأبطال ومصنع الرجال، تلك الأرض التي كانت مُنطلق الفتوحات التي وثّق فارسنا معاركها ومجريات أحداثها وقت العسرة والضيق، يوم كانت تلفح وجوه المجاهدين حرارة الصيف وتمزّق جلودهم برودة الشتاء.

صقلته أيام البلاء تلك، واشتد عوده فيها وازدادت خبرته من تجاربها، ونهل من مشايخ الجهاد الذين صالوا وجالوا على ثراها، كالشيخ أبي المغيرة القحطاني، تقبله الله، فكان بحق نِعمَ القائد ونِعمَ الأمير، متواضعا نصوحا حسن القيادة.

كان تقياً، نصوحا، يوصي إخوانه بالحذر من ذنوب الخلوات ومعاصي الغفلات، حريصا على توجيه إخوانه إلى إخلاص النية لله في العمل، وأن يوافق باطنهُم ظاهرَهم.

يخاف الرياء ويخشى العجب، ويحذّر رفاقه منهما، لدرجة أنه كان لا يُظهر حزامه الناسف الذي لا يفارقه، فيرتديه تحت ملابسه، فيما يخفي مسدسه الشخصي تحت صدريته العسكرية التي لا يكاد يخلعها.

شديد المراقبة لنفسه، فتراه إن سمع ثناءً عليه يقول: أخشى أن آتي يوم القيامة ويقال لي: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا}.

شارك في الفتح ودخل تكريت والدور والعلم وبيجي والصينية متواضعا حامدا لله، لم يغيره النصر والتمكين، بل زاد تواضعا لله رب العالمين.

امتثل لفريضة الجهاد وهو ابن الرابعة عشر من عمره، فدخل سجن الأحداث، ثم المطار، ثم بوكا، وشارك إخوته وأباه زنازينهم، رغم صغر سنه، كان يرفض أن يبتعد عن والده حتى داخل السجن، ليخدمه ويخفف عنه أهوال القيود وعذابات الاعتقال، لكن السجّان الصليبي أبى إلا أن يفرّق بينهما، ويشتت شملهما، مثلما شتت شمل أسرتهم خارج أسوار السجن، فكانت عائلة أبي مارية دائمة التنقل والترحال بين هذه المدينة وتلك، فتارة تجدهم قد استوطنوا الإسحاقي، وتارة سكنوا بلد، وتارة الدور، وتارة الضلوعية، وتارة الكرمة، وتارة أخرى تكريت، فالعلم، حتى انتهى بهم التنقل والترحال في الموصل.

وكان قد اتخذ محلا تجاريا في محطة مدينة (بلد) ليجعل منه نقطة مراقبة لأرتال الصليبيين، حيث يقوم بمهاجمتها بالقنابل الحرارية مع رفاق جهاده، فيُعتقل بسبب ذلك.

قُتل شقيقه أبو أنس وهو يجاهد الصليبيين، فازداد أبو مارية تمسكاً بطريق الجهاد، وكان حينها في بداية شبابه، وقُتل شقيقه الثاني أبو مريم، ذاك الطبيب الذي رفض مغادرة تكريت حينما طوقها وحاصرها الرافضة، وكيف يغادر ويترك مرضاه الذين تجاوز عددهم في مستشفى تكريت مئتي جريح، وهو الجرّاح الذي لا يمكن الاستغناء عنه، فبقي ثابتاً ولم يترك عمله، وحينما أزفت ساعة المواجهة مع الرافضة فجّر عليهم حزامه الناسف، ليكون شهيد العائلة الثاني، فتيقن أبو مارية أكثر بصحة المنهج الذي يسير عليه، هو وعائلته، ثم جاء دور شقيقه الثالث أبي طلحة، ذاك الاقتحامي الذي أدمى الرافضة في سبايكر، وأوجعهم في مواطن عدة وغزوات كثيرة، ليُقتل برفقة الشيخ عمر الشيشاني قبل أسابيع قليلة.

وكان من الذين اثخنوا في الرافضة، وتحديداً في مجزرة سبايكر، فقد كان رائد الغزوة إعلامياً، بل ونفذ بيديه حكم الله في مشركي الرافضة.

أبرز إعلاميي ولاية صلاح الدين، وحازت الإصدارات التي أشرف على إنتاجها -أثناء إمارته للمكتب الإعلامي للولاية- المراتب الأولى في الترتيب العام لإصدارات الدولة الإسلامية، الأمر الذي أهّله فيما بعد ليكون أميرا لقطاع الإعلام العسكري في الولايات الشرقية، فجعل منه خلية نحل لا تعرف الهدوء أو السكون، رغم رفضه الشديد لتكليفه بهذا المنصب.
أنتج أكثر من خمسة وعشرين إصداراً جهادياً، كما كان له شرف المشاركة في عشرات الإصدارات الأخرى. إصدارات كان لها التأثير الكبير في رفع الهمم وتقوية العزائم وإرهاب أعداء الملة والدين، حتى أَلِف الناس ذلك الصوت الخفي من وراء الكاميرا وهو يعلو بالتكبير، ويردّد «ثأرا لأمنا عائشة» فوق جثث الروافض.

* المصدر
صحيفة النبأ - العدد 45
1437 ه‍ـ

◾ لقراءة القصة كاملة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

فتنوع المدعون في الشهود، فقيل: لا تثبت هذه الدعوى إلا ببينة {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ ...

فتنوع المدعون في الشهود، فقيل: لا تثبت هذه الدعوى إلا ببينة {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} فتأخر الخلق كلهم، وثبت أتباع الرسول في أفعاله وأقواله وهديه وأخلاقه، فطولبوا بعدالة البينة، وقيل: لا تقبل العدالة إلا بتزكية {يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ}؛ فتأخر أكثر المدعين للمحبة، وقام المجاهدون.

فقيل لهم: إن نفوس المحبين وأموالهم ليست لهم، فسلموا ما وقع عليه العقد، فإن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة، وعقد التبايع يوجب التسليم من الجانبين، فلما رأى التجار عظمة المشتري وقدر الثمن، وجلالة قدر من جرى عقد التبايع على يديه، ومقدار الكتاب الذي أُثبت فيه هذا العقد، عرفوا أن للسلعة قدرا وشأنا ليس لغيرها من السلع، فرأوا من الخسران البـين والغبن الفاحش أن يبيعوها بثمن بخس دراهم معدودة تذهب لذتها وشهوتها وتبقى تبعتها وحسرتها، فإن فاعل ذلك معدود في جملة السفهاء.

فعقدوا مع المشتري بيعة الرضوان رضى واختيارا من غير ثبوت خيار، وقالوا: والله لا نقيلك ولا نستقيلك، فلما تم العقد وسلموا المبيع، قيل لهم: قد صارت أنفسكم وأموالكم لنا، والآن فقد رددناها عليكم أوفر ما كانت وأضعاف أموالكم {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} لم نبتع منكم نفوسكم وأموالكم طلبا للربح عليكم، بل ليظهر أثر الجود والكرم في قبول المعيب والإعطاء عليه أجلّ الأثمان، ثم جمعنا لكم بين الثمن والمثمن.

تأمل قصة جابر بن عبد الله وقد اشترى منه -صلى الله عليه وسلم- بعيره، ثم وفاه الثمن وزاده، ورد عليه البعير، وكان أبوه قد قتل مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في وقعة أحد، فذكره بهذا الفعل حال أبيه مع الله، وأخبره أن الله أحياه، وكلمه كفاحا وقال: «يا عبدي تمنَّ على».

فسبحان من عظم جوده وكرمه أن يحيط به علم الخلائق، فقد أعطى السلعة وأعطى الثمن ووفق لتكميل العقد، وقبل المبيع على عيبه، وأعاض عليه أجل الأثمان، واشترى عبده من نفسه بماله، وجمع له بين الثمن والمثمن وأثنى عليه، ومدحه بهذا العقد، وهو سبحانه الذي وفقه له، وشاءه منه) انتهى كلامه رحمه الله.

أنفُسٌ هو خلقها وأموالٌ هو رزقها

* المصدر: صحيفة النبأ - العدد 44
الثلاثاء 19 ذو القعدة 1437 ه‍ـ

* تيليغرام:
@wmc111at
...more

بل يكرهون الإسلام وشعائره! في من مزّق الخمار إرضاءً للملاحدة الكفّار [3/3] وهذا ما نشاهده ...

بل يكرهون الإسلام وشعائره!
في من مزّق الخمار إرضاءً للملاحدة الكفّار

[3/3]

وهذا ما نشاهده اليوم في الحرب القائمة بين الدولة الإسلامية والتحالف الصليبي الدولي وأوليائه من المرتدين، إذ يترقب المنافقون نتائج المعارك وما إن تبدو لهم بارقة تقدم للمشركين حتى يخرجوا إليهم، ويظهروا ما في قلوبهم من كره للإسلام وأحكامه وشعائره، لينالوا بذلك رضاهم، ويعلنوا بذلك انتماءهم إليهم وبراءتهم من التوحيد وأهله.

فيكون أوّل ما يفعله المنافقون المجاهرة بالمعاصي التي كانوا ممنوعين من المجاهرة بها من قبل، بل ويظهرون الفرح والسرور بدخولهم تحت طاعة المشركين، فيما تسارع المنافقات إلى خلع الحجاب ثوب الحشمة، بل إنّ منهنّ من لا تكتفي بخلعه، بل تلقي به أرضا لتُهينه أو تحرقه أو تمزّقه، لعلّها تنال بذلك رضا الكفار، بسخط الجبار.
ويخرج أولئك المرتدون على الشاشات والقنوات ليسبّوا الموحّدين من جنود الدولة الإسلامية، ويزعموا أنهم يكرهونهم ولا يكرهون الإسلام، وقد فضحهم الله بما أظهروه من استهزاء بشعائر الإسلام، وإهانة لها، فبان للناس جميعا أنهم إنما يكرهون الإسلام ككل لا جنود الدولة الإسلامية فحسب، وأنهم لم يكرهوا الدولة الإسلامية إلا لأنها تقيم أحكام الإسلام وتعظم شعائره.

فقد قال اللهُ تعالى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]، قال الزجّاج في {شَعَائِرَ اللَّهِ}: «يعني بها جميع متعبداته التي أشعرها الله، أي جعلها أعلاما لنا، وهي كل ما كان من موقف أو مسعى أو ذبح، وإنما قيل: شعائر لكل عَلَم مما تُعُبِّد به؛ لأن قولهم: شعرت به: علِمته، فلهذا سُمِّيت الأعلام التي هي متعبدات الله تعالى شعائر» [تاج العروس].

وإن تعظيم شعائر الله من تعظيم الله -عز وجل- الذي أمر بها، والحجاب الشرعي شعيرة من شعائر الله تعالى الذي لم تأت به الدولة الإسلامية من فراغ، وإنما من كتاب الله -عز وجل- وسنة نبيه، صلى الله عليه وسلم، وكذلك اللحية والثوب القصير وما إلى ذلك من الشعائر وعلامات الهدي الظاهر، التي عظمتها دولة الإسلام وأمرت بها رعاياها من المسلمين.

ومعلوم أن من نواقض الإسلام، من استهزأ بشيء من دين الرسول، صلى الله عليه وسلم، أو ثواب الله، أو عقابه، كَفَر، والدليل قوله تعالى: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ * وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} [التوبة: 64-66].

قال ابن حزم: «فنصّ تعالى على أن الاستهزاء بالله تعالى أو بآياته أو برسول من رسله كفر مخرج عن الإيمان، ولم يقل تعالى في ذلك أني علمت أن في قلوبكم كفرا بل جعلهم كفارا بنفس الاستهزاء» [الفصل].

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله: «فدل على أنهم لم يكونوا عند أنفسهم قد أتوا كفرا، بل ظنوا أن ذلك ليس بكفر، فبين أن الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر، يكفر به صاحبه بعد إيمانه» [مجموع الفتاوى].

وعليه فكل رجل أو امرأة استهزأ أو استهزأت بشيء مما جاء به القرآن أو السنة في حال ظهور الإسلام ودولته فهم كفار مرتدون، فكيف بمن استهزأ بما جاء في الوحيين موالاة وموادة للكفار والملحدين؟!

قال سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، رحمهم الله: «فكيف بأهل البلدان الذين كانوا على الإسلام، فخلعوا ربقته من أعناقهم، وأظهروا لأهل الشرك الموافقة على دينهم، ودخلوا في طاعتهم، وآووهم ونصروهم، وخذلوا أهل التوحيد، واتبعوا غير سبيلهم، وخطّؤوهم، وظهر فيهم سبّهم، وشتمهم، وعيبهم، والاستهزاء بهم، وتسفيه رأيهم في ثباتهم على التوحيد، والصبر عليه، وعلى الجهاد فيه، وعاونوهم على أهل التوحيد طوعا لا كرها، واختيارا لا اضطرارا، فهؤلاء أولى بالكفر والنار من الذين تركوا الهجرة شحا بالوطن، وخوفا من الكفار، وخرجوا في جيشهم مكرهين خائفين» [الدلائل في حكم موالاة أهل الإشراك].
إن الدولة الإسلامية لا يضرها -بإذن الله- لو ارتد من الناس من ارتد، ولكن نسأل الله تعالى أن يمنّ بالفتح على عباده الموحدين فيرجعوا إلى كل أرض انحازوا منها وزيادة، كما منّ عليهم من قبل بذلك، عندئذ يعض المنافقون والمرتدون أصابعهم من الندم على ما أجرموا، فلا يكون مصيرهم إلا بين قتيل وطريد، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 43
لقراءة المقال المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

بل يكرهون الإسلام وشعائره! في من مزّق الخمار إرضاءً للملاحدة الكفّار [2/3] كما بيّن سبحانه أن ...

بل يكرهون الإسلام وشعائره!
في من مزّق الخمار إرضاءً للملاحدة الكفّار

[2/3]
كما بيّن سبحانه أن المنافقين يُخرجون ما في قلوبهم عند اشتداد الفتن، وعندما تشتد الخطوب على المسلمين، فتظهر حقيقة معادنهم، ويتمايزون عن المؤمنين، كما في قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِن جَاءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ * وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ} [العنكبوت: 10-11]، وبيّن أنهم في المعارك الفاصلة بين الإسلام والكفر يترقبون ليروا لمن تكون الغلبة فينضموا إلى صفّه، فإن فتح الله على المؤمنين بقوا على نفاقهم، واستمروا في إظهار الإسلام للمسلمين، وإن كانت الغلبة للمشركين أظهروا حقيقة كفرهم، وكشفوا عن موالاتهم للمشركين وسعيهم لإرضائهم، كما في قوله تعالى: {الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ ضوَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء: 141].

وقال صاحب «توضيح المقاصد شرح الكافية الشافية»: «وكفى بالعبد عمى وخذلانا أن يرى عساكر الإيمان، وجنود السنة والقرآن، وقد لبسوا للحرب لأمته، واعدوا له عدته، وأخذوا مصافهم، ووقفوا مواقفهم، وقد حمي الوطيس، ودارت رحى الحرب، واشتد القتال، وتنادت الأقران النزال النزال، وهو في الملجأ والمغارات والمدخل مع الخوالف كمين، وإذا ساعد القدر وعزم على الخروج قعد على التل مع الناظرين، ينظر لمن الدائرة ليكون إليهم من المتحيزين، ثم يأتيهم وهو يقسم بالله جهد أيمانه أني كنت معكم، وكنت أتمنى أن تكونوا أنتم الغالبين، فحقيق بمن لنفسه عنده قدر وقيمة أن لا يبيعها بأبخس الأثمان، وأن لا يعرضها غدا بين يدي الله ورسوله لمواقف الخزي والهوان، وأن يثبت قدميه في صفوف أهل العلم والإيمان».

وهذا ما نشاهده اليوم في الحرب القائمة بين الدولة الإسلامية والتحالف الصليبي الدولي وأوليائه من المرتدين، إذ يترقب المنافقون نتائج المعارك وما إن تبدو لهم بارقة تقدم للمشركين حتى يخرجوا إليهم، ويظهروا ما في قلوبهم من كره للإسلام وأحكامه وشعائره، لينالوا بذلك رضاهم، ويعلنوا بذلك انتماءهم إليهم وبراءتهم من التوحيد وأهله.

فيكون أوّل ما يفعله المنافقون المجاهرة بالمعاصي التي كانوا ممنوعين من المجاهرة بها من قبل، بل ويظهرون الفرح والسرور بدخولهم تحت طاعة المشركين، فيما تسارع المنافقات إلى خلع الحجاب ثوب الحشمة، بل إنّ منهنّ من لا تكتفي بخلعه، بل تلقي به أرضا لتُهينه أو تحرقه أو تمزّقه، لعلّها تنال بذلك رضا الكفار، بسخط الجبار.
ويخرج أولئك المرتدون على الشاشات والقنوات ليسبّوا الموحّدين من جنود الدولة الإسلامية، ويزعموا أنهم يكرهونهم ولا يكرهون الإسلام، وقد فضحهم الله بما أظهروه من استهزاء بشعائر الإسلام، وإهانة لها، فبان للناس جميعا أنهم إنما يكرهون الإسلام ككل لا جنود الدولة الإسلامية فحسب، وأنهم لم يكرهوا الدولة الإسلامية إلا لأنها تقيم أحكام الإسلام وتعظم شعائره.

فقد قال اللهُ تعالى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]، قال الزجّاج في {شَعَائِرَ اللَّهِ}: «يعني بها جميع متعبداته التي أشعرها الله، أي جعلها أعلاما لنا، وهي كل ما كان من موقف أو مسعى أو ذبح، وإنما قيل: شعائر لكل عَلَم مما تُعُبِّد به؛ لأن قولهم: شعرت به: علِمته، فلهذا سُمِّيت الأعلام التي هي متعبدات الله تعالى شعائر» [تاج العروس].

وإن تعظيم شعائر الله من تعظيم الله -عز وجل- الذي أمر بها، والحجاب الشرعي شعيرة من شعائر الله تعالى الذي لم تأت به الدولة الإسلامية من فراغ، وإنما من كتاب الله -عز وجل- وسنة نبيه، صلى الله عليه وسلم، وكذلك اللحية والثوب القصير وما إلى ذلك من الشعائر وعلامات الهدي الظاهر، التي عظمتها دولة الإسلام وأمرت بها رعاياها من المسلمين.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 43
لقراءة المقال المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

بل يكرهون الإسلام وشعائره! في من مزق الخمار إرضاءً للملاحدة الكفار [1/3] النفاق صورة من صور ...

بل يكرهون الإسلام وشعائره!
في من مزق الخمار إرضاءً للملاحدة الكفار

[1/3]

النفاق صورة من صور الكفر بالله ترتبط عادة بعز المسلمين والتمكين لهم في الأرض، ذلك أن الكفار إذا ظهروا واستعلوا على أهل الإيمان أظهروا كفرهم، وأخرجوا كل ما في قلوبهم من عداء للإسلام وأهله، حتى إذا ما كانت الدولة للمسلمين انقسموا أقساما، فمنهم من يستمر في عناده واستكباره، محاربا بكل ما أوتي من قوة ساعيا إلى تدمير دولة الإسلام، وإبادة المسلمين، كما كان الحال مع مشركي قريش قبل فتح مكة، ومنهم من يستمر على كفره ولكنه لا يقوى على حرب المسلمين فيطلب العهد والأمان -إن أمكنه ذلك- ليأمن بذلك على نفسه وماله وعرضه، ويبقى يترقب زوال دولة الإسلام، وينتظر المدد القادم له من الخارج ليغدر بالمسلمين ويطعنهم من الخلف، أو يرضيه العيش في دار الإسلام رغم بقائه على الكفر لما يجده من أمن وأمان وعدل، كما كان حال اليهود قبل أن ينهي النبي -صلى الله عليه وسلم- وجودهم من المدينة، ومنهم أيضا من يبقى على كفره وكرهه للإسلام، وشرائعه، وشعائره، ولكنه لا يجرؤ على قتال المسلمين أو إعلان العداوة لهم، فيظهر الإسلام، رغم استثقاله لواجباته، من صلاة وزكاة وجهاد وصدقة، فلا يؤديها إلا كارها، ولا يقوم إليها إلا وهو كسلان يرائي الناس، ويمن بها على المسلمين، وهذا من أخطر فئات الكفار عادة، لأنه يعيش بين المسلمين، ويطلع على عوراتهم، وهو في حالة تحفز دائم للغدر بأهله والانقلاب إلى صف أهل الكفر والإشراك.

وقد بين الله تعالى كثيرا من صفات المنافقين في كتابه الكريم، حتى سميت إحدى سور القرآن بسورة «المنافقون» لأنها نزلت فيهم، وسميت أخرى بـ «الفاضحة» لأنها كشفت بواطنهم وبينت أوصافهم لأهل الإيمان، كما بين كثير من الأحاديث الشريفة أفعال المنافقين لتحذير أهل الإيمان من الوقوع في شعب النفاق، فضلا عن الوقوع في النفاق الخالص.

فهؤلاء المنافقون لا يقومون بشعائر الإسلام ولا يلتزمون بأحكامه إلا خوفا ورياءً، ويظنون أنهم بذلك يخدعون المسلمين كما وصفهم الله تعالى: {وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون} [البقرة: 14]، وقوله: {إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون} [المنافقون: 1]، ولكن رغم ذلك فإن الله يفضح ما يخفونه في صدورهم، فقال سبحانه: {أم حسب الذين في قلوبهم مرضٌ أن لن يخرج الله أضغانهم * ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم} [محمد: 29-30]، وبين لأوليائه أنهم يمكنهم الاستدلال على نفاق المنافقين بعلامات كثيرة، أبرزها فلتات ألسنتهم، وكرههم للقيام بشعائر الإسلام الظاهرة، كما في قوله تعالى: {إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلًا} [النساء: 142]، وقوله: {ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون} [التوبة: 54]، وقوله: {ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرمًا ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء والله سميعٌ عليمٌ} [التوبة: 98].

كما بين سبحانه أن المنافقين يخرجون ما في قلوبهم عند اشتداد الفتن، وعندما تشتد الخطوب على المسلمين، فتظهر حقيقة معادنهم، ويتمايزون عن المؤمنين، كما في قوله تعالى: {ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصرٌ من ربك ليقولن إنا كنا معكم أوليس الله بأعلم بما في صدور العالمين * وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين} [العنكبوت: 10-11]، وبين أنهم في المعارك الفاصلة بين الإسلام والكفر يترقبون ليروا لمن تكون الغلبة فينضموا إلى صفه، فإن فتح الله على المؤمنين بقوا على نفاقهم، واستمروا في إظهار الإسلام للمسلمين، وإن كانت الغلبة للمشركين أظهروا حقيقة كفرهم، وكشفوا عن موالاتهم للمشركين وسعيهم لإرضائهم، كما في قوله تعالى: {الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتحٌ من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيبٌ قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فالله يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلًا} [النساء: 141].


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 43
لقراءة المقال المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...more

«الهيئة السورية للإعلام».. إعلام مفحوص أمريكياً! يلعب الجانب الإعلامي دورا بارزا لا يقل أهمية عن ...

«الهيئة السورية للإعلام».. إعلام مفحوص أمريكياً!

يلعب الجانب الإعلامي دورا بارزا لا يقل أهمية عن الجانب العسكري في الحرب الدائرة اليوم بين الدولة الإسلامية وملل الكفر ونحله، فبعد أن أُنشئت الجماعات والفصائل والكتائب العسكرية بتخطيط وتنفيذ ودعم صليبي كـ «لواء الحمزة» و«الفرقة 55» و«الفرقة 99» في ريف حلب الشمالي و«جيش سوريا الجديد» في ولاية الفرات و«الجبهة الجنوبية» في ولاية دمشق، بدأت الحاجة لجناح إعلامي قوي -يوازي الحملة العسكرية ضد الدولة الإسلامية- تظهر بشكل كبير أمام الدول الصليبية الداعمة للصحوات وعلى رأسها أمريكا.


• الحاجة لجناح إعلامي محترف

عمدت المخابرات الصليبية على إنشاء مراكز إعلامية لفصائل صحوات الردة تحت إشرافها ورعايتها المباشرة، وبعد أن شَكّلت الفصائل المفحوصة أمريكيا في حوران والقلمون الشرقي والحَمَاد الشامي ما يسمى «الجبهة الجنوبية» سعيا للقضاء على الدولة الإسلامية والحد من خطرها المتعاظم في تلك المناطق، ودُعمت الفصائل بالسلاح والعتاد والأموال، ودُرَّب عناصرها في معسكرات في الأردن يشرف عليها مدربون أمريكيون، شُكّل جهاز إعلامي تحت مسمى «الهيئة السورية للإعلام» (SMO)، بحيث يكون جناحا إعلاميا لـ «الجبهة الجنوبية» يضاهي إعلام الدولة الإسلامية، ويفبرك ويزور الحقائق، ويطعن بالمجاهدين، ويلصق بهم التهم، بشكل احترافي.

كيف أُنشئت هذه الهيئة؟
ومن الأشخاص القائمون عليها؟
وكيف دُرِّب أعضاؤها؟

أسئلة حصلت (النبأ) على إجاباتها من مصدر أمني خاص، فقد سبق الإعلان عن هذه الهيئة اجتماعات مكثفة بين مسؤولين في المخابرات الأردنية المرتدة والمخابرات الأمريكية الصليبية وكل من المرتد إبراهيم الجباوي العميد السابق في الشرطة النصيرية والمرتد أسعد عوض الزعبي الطيار السابق في سلاح الجو النصيري، المعروفَين بالعلمانية ومعاداة الشريعة، فأوكلت لهما على إثر تلك الاجتماعات المكثفة مهمة إنشاء هذه الهيئة قبل سنتين ونصف من الآن مع عدد من الإعلاميين المفحوصين والمختارين بعناية، من أصحاب التوجه العلماني وممن عرف عنهم الارتزاق بالكلمة والخبر، من أبرزهم المدير التنفيذي للهيئة المرتد محمد الزعبي أبو المجد.

• خبراء إعلام صليبيون لتدريب الصحوات

وكما أشرفت أمريكا على تدريب جنود «الجبهة الجنوبية» المرتدة عسكريا، كان لا بد لها من تدريب إعلامي موازٍ، فأوفدت إلى مدينة عمان -التي باتت غرفة عمليات للمخابرات الصليبية في حربها على الدولة الإسلامية- عددا من كبار مراسيلها الإعلاميين ممن غطوا معارك أفغانستان والعراق إعلاميا، إلى جانب خبراء إعلاميين من إحدى المؤسسات الإعلامية البريطانية، لتدريب أعضاء «الهيئة السورية للإعلام» بعد اختيارهم بدقة والتأكد من توجهاتهم ومعاداتهم للدولة الإسلامية، وقابلية التعاون معهم في حربها.
فسارت الدورات التدريبية كما خُطط لها بعد أن أحيطت بسرية تامة وحماية مباشرة من المخابرات الأردنية المرتدة، وبعد أن انتهوا من الدروس النظرية المكثفة، بدأت الدروس العملية التجريبية، وكشف مهند وهو إعلامي ترك العمل في «الهيئة» وأعلن تبرؤه منها، عن صدمته عندما عرض عليهم الخبير الأمريكي إصدارا للدولة الإسلامية وبدأ يشرح لهم ويحلل كيف صنع المجاهدون مادة إعلامية ناجحة ومؤثرة، وكان هذا أول درس عملي لهم.

• تحضير المتدربين للتعاون مع الصليبيين

لم يكن عرض إصدارات الدولة الإسلامية إلا مرحلة أولية في تهيئة المتدربين نفسيا للتعاون مع الصليبيين والقتال إلى جانبهم ضد الدولة الإسلامية، فقبيل نهاية الدروس العملية بدأت مرحلة جس نبض المتدربين للتعاون المباشر مع القوات الصليبية، إذ بدأ الضباط الأمريكيون يجتمعون مع المتدربين ويناقشونهم طارحين عليهم أسئلة غريبة بالنسبة لهم في ذلك الوقت (قبل سنتين ونصف)، ويقول مهند: «كانوا يسألوننا: هل ستقاتلون معنا عندما ندخل الشام لمساعدتكم؟ وهل تتقبلون فكرة وجود قواعد للقوات الصديقة -يقصدون التحالف الصليبي- في مناطقكم؟ وهل ستؤمّنون الحماية للقوات الأمريكية التي ستساعدكم؟».

كل هذه الأسئلة وغيرها كان من الغريب طرحها في ذلك الوقت، لأن مواجهة النظام النصيري بنظرهم لم تكن تحتاج سوى شحنات من الأسلحة المتطورة وكميات من مضادات الطيران المحمولة على الكتف، فما حاجة دخول الصليبيين؟! وهذا ما طرحه مهند على الضابط الأمريكي، الذي أجابه بأن دخولهم لن يكون لقتال النظام النصيري بل لقتال الدولة الإسلامية التي أذاقهم جنودها المر العلقم في العراق، ساردا لهم قصصا وسيرا عن جحيم الأمريكيين في الأنبار والفلوجة وغيرهما.

ومع تخريج كل دفعة من المتدربين كان كل من الجباوي والزعبي يلتقون بالمتخرجين ويحرضونهم على التركيز على النيل من الدولة الإسلامية وتلميع صورة فصائل صحوات الردة، بالرغم من أن القتال بين الدولة الإسلامية وفصائل الردة في الجنوب لم ينشب بعد، في ذلك الوقت.
...more